مولد ظاهر العمر ونشأته
مولد ظاهر العمر ونشأته
كتب الأستاذ الدكتور خالد محمد صافي حول هذا الموضوع في كتابه " ظاهر العمر الزيداني حاكم الجليل في القرن الثاني عشر ( 1689-1775 م) والذي صدر عن دار المقتبس في بيروت سنة 1439هـ-2018 م
فقال:
اختلفت الروايات حول تاريخ مولد ظاهر العمر، فقال «هيد»: «ليس في ذلك غرابة لأنه حتى الآن (منتصف القرن العشرين) فإن الكثير لا يعرفون سنة ولادتهم لا سيما في أوساط البدو»([1]). وذكر قسطنطين الباشا، ناشر مخطوطة ميخائيل الصباغ حول هذا الاختلاف، بأنه «لا غرابة في هذا الأختلاف إذ لم يكن لظاهر شأن حين مولده للأهتمام به وتقييد تاريخ سنة ميلاده»([2]) ويعتبر ظاهر أصغر أبناء عمر الزيداني([3]). وأرخ المرادي سنة ولادة ظاهر بـ 1106ﻫ/ 1694 ـ 1695م. وذلك بناءً علـى حسابات فلكيـة للقـب ظاهـر([4]). وحسب «فولني» فإن مولده هو سنة 1686م، فقد ذكر أن ظاهراً سنة 1749م كان يبلغ من العمر 63 عاماً([5]).
أما ميخائيل الصباغ فأشار إلى أن مولده كان سنة 1689م على اعتبار أن عمره كان سنة 1701م اثني عشر عاماً([6]). ويتفق الباحث مع كلٍ من توفيق معمر وهيد وأميل توما([7]) بأن سنة ولادته هي سنة 1689م معتمدين أولاً على قول ميخائيل الصباغ، وثانياً على قول عبود الصباغ: إن ظاهراً قتل وهو في الخامسة والثمانين من عمره وحيث أنه قتل سنة 1775م فإن سنة مولده هي 1690م([8]). وبالتالي فإن إعتبار سنة 1689م تاريخاً لولادته هي أقرب إلى الصحة.
وذكر ميخائيل الصباغ أن ظاهراً عندما بلغ من العمر اثنتى عشرة سنة أرسله أبوه عند أحد المشايخ العلماء أسمه عبد القادر الحفناوي ليعلمه قراءة القرآن وبـعض الآداب والكتابـة، وبقـى ظاهـر عنـد الشيخ يتعلـم حتى حفظ القرآن وتعلم الكتابة. وقد أقر بعلمه الشيخ عبد الغفار الشويكي والد الشيخ عبد الحليم الشويكي([9]). إذ حاور ظاهراً أثناء زيارته ونزوله ضيفاً على سعد الأخ الأكبر لظاهر، وبعد المحاورة التي تضمنت أسئلة في حفظ القرآن والشعر والتاريخ قال الشيخ الشويكي لسعد: احرص على أخيك هذا فإنه سيكون له شأن عظيم إن شاء الله([10]). وهذه العبارة الأخيرة ينتاب قولها الشك، إذ تقال عادة في وقت لاحق عمن يشتهر أمرهم.
أخذ ظاهر عند بلوغه ثماني عشرة سنة يخرج للصيد ويعاشر فرسان العرب ويتعلم منهم الفروسية([11]). وذكر «فولني» أن أعداء ظاهر يلفتون الانتباه بأنه في شبابه كان راعياً للجمال، ولكنه يُعلق على ذلك بأن الشيوخ أنفسهم لدى العرب يقودون جمالهم ويعتنون بخيولهم([12]). وأضاف جرجي يني على ذلك «إن الرجل من بيت عريق في الوجاهة والحكم في تلك الديار. وكان لآبائه من قبله الصولة والمكانة في طول فلسطين وعرضها. ولكن هب صدق القائلون بضعة منشأة، فليس من العار بل من الفخر أن ينهض العصامي إلى ذروة السؤدد. وإن صح ما رموه به من سوق الجمال فتلك إحدى خصال العرب ألا تشغلهم الإمارة ببهارجها عن النظر في شؤونهم الخاصة. وليس غريباً أن يكون ظاهر قد اخشوشن في صباه، ولم يسترسل على نعيم الحضارة والترف. ألا تراه كيف ظل ممتعاً بالقوة والحنكة حتى قتل في التسعين من عمره»([13]). وتناول «لوكروا» ذلك بالقول: «وكان خصوم الظاهر يأخذون عليه أنه بدأ حياته كسائق جمال كما كان كثيرون غيره من السوقة والأشراف»([14]).
ويبدو من ذلك أن ظاهراً قد عاش حداثته وشبابه مثل غيره من أولاد مشايخ العرب في ذلك الوقت حيث جمع بين تعلم القراءة والكتابة وبين الاعتناء بأملاك العائلة من الإبل والخيل، وتعلم الفروسية. وهذا ما أكسبه الخشونة ومواجهة صعاب الحياة.
ويجدر القول: إن اسم ظاهر قد حرفه الأهلون لفظاً بإبدال الظاء ضاداً، فصاروا يدعونه ضاهر العمر، جرياً على المألوف من العادة العربية([15]). كذلك من عادات أهل الشام أن يضيفوا اسم الابن للأب فقيل له ظاهر العمر بالظاء المعجمة. كذلك اشتهر عن البعض خطأً بطاهر (بالطاء المهملة)([16]).