جاري التحميل

أسباب تحالف بريطانيا مع الشريف حسين وأولاده

أسباب تحالف بريطانيا مع الشريف حسين وأولاده

كتبت الكاتبة الفلسطنية (أريج أحمد القططي حول هذا الموضوع في كتابها (فلسطين في مجلة المنار الصادرة في مصر (1898-1940)  ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت  سنة (1439هـ - 2018م)

فقالت:

أوضح صاحب المنار أن تفاقم المشكلات الاقتصادية والسياسية والاستعمارية والاجتماعية على بريطانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وإعيائها دون حل هذه المشـكلات قد اضطـرها إلى ترك جزيرة العرب لأمرائهـا مع اصطنـاع ما أمكن اصطناعه منهم، والتمهيـد للتدخل الاقتصـادي والفنـي بالتدريج ثم الاستعانة بأوليائها ـ ملك الحجاز وأولاده ـ في سورية وفلسطين والعراق، والغرض الأول من هذه السياسة والإدارة المؤقتة:

1 ـ تخفيف النفقات عن كاهل دافعي الضرائب في بريطانيا إلى أن تنحل عُقد المشكلات وتؤسس وسائل القوة في داخلية البلاد العربية بأقل ما يمكن من النفقة. 

2 ـ قطع المدد عن أهل فلسطين من قبل عرب شرق الأردن، ومنع مساعدتهم لأهلها على اليهود الصهيونيين.

3 ـ إخضـاع العراق والاستعانة بحكومتـه على مقاومة الترك من مسلمي الشرق وبولشفيك الروس إذا أصروا على تنفيذ فكرة الجامعة الإسلامية ومقاومة الاستعمار الإنجليزي، ولهذا يقول رشيد رضا أنه بلغه أن الإنجليز أعادوا الراتب الشهري لملك الحجاز بعد دعوة ولده فيصـل الأخيرة إلى لندن فجعلوه 18 ألف جنيه([1]).

يتضح مما سبق أن المجلة لم تكتفِ بسرد الأحداث، ولكنها حاولت تحليلها، وذكر أسبابها، وتوضيح شبكة المصالح المشتركة بين الأطراف المتعددة، وأوضح رشيد رضا في بداية مقاله «الحقائق الجلية في المسألة العربية مقال للعبرة والتاريخ» والذي وصل عدد صفحاته إلى (40) صفحة، أنه كتبه في سنة 1916م، ولكن لم يتيسر نشره إلا بعد سنة، فنشر في الجزء الأول من المجلد العشرين، ولكن بعد أن حذفت بعضه رقابة المطبوعات التي يسيطر عليها الإنجليز، وكانت ـ كما نوَّه رضا ـ تتشـدد في مراقبـة المنار أكثر من غيرها من الصـحف؛ لأنها أكثر تأثيرًا في نفوس المسلمين، وأشار إلى أنه راعى في هذه المقالة الظروف السياسية، فسكت عن بعض الحقائق وبيَّن بعضها تصريحًا، وبعضها بالإيماء، ولكنه أعاد نشر هذا المقال بعد إلغاءالمراقبة على الصحف في المجلد 22، عدد يونيو 1921م.

وتابعت المجلة تحليلها لزيارة الشريف حسين في شتاء سنة 1923م إلى أطراف سورية، والتي أثارت استغراب بعض الناس، رغم أن الدول الاستعمارية نقضت وعدهـا لـه بعـد تمكنهم من البلاد، واستنتج في مقـال «ملك الحجـاز في أطراف سورية» أسباب الزيارة وهي:

1 ـ إن مقتضـى ما سماه السيد حسين بن علي (مقررات النهضة) التي هي أساس ثورته وحربه للدولة العثمانية مع الحلفاء، هي أن تؤسس له الدولة البريطانية تحت حمايتها مملكة عربية، لكن بريطانيا نفذت ما تريده في المنطقة، ثم استغنت عن خدمات الشريف حسين، دون أن تحقق مـا وعدته بـه، فظـل يلح عليهـا، وظل الفلسطينيون يرسلون الوفود إلى لندن سعيًا لإلغاء وعد بلفور، وتأليف حكومـة عربية، ويحتج كل منهما بمقررات النهضة المذكورة([2]).

2 ـ حاولت بريطانيا إسكات السيد حسين والفلسطينيين بشـيء يرضيهما مظهره، إلى أن تستقر سلطتهـا العسكرية، فلم توفق لذلك، فإن المعاهدة الأخيرة التي حملها إليها ناجي الأصيل قد رفضها الفلسطينيون، ولم يقدر على إقناعهم بها، ولولا ما له من اليد البيضاء عند بعض زعمائهم، وما يعلمه من حرص الإنجليز على إرضـائهم بشكل من أشكال الإدارة، مع بقاء الانتداب ووعد بلفور، لانقطعت الصلة بينه وبينهم، ولكن ما ذكر ألجأه إلى الإمساك عن التوقيع النهائي على المعاهدة، أو يرضى أهل فلسطين بها، فأعرضت عنه بريطانيا، ففهم أنها تعتقد أنه لم يبق له من النفوذ في البلاد العربية ما يمكنه من أداء أي خدمة لها([3]).

3 ـ علمت هذه الحكومـة أن سلطـان نجد (ابن سعود) وقف حائلًا دون تغلغل بريطانيا في جزيرة العرب، فاغتنم السيد حسين هذه الفرصة، للاتفاق مع الإنجليز على تعاون ولديه عبد الله وفيصل لجمع قوات البلاد، التي يرأسونها؛ لمناوأة ابن سعود باسم الوحدة العربية، في مقابل بذل نفوذه هو لدى بعض رجال اللجنة التنفيذية لمؤتمر فلسطين، بالرضا بالانتداب البريطاني، بعد أن تسمى حكومة فلسطين وطنية، ينتظم في سلكها بعض الزعماء، وتعطى حق الانتظـام في الوحدة العربية المبهمة، ويلطف تنفيذ وعد بلفور بألفاظ مرضية، وتقييد مؤقت للهجرة الصهيونية، لأجل هذا أنفق السيد حسين ألوف الجنيهات للتمهيد لهذه الزيارة([4]).

 



([1])    مجلة المنار، مج22، ص473.

([2])    مجلة المنار، مج25، ص79. يناير 1924م. مقال «ملك الحجاز في أطراف سورية».

([3])    مجلة المنار، مج25، ص79.

([4])    مجلة المنار، مج25، ص80.

الموضوعات