جاري التحميل

المسألة العربية بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى

المسألة العربية بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى

كتبت الكاتبة الفلسطنية (أريج أحمد القططي حول هذا الموضوع في كتابها (فلسطين في مجلة المنار الصادرة في مصر (1898-1940)  ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت  سنة (1439هـ - 2018م)

فقالت:

قدم رشيد رضا إيجازًا لما حدث قبل وأثناء وبعد الحرب العالمية الأولى، بداية من أعمال الحلفاء وتمهيدهم السبل لاستعمار البلاد العربية في أثناء الحرب التي كانوا يخافون فيها الهزيمة، لذلك كانوا يحاولون إقرار أهل البلاد إياهم ومساعدتهم لهم على استعبادهم مع الشكر لهم على ذلك؛ لأنهم سموه تحريرًا للبلاد من ظلم الترك،وما كان الترك مستعبدين للناس ولا سالبين لشيء من أملاكهم ولا حريتهم، بل هم في كل ذلك أوسع حرية ورحمة من جميع الحلفاء في مستعمراتهم، ولولا فظائع بغاة الاتحاديين الأخيرة، وعدم قيام الأتراك بترقيـة وإعمار البلاد العربية بالعلوم والفنون لما كان للأتراك ذنوب بحق العرب([1]).

وقد نشرت الجرائد العربية في سوريـة ومصـر وأمريكا الشمالية والجنوبية الشيء الكثير مما كان من أمر المحتلين قبل الشروع في تنفيـذ اتفـاق سنة 1916م وبعده، ولا سيما الثورات والقتال في كل من سورية وفلسطين، وإعلان المؤتمرين السوري والعراقي لاستقلال القطرين، وجعل فيصل ملكًا على سورية، واختيار أخيه عبد الله ملكًا للعراق، وما كان من زحف الجنرال غورو([2]) على دمشق وإخراجه لفيصل منها، ثم حدوث الثورة الكبرى في العراق، واضطرار إنجلترا إلى العدول عن جعل العراق تابعة للهند الإنجليزية، وإعلانها العزم على تأسيس دولة عربية بريطانيـة في بغداد، وترشيحـهم الشريف فيصـل ملكـًا للعراق وبث الدعوة له، وتأليف حكومة جديدة في شرق الأردن تابعة لحكومة القدس الصهيونية الإنجليزية، وجعل الأمير عبد الله أميرًا عليها([3]).

ويتفاخر صاحب المنار أنه كان صـاحب السبق في إنذار العرب من التآمر الإنجليزي الفرنسي مع الشريف حسين وأولاده أثناء الحرب العالمية الأولى فيقول: «وسنزيده هنا بيانًا وتحقيقًا لم نسبق إلى مثله فيما نعلم، ونحمد الله أنه كسابقه حجة بيِّنة على أننا كنا على الحق فيما كنا نصرح به في أثناء الحرب وبعدها، من اتفاق الحلفاءالإنجليز والفرنسي بمساعدة الشريفين على استعمار بلادنا السورية والعراقية على ما بينهم من التنازع والخلاف السري والعلني في ذلك، وقد انفردنا بالسبق إلى معرفةذلك والمجاهرة به والتعرض بذلك للخطر»([4]).

ويكشف صـاحب المنار أنه أرسل أكثر من رسالة ومذكرة لرئيس الوزراء البريطاني لويد جورج ناصحًا له كما كان ينصح رجال الإنجليز في مصر، وبيَّن له في آخر مذكرة أرسلها أن إنجلترا ستكون المغبونة باقتسام العالم الإسلامي بين الحلفاء بعداوة الشرق، وحسد الغرب لها، وأن عداوة أكثر من ثلاثمائة مليون مسلم احتقارًالهم بضعفهم، ليس من الحكمـة وأنهم سيكوِّنون به اتحادًا إسلاميًّا يساعدهم فيه الروس والألمان، ويكون خصمًا لهم، وإن الخير لأمتهم في تأسيس الصداقة بينها وبين المسلمين باستقلال الشعوب العربية جميعًا([5]).

كما أنه قـدَّم النصـيحة لرجال فرنسـا في بيروت بمثـل ذلك، وذكر لهم أن السوريين لا يطلبون منهم إلا استقلال سورية وربح صداقة الأمة العربية كلها بذلكواتقاء عداوتها، ومنه أن سورية لا تسلم لهم في المستقبـل، ويقول رشيد رضا أنه تلقى ردًا من روبير دوكيـه سكرتير الجنرال غورو: إن هذا الرأي جيد وهو ممكن وليس خيالي، ولكنه يحتاج إلى تمحيص وتفصيل بين عقلاء الفريقين بكثرة البحث، ولا سيما في طريقة تنفيذه في الحاضر([6]).

 



([1])    مجلة المنار، مج22، ص462.

([2])   الجنرال هنري غورو: ولد في 17 نوفمبر 1867م في باريس انضم الى التدريبات العسكرية في 1888م، ارسل لقيادة الجيوش الفرنسية في سورية ولبنان، توفي في 16 سبتمبر 1946م. 

            Tucker, Spencer: The European Powers in the First World War: An Encyclopedia, Routledge, 2013, P310.

([3])    مجلة المنار، مج22، ص462 ـ 463.

([4])    مجلة المنار، مج22، ص463.

([5])    مجلة المنار، مج22، ص463.

([6])    مجلة المنار، مج22، ص464.

الموضوعات