معالجة مجلة المنار للأوضاع الاجتماعية والدينية والتعليمية والعمرانية في فلسطين

كتبت الكاتبة الفلسطنية (أريج أحمد القططي حول هذا الموضوع في كتابها (فلسطين في مجلة المنار الصادرة في مصر (1898-1940)  ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت – سنة (1439هـ - 2018م)

فقالت:

* أولًا ـ الأوضاع الاجتماعية:

ـ الزواج والطلاق عند أعراب فلسطين في بئر السبع:

ورد سؤال من الشيخ حافظ البطة([1]) يستفتي الشيخ رشيد رضا عن صحة عقد النكاح وصيغة الطلاق عند أهل بئر السبع، فقال الشيخ البطة: «إن طريقة عقد النكاح عند الأعراب في قضاء بئر السبع هي أن يخطب الرجل المرأة التي يريدها إلى أهلها، وبعد الاتفاق على السياق يأخذ ولي أمر المرأة عودًا ويناوله الخاطب قائلًا له: هاك قصلة فلانة (ويسميها) بسنة الله وسنة رسوله، فيأخذ الخاطب العود، فيصير هذا عقدًا صحيحًا في عادتهم ثم تقيم معه إقامة الأزواج([2]).

وإذا أراد رجل من الأعراب المذكورين أن يطلق زوجة قال لها: كفيل فراقك فلان ويسميه، وهذا عندهم طلاق بائن([3])؛ ولذلك تتزوج بعد ذلك بمن تشاء فلا يعارضها زوجها الأول. فهل هذا يعد طلاقًا؟ كتبت هذا والناس عندنا ينتظرون فتواكم الشافية؛ لأن هذه مسائل واقعة بكثرة في هذه النواحي([4]).

وأجاب رشيد رضا أن العبرة في العقود كلها وفي حل عقود الزواج، والطلاق ما يتعارف عليه الناس فيما بينهم، ويعد إيجابًا وقبولًا في عرفهم، لا بألفاظ لا يفهمونها بلغتهم ولا عرفهم، والألفاظ التي اعتمدها الفقهاء في صحة العقود أو وقوع الطلاق ليست تعبدية وإنما وجد الأئمة أهل اللغة يستعملونها فيها فبنوا أحكامهم عليها([5]). 

ـ حجاب النساء في فلسطين:

ضرب رشيـد رضـا المثل في نساء فلسطين عن التزامهن بالحجـاب وعدم التجول في الأسواق في العصر العثماني، وذلك في إطار رده على منتقدي كتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين فقال رشيد رضا: «ففي نابلس والقدس وبلاد أخرى من سورية وفلسطين لا تكاد ترى امرأة مسلمة في السوق إلا نادرًا»([6]).

وهذا ما أيده محمد رفيق التميمي في رحلته إلى نابلس فقال أن النساء «يعشن بصورة يحزن لها القلب، فخروج النسوة إلى الأزقة من الممنوعات»، وحتـى نساء المسيحيين فإنهن «يحتجبن حين مرورهن في الأسواق، ولا يرضى النابلسيون بأن يخرج نساء سائر العناصر مكشوفات ما لم يكنَّ أجنبيات»([7]).

ـ ازدياد البطالة بعد الاحتلال البريطاني:

كتب حسني عبـد الهادي في أكتوبر سنة 1921م: دعاني إلى ترجمة الكتاب (من الخرافات إلى الحقيقـة) الذي ألفـه من قبل (م. شمس الدين) باللغة التركية ـ داعيان مستقلان: 1 ـ قلة الأشغال. 2 ـالألم الذي يستولي عليَّ حينما أرى حالة أمة محمد صلى الله عليه وسلم كأنها تدين بدين غير الإسلام. أما قلة الأشغال: فإنه منذ زالت الحكومة الإسلامية إلى الآن من هذه البلاد (فلسطين) نزعت الوظائف السياسية والإدارية من يدنا معشر الشببة المتعلمين من المسلمين، إلى النصارى ثم إلى اليهود، وبقينا بغير أعمال، فاشتغل بعضنـا بالتجـارة وبعضنا بغيرهـا واشتغل هذا العاجز بالترجمـة والتأليف، هذا هو الداعي الأول([8]).

* ثانيًا ـ الأوضاع الدينية:

ـ الطرق الصوفية في فلسطين:

ورد سؤال من السيد رجب برزق من سكان يافا، عن الحقوق المطلوبة للعبد للحق عز وجل، وسؤال آخر عن الطريقة الشاذلية إحدى الطرق الصوفية، ويقول السائل أن الذي جعله يمتنـع عن دخولها هو كلام الناس الذين يتهمونها بأفعال لا تقبله المسامع.

وقد تأخر رشيد رضا عن الإجابة لأنه كان يريد كتابة خلاصة تاريخية عن الطريقة وفروعها، ولا سيما الفرع الذي في فلسطين بدعوى الحلول والجمع بين النساء والرجـال في الأذكار والخلوات وغيرهـا من المنكرات. وحذَّر السائل من الانخراط في هذه الطريقة قائلًا: «والذي ننصح به للسائل عن الطريقة الشاذلية أن يتجنبها ويتجنب أمثالها»، «فعليك أيها المسلم أن لا تقرب أحدًا منهم، وإن لبعض من تفقه من شيوخهم فائدة في إرشاد العوام إلى الصلاة وذكر الله، وإن كان بعضه مبتـدع كالذكر بالأسماء المفردة، وهو هو، وآه آه، وعليك بتلاوة القرآن والأذكار والأوراد المأثورة في السنة الصحيحة([9]).

ـ إحياء ليلة النصف من شعبان:

ورد سؤال للمنار من يوسف محمود الشريف من مجدل عسقلان يسأله عن حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، ومما قاله السائل: «لقد جرت عادة الناس في هذا البلد بإحياء ليلة النصف من شعبان في كل سنة قبل صلاة العشاء في المسجد وإنهم يدعون الله (عز شأنه) بصيغة دعاء نصف شعبان التي من جملتها: (اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيًّا أو أو ...إلخ فامح اللهم بفضلك من أم الكتاب شقاوتي ...إلخ؛ وذلك بعد صلاة ركعتين بنية طول العمر وغيرها، وقراءة سورة يس ويكررون العمل ثلاثًا، فهل ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أو هو بدعة؟ ومما قاله رشيد رضا في إجابته عن هذا السؤال أن كل هذه المذكورات من البدع التي لا تَخْفَـى علـى من لـه أدنى إلمـام بديـن الإسـلام، والسـكوت عن الإنكـار على مرتكبيها حرام([10]).

ـ زيارة القبور ومقام الحسين([11]) رضي الله عنه بعسقلان:

ومن العادات التي سأل عنها السائل من المجدل زيارة مقام الحسين رضي الله عنه، وما يرافقها من طقوس للصوفية، منها أن الصوفية المبتدعة أحدثوا (علمًا) جعلوه للحسين رضي الله عنه، واحتفلوا به في شوارع المدينة، واختلطت النساء بالرجال رافعات أصواتهن بالغناء، وصار الناس يتمسحون بالعلم للتبرك، وترك غالب المحتفلين الصلوات لهوًا بهذا العلم، وزار الناس (سيدنا الحسين) في مقامه بجهة عسقلان، وأهل الطرق (الدراويش) منهم يطبلون، ويضرب بعضهم بعضًا بالسيوف إظهارًا لما لهم (بزعمهم) من الكرامات. ويقول السائل أن بعض المنتسبين (للعلم) يستدلون بهذه الأفعال أنها للتودد لآل البيت، واستدلوا على هذا بآية ﴿ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ﴾[الشورى: 23] ويسأل السائل: هل ذلك من المحـدثات المنكرة والبدع المنهي عنها؟

وقد أجاب رشيد رضا: «هذه البدع القبيحة التي شوهت الإسلام في نظر الأجانب والمستقلين من المسلمين الذين يصدقون أنها منه، ولا سيما تأويل من جعل لها أصلًا من كتاب الله بتحريف آية المودة في القربى تبعًا للروافض»([12]).

ومن القبور التي كان يزورها أهل فلسطين قبر النبي يوسف في جامع الخليل، اعتقادًا منهم أنه مدفون هناك بحسب روايـة حديث النبـي صلى الله عليه وسلم «أن موسى عليه السلام استخرج عظام يوسف من قبره بأمر من الله قبل خروجه من مصر: «إنك عند قبر يوسف فاحمل عظامه معك»([13]).

ـ الجمعيات التبشيرية المسيحية في فلسطين:

في إطار ما كتبه عجاج نويهض في مقالته «هل هذه النهضة خاضعة لسلطان العلم» تنـاول نويهض ازدياد شـدة الهجمـة التي يقـوم بها المبشـرون على الأمـة الإسـلامية، ويظهـر ذلك جليًا في كتبهـم ومنها كتـاب (العالم الإسلامي اليوم) (The Moslim World Of Today)، وهـو كتـاب ضخـم جمـع ثلاثًا وعشرين مقالة لأشهر الكُتاب التبشيريين، وقد جمع هذا الكتاب ووضع له مقدمـة وخاتمة الدكتور موط رئيس (المجلس التبشيري الدولي) ورئيس المؤتمر التبشيري العالمي الذي عُقد على جبل الزيتون في القدس سنة 1925م، وفي نهايـة الكتـاب مقررات المؤتمر التـي كانت سرية([14]).

وكان في فلسطين عدد من الجمعيات التبشيريـة العاملة، فكانت الجمعيـة التبشيرية الكنسية S. M. C والتي تبذل الجهـود للوصـول إلى الأهالي المسلمين، وقد كان للجمعيـة قبل الحرب العالميـة (1914 ـ 1918) سبعـة مراكـز كبيرة، وبعد الحرب استؤنف العمل في غزة، بناء على طلب السلطة العسكرية البريطانية، وفي القدس والناصرة والسـلط ويافا ونابلس، وبلغ عدد الموظفين المسلمين 42 موظفًا، منهم الأطباء والممرضات، وقد صـرح نويهض بخطرها في مقالته عندما ذكر أن سكرتيرها التعليمي (نت ثيودور)([15])  أصدر كتابًا بعنوان (سيرة الإسلام) (The Story of Islam) قال في مقدمتـه «مقـدم إلى طلاب المدارس العامـة في بلاد الإنجليز، الذين عليهم أن يقوموا إلى الآن بالدور المتعين عليهم القيام به في تبديل مستقبل سيرة الإسلام»([16]).

ويظهر أن المحـاولات التي قام بها الإنجليز لتنصير سكان فلسطين باءت بالفشل، ويحدثنا رفيق التميمي في رحلته إلى نابلس أنه كان بها مستشفى إنجليزي وآخر وطني، وبفضل جهود الأطباء المسلمين في معالجة المرضى «أصبحت مساعي الإنجليز وتبشيراتهم عقيمة... وترى الجميع معتقدين بانتظام المستشفى الوطني واقتدار طبيبه فيرجعون إليه في معالجة أمراضهم بلا تردد»([17]).

وكان داخل مستشفـى غزة مدرسـة للتنصير، وقد لجأ المنصرون منذ بداية سنة 1920م لاستغلال حالات المرض والفقر، لتحقيق أهدافهم التنصيرية، وقد حاول أحد الأطباء استخدام مختلف الوسائل الدنيئة، لإجبار بعض الفتيان المسلمين على اعتناق النصرانية بمساعدة الممرضات، وتسبب ذلك باستثارة مشاعر أهالي غزة، وزاد من استثارة الأهالي ما قام به مؤتمر التنصير الذي عقد في فلسطين سنة 1928م من طعن على الإسلام، الأمر الذي هيَّج الرأي العام فقامت الجمعيات الإسلامية ـ المسيحية الفلسطينية باستنكار أفعال ذلك المؤتمر، كما تجمع نحو عشرة آلاف مواطن غزي في المسجد العمري الكبير بعد صلاة الجمعة، وخرجوا بمسيرة حاشدة في 20 أبريل سنة 1928م، ثم اتفقوا على تقديم احتجاجهم للحكومة البريطانية على دعمها للمؤتمر، فرفضت الحكومة قبول ذلك الاعتراض، وهاجمت المتظاهرين بإطلاق النار عليهم، كما حُجز حوالي مائة شخص في مبنى الحكومة (السراي)([18]).

وهذه المقالة التي نشرتها المنار هي جزء من مقالاتها التي تستهدف محاربـة دعاة مناهضة الإسلام، كالمبشرين، والماسونيين، والملحدين، ودعاة التفرنج.

* ثالثًا ـ الأوضاع التعليمية:

ـ التعليم في العهد العثماني:

يذكر رشيـد رضـا أن أواخر العهـد العثـماني شهد عدم اهتـمام من الدولة بالتعليم، خاصة تعليم اللغة العربية، «فالدولة العثمانية كانت سبب ضعف اللغة العربية بجهلها لا تعمدًا منها، إذ لم تكن دولة علم وحضارة، بل دولة حرب وقوة، ويحاول كثير من ساستها أن يحيوا لغتهم؛ ويجعلوها اللغة الطبيعية للشعوب العثمانية كلها، ورأى كثير منهم أن اللغة العربية هي العقبة الكؤود في طريقهم، ولهذه السياسة المبنية على العصبية التركية، يمنع بعض حكام الترك العرب من إنشاء المدارس في بلادهم؛ كما فعل متصرف نابلس في منع وجهائها من إنشاء مدرسة فيها؛ وحجته في ذلك أنهم يحيون اللغة العربية فتضعف اللغة التركية عندهم، وانتقد ما فعلوه فيالمحاكم ومصالح الحكومة في الولايات العربية من جعلها باللغة التركية»([19]).

ـ التعليم في الخارج بعد الاحتلال البريطاني:

ازداد عدد الطلاب الفلسطينيين الذين سافروا لإكمال تعليمهم في الخارج، فقد ذكر شكيب أرسلان أنه في سنة 1922م كانت المعيشة في ألمانيا في غاية الرخص، فكان طالب العلم في إحدى الكليات يقدر أن يعيش بنحو جنيهين أو ثلاثة في الشهر، لذا قام بانتهاز الفرصة لتذكير أبنـاء وطنه في سورية وفلسطين باستغلال الفرصة لإرسال أولادهم ليتعلموا في ألمانيا ـ خاصة من يعتذرون عن تقصيرهم في تعليم أولادهم بقلة ذات اليد ـ وأكد أرسلان أنه سيتاح لهؤلاء الطلبة تعليمًا عصريًا بأقلالتكاليف، ونشر ذلك في جريدة الصباح التـي كانت تصدر في القدس الشريف. وعلى إثر ذلك أقبل نحو أربعين طالبًا عربيًا لطلب العلم في الجامعات الألمانية في (برلين، ولايبسيغ وكونستانز وغيرها)، وقام الأمير شكيب أرسلان بتأليف لجنة خاصة للإجابة عن استفسارات الطلبة([20]).

وقد استفتي أحد أعيان فلسطين القاطنين في ألمانيا الأمير شكيب أرسلان في أمر تعليم أبنائه، وهما صبي في الثامنة من العمر، وفتاة قد بلغت الثانية عشرة، هل يتركهما يكملان التحصيل في ألمانيا أم يسحبهما إلى الوطن. وقد أجابه شكيب أرسلان أن الولد يمكنه أن يتم تعليمه هناك بشرط أن يتعلم اللغة العربية، أما البنت فيمكنه أن يسحبها من ألمانيا لتكمل تعليمها في القدس، وأكد له أنه يوجد في القدس علومتكفي ابنته وتُرضي طموحها([21]).

* رابعًا ـ النواحي العمرانية والصحية:

ـ إعمار المسجد الأقصى:

منذ تسلم المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في فلسطين زمام إدارة الأوقاف والمحاكم الشرعية الإسلامية عام 1340ﻫ ـ1922م وضع نصب عينيه الشروع في تعمير الحرم القدسي الشريف المشتمل على المسجد الأقصى وقبة الصخرة الشريفة، وما يتبعها من أبنية أثرية؛ لأن هذه الآثار القيمة قد أحاطها البلى، فتصدع بعضها، وتآكل بعض آخر من عوالم الجو، حتى كاد معظمها يشرف على الاندثار؛ لأن هذه الأبنية النفيسة لم تتناولها يد الإصلاح منذ أجيال عديدة، وجُلُّ ما كان يجري فيها ترميم سطحي لا أثر للمتانة ولا للفن فيه([22]).

فكَّر المجلس في تسليم إدارته الفنية إلى المهندس القدير كمال الدين بك، وهو أشهر المهندسين المتخصصين في المباني الإسلامية، فاستدعاه من مقره في الآستانة ففحص هذه الأبنية فحصًا فنيًّا دقيقًا، وقرَّر أن مشروع التعمير يحتاج إلى ما لا يقل عن 150 ألفًا، على أن يقوم بالعمل هيئة فنية مؤلفة من عدد من المهندسين برئاسته،واصطحب ثلاثة ممن يعتمد عليهم من المهندسين القديرين، وأضاف إليهم مهندسًا آخر من القدس الشريف، ووضع الخطط الفنية للقيام بهذا العمل الكبير([23]).

عقـد المجلس الإسلامـي الأعلى، وثلاثـة مهندسين من حكومـة فلسطين ومهندسـي الهيئة الفنية المذكورة اجتماعًا في 23 فبراير سنة 1924م، فبحثوا هذه الخطط الموضوعة، وقرروا بالإجماع قبول أحد المشاريع، وأساسه تقوية البناء مع المحافظة عليه قدر المستطاع. أما تفاصيل المشروع فهي كما يلي: صلب المجموع، تقوية الأسـس، تقويـم الأعمـدة، تجـديـد الأوتار الخشبيـة (الشدادات) حفظ العقود والمقرنصات ورقبة القبة (الكرسي) وبقدر المستطاع حفظ القبة نفسها، وبالإجمال كل ترميم يجده كمال بك ضروريًّا ومستطاعًا فيما عدا ما ذكر»([24]).

جمع نفقات العـمارة: أيقن المجلس الإسلامـي الأعلى أنـه لا يتأتـى القيام بمشروع هذه العمارة إلا إذا قام المسلمون عامة أمراؤهم وشعوبهم بمساعدته، لما يتطلبه من النفقات الكبيرة، فقـام بإذاعة دعوة عامـة وجههـا إلى مسلمـي العالم يستصرخهـم أن يقبـلوا على مؤازرة هـذا المشروع، وقد نشرت الدعوة باللغات الإسلامية في أنحاء العالم الإسلامي، ثم أوفد الوفود إلى مصر والحجاز أولًا وثانيًا، والآستانة والهند والعراق، وجمع الأموال من هذه البلاد بمقادير مختلفة، ووردت إليـه الإعانـات من بلاد أخـرى، وقد بلغ مجمـوع الواردات من سنـة (1923م ـ 1927م) مبلغ (94837) جنيهًا مصريًا. أنفق منها (67730) جنيهًا مصريًا([25]).

أما طريقة الإنفاق، فقد اقتضى المشروع أن يكون له في القدس لجنة مركزية تشرف على سيره وتتولى إدارة شئونـه الماليـة إدارة منظمـة حسب الأصول الفنية والمالية، فعيَّن لجنة مؤلفة من نخبة من أعيان البلاد الخبيرين الموثوق بهم لهذا الغاية، سميت لجنة عمارة الحرم الشـريف، وطلب المجلس الإسلامـي الأعلى إلى جميـع الأقطار الإسلامية التي اشتركت في نفقة العمارة أن ترسل كل منها عضوًا من قِبَلها يمثلها في هذه اللجنة، وقامت هذه اللجنة بواجباتها وأعمالها حق القيام، فوضعت السجلات والدفاتر المنظمـة لجميـع المعاملات الحسابيـة وضبطت قيود أعمالها، وراقبت شراء المواد، وأشرفت على أهم الأمور الإدارية في هذا المشروع([26]).

وكان المجلس الإسلامي الأعلى يرسل بيانات الإيرادات والنفقات بتفاصيلها إلى كبار المتبرعين والصحف المختلفة في كل شهر.

إتمام عمارة قبة المسجد الأقصى: تمت عمارة المسجد الأقصى على أكمل وجه، حتى إن الزلازل التي جاءت على فلسطين بعد العمارة على شدتها لم تُحْدِث في الأمكنة التي عمرت تأثيرًا، مما دل على أن العمارة الجديدة قد جرت على الأصول الفنية بحيثأصبح البناء يتحمل صدمات العوامل الطبيعية، وقد شهد بذلك المهندسون الذين زاروا المكان فشاهدوا متانـة عمارتـه واتفقوا على أنه لو لم يبادر المجلس إلى عمارة قبة المسجد لدمرها الزلزال تدميرًا([27]).

وقد اشتمل برنامج الإعمار على:

أولًا: عمارة المسجد الأقصى عمارة ثابتة متينة.

ثانيًا: تجـديد نوافذ الجص الملونـة في أماكن مختلفـة والقاشـاني والرخام في الصخرة المشرفة.

ثالثًا: عمارة المآذن الأربعة التي حول الحرم الشريف.

رابعًا: إزالة الأبنيـة الحديثـة أعلى باب القطانين، وفوق الأروقة التي تَحُدُّهُ شمالًا وجنوبًا.

خامسًا: فتح أروقة الحرم التي سُدَّت في أزمنة سالفة مختلفة واتُّخِذَتْ غُرفًا.

سادسًا: هدم سبعة أروقة منها بسبب تصدعها الخطر وبناؤها من جديد.

سابعًا: عمارة المدرسة الإسعودية شمال الحرم الشريف وإصلاح واجهتها.

ثامنًا: استرجاع جميع المدارس والأماكن التي استولي عليها، وإعادتها وقفها.

تاسعًا: تنظيم الساحات الخالية للمسجد بما يتناسب مع جمال آثاره، وإنشاء أحواض للوضوء.

عاشرًا: تأسيس متحف إسلامي يحفظ الآثار الإسلامية من الضياع.

حادي عشر: توسيع أبنيـة مدارس البنات الإسلاميـة ودار الأيتام وكليـة الروضة المجاورات للحرم الشريف وإنشاء قاعة واسعة للمحاضرات([28]).

الاحتفال بإتمام العمارة: كانت ذكرى المولد النبوي 12 ربيع أول 1347ﻫ سبتمبر 1928م، يومًا للاحتفال، ودُعِيَ للاحتفال جم غفير من وجهاء المسلمين، واجتمعت الوفود الإسلامية، وقدر عددهم بخمسـة وعشرين ألفًا، وألقى أمين الحسيني رئيس الاحتفال خطبة الرئاسة([29]).

ـ إنشاء فندق وعقارات وقفية للمسجد الأقصى المبارك:

رأى المجلس الإسلامي الأعلى ضرورة إيجاد موارد دائمة تتأمن معها الغاية التي يسعى إليها من العمارة للمسجد الأقصى المبارك، ففكر في إنشاء عقارات جديدة يرصد ريعها للحرم الشريف، فشرع في بناء فندق كبير على أحدث طرز في أرض الجبالية في شارع مأمن الله يحتوي على ما ينوف عن 136 غرفة عدا قاعات الاستقبال وقاعات المطالعة، وما إلى ذلك من الجهازات الحديثة، ويزيد ريعه السنوي عن الستة آلاف جنيه، وأتم إنشاء بضعة مخازن في باب الساهرة وسيقوم بإنشاء غيرها([30]).

ـ طرق المواصلات:

ـ إصلاح طريق في القدس:

كتبت المنار في أحداث سنة 1898م أنه صدرت الإرادة السنية بالإصلاح في مدينة القدس الشريف، فشرع في توسيع شارع باب الخليل الموصل للحرم الشريف، وفي إقامة الأبنية الجميلة على جانبيه([31]).

ـ خط سكة الحديد:

خط السكة الحديدية الحجازية التي تمر من تركيا إلى الجزيرة العربية قد افتتح باحتفال عظيم في شهر أغسطس 1908م، وطول الخط من دمشق إلى المدينة 1300 كيلو متر، يضاف إليه الخط من حيفا إلى درعا وطوله 161 كيلو مترًا، بلغت نفقاته نحو ثلاثة ملايين ليرة عثمانية. وطول الخط من دمشق إلى مكة 1751 كيلو مترًا، وطوله إلى جدة 1830 كيلو مترًا. والخط يمر من الشام إلى معان في سهول منبسطة وأراضي خصبة مبثوثة فيها القرى الآهلة بالسكان([32]).

وقد وصف رشيد رضا رحلته عبر فلسطين أثناء توجهه من مصر إلى دمشق، ومقدار المسافة بين المدن، فقد بدأ رحلته من القاهرة مساء الجمعة 12 سبتمبر سنة 1919م، وركب القطار السريع، فوصل إلى محطة القنطرة بعد أربع ساعات تقريبًا، ثم اجتاز الجسر الذي على ترعة السويس إلى مواقف قطار سيناء وفلسطين في الضفة الشرقية، وقام بحجز تذكرة في الدرجة الأولى في قطار سيناء ـ فلسطين، وثمن هذه التذكرة 282 قرشًا مصريًّا صحيحًا يركب بها المسافر إلى نهايـة الخط، وهو مدينة حيفا([33]).

ثم سافر القطار وكان سيره بطيئًا ووقوفه كثيرًا، وفي ضحوة النهار (السبت) وقف تجاه مدينـة غزة الشهيرة التي أحدثت فيها الحرب خرابًا عظيمًا، ووصل إلى (اللد)، وسار منها فوصل إلى حيفا، وقد تأخر ساعتين، وقطع المسافة من سيناء إلى حيفا في تسع ساعات وثلث ساعة، وهذا الخط قد أنشأته السلطة العسكرية البريطانية في أثناء الحرب بسرعة عجيبة اقتضتها الضرورة، فلم يكن متقَنًا، ويحتاج إلى إصلاح يكون به الخط أقوم وأقصر([34]).

ووصف رشيد رضا رحلته خلال أراضي فلسطين قائلًا: «قطعنا نصف نهار يطوي بنا القطار أغوار سورية الجنوبية (فلسطين) وأنجادها، فلم نر شيئًا من أرضها يدل على العناية الفنية في إنشاء البساتين والكروم إلا ما في مزارع اليهود الصهيونيين، ورأينا ما مررنا به من الزيتون خاليًا من الحب؛ لأن موسمـه في السنة الماضية كان عظيمًا»([35]).

ثم انتقل عقب وصوله إلى حيفا من قطار سيناء وفلسطين إلى قطار الحجاز، وكانت مركباته أحسن من مركبات خط سيناء فلسطين، وتحرك القطار فوصل إلى طبرية، وبعد تجاوزها صار سيره في أودية وجبال، وكان يقف مرارًا لسوء الوقود وخلل الآلات، وليس في مركباته مصابيح، ووصل القطار إلى معان، وكانت المسافة 12 ساعة، ثم أكمل رشيد رضا طريقه من معان نحو دمشق([36]).

ـ الهيضة الوبائية (الكوليرا):

ذكرت المنار أن الهيضة أو الهواء الأصفر الكوليرا (Cholera)([37])، انتشرت في سورية حتى كادت تعمها، في سنة 1903م. ظهرت أولًا في ولاية الشام، ثم في ولاية بيروت، وأصابت بلادًا من فِلَسطين وولاية حلب. وأن فتكها في طرابلس والشام وحِمْص أشد منه في سائر البلاد، وأكثر أهالي طرابلس هلعوا وجزعوا وفرّ نحو ثلثهم إلى لبنان([38]).

* خامسًا ـ العلاقات الخارجية بين الفلسطينيين وإخوانهم العرب والمسلمين:

أظهرت مجلة المنار أن العلاقات بين الفلسطينيين وإخوانهم العرب والمسلمين كانت قوية، وأن عاطفة العالم الإسلامي تجاه فلسطين كانت جياشة، ومتابعة المسلمين لما يجري في فلسطين كان يجري بشكل مستمر وبتفاعل أكثر من أي قطر آخر، وذلك لما لفلسطين من مكانة دينية عند جميع المسلمين في العالم، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال ما يلي:

ـ أواصر القرابة:

لم تكن فلسطيـن في يوم الأيام منفصلـة عن بلاد العرب والمسلمـين، إلا ما حدث بعد اتفاقية سايكس ـ بيكو، وتقسيم العالم العربي إلى دويلات، ووضعها تحت الانتداب والاحتلال، وكان أهل فلسطين قبل ذلك جزء من النسيج الاجتماعي العربي والإسلامي خاصة بلاد الشام، فالعائلة الواحدة يكون جزء منها في دمشق والجزء الآخر في القدس، أو يكون الأب في بيروت ويكون الأبناء في حيفا وهكذا. فلهذا نجد أن والدة الأمير شكيب أرسلان تسكن في فلسطين، ولكي يتمكن من زيارتها يطلب من الملك عبد العزيز بن سعود ملك العربية السعودية، والإمام يحيى([39]) إمـام اليمن بالتدخل لدى ملك الإنجليـز للسماح له بزيارة والدته فلسطين، وهذا ما تم له، فزارها في سنة 1934م([40]).

ـ تعاطف ودعم الشعوب العربية والإسلامية لثورة فلسطين سنة 1929م:

ذكرت المنار أن ثورة البراق سنة 1929م كان لها تأثير قوي في العالم العربي والإسلامي فكتبت المنار: «لقد كانت الثورة التي أوقد اليهود الصهيونيون نارها في فلسطين بعد تلك الثورات الموضعيـة على أقوى دول الأرض، وبعد تلك اليقظة الشرقية العامة التي أحدثتها الحرب، ... فقد اضطرب لها المسلمون والنصارى جميعًا في سورية ولبنان والعراق والحجاز ونجد واليمن ومصر وتونس والجزائر ومراكش، واهتز لها المهاجرون من العرب في العالم الجديد من الشمال إلى الجنوب، وظهر أثر ذلك جليًّـا قويًّا في جرائد هـذه البلاد وجماعاتهـا بالاحتجـاج والانتصار وجمـع الإعانات([41]).

وهي أول حركة عربية سياسية أظهر العطفَ عليها ملوكُ العرب المستقلون، فقد أرسل ملك السعوديـة عدة برقيات في إظهار عطفه وعطف أهل مملكته على عرب فلسطين([42]).

وقد تبرع لمنكوبي العربَ في هذه الثورة بخمسمائة جنيه، وتبرع نجله ونائبه في الحجاز بمائة جنيه، وأُلفت بأمره لجنة لجمع الإعانات بمكة جمعت مبلغًا يعد كبيرًا من أهل الحجاز، وتبرع صاحب الجلالة اليمانيـة الإمام يحيى حميد الدين بثلاثمائة جنيه، وشارك العرب في هذا الشعور والعطف على أهل فلسطين مسلمو الأعاجم، ولا سيمـا في الهنـد وجاوة بالاحتجاج والإعانات، بل شارك الهندوس مسلمـي الهند في عطفهم هذا، وتمنى الجميع لو يرسلون جيشًا منهم إلى فلسطين لحماية المسجد الأقصى وأهله من عدوان اليهود([43]).

ولهذا فإن رشيـد رضـا طالب زعماء فلسطين بأن يستـغلوا هذا التعاطف، ويوجهوا كل قواهم إلى مقاومة الاستعمار الإنجليزية في بلادهم بالاتحاد مع جيرانهم العرب من أهل شرق الأردن وسورية والعراق ونجد والحجاز على استقلال هذه البلاد كلها وتأليف الوحدة العربيـة، وأن يستعينـوا على خطتهـم بمسلمي سائر الأقطار، ولا سيما مسلمي الهند الذين لم يقصِّروا في إظهار العطف عليهم؛ لأنه يعز على كل مسلم في الأرض أن يستولي اليهود على بيـت المقدس ويجعلـوا المسجـد الأقصى ثالث الحرمين هيكلًا يهوديًّا([44]).

وعن تفاعل البدو في شرق الأردن مع ثورة البراق ذكرت المنار أن ما ذاع من سعي بعض الإنجليز لنصب الأمير عبـد الله ملكًا على فلسطين في ظل الانتداب البريطاني، ما أنذر به السلطة الإنجليزية في القدس من عاقبة هيجان عرب شرق الأردن على اليهود، ورغبتهم في الزحف لمساعدة إخوانهـم في فلسطين بالسلاح ـ خاصة أن البدو لا يزالون مسلحين ـ لذلك كان غرض الأمير عبد الله من التعاونمع الإنجليز هو للتعجيـل بإطفاء نار الفتنة، أو إرسال جيش إنجليزي إلى شرق الأردن لصد قبائله المسلحة عن الزحف إلى فلسطين لقتال اليهود([45]).

بل هذه أول مرة صرَّح فيها شيـخ الأزهر ورئيس المعاهد الدينيـة في مصربالعطف على المسلمين في أثناء ثورة سياسية، بعد أن أجرَّت السلطة المصرية ألسنة علماء الأزهر وألجمتهم، وحرَّمت عليهم إبداء رأيهم في الأمور السياسية([46]).

ويبدو أن الأزهر حتى الآن لا يقوم بالدور المطلوب منه تجاه الأمة في القضايا السياسية، ويرجع السبب إلى أن كبار علماء الأزهر موظفون في الحكومة، ويتبعون السياسة التي تُمليها عليهم.

ومما يصح أن يذكر بالإعجاب أن صوت الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر قد ارتفع في هذه المسألة في وقت خرست فيه ألسنة جميع أمراء مصر وكبرائها الأحرار حتى غير المقيدين بسياسية الحكومة([47]).

وذكر رشيد رضا أنه اقترح على سلفه الشيخ أبي الفضل الجيزاوي بعد ظهور الطمع الصهيوني، والعثور على صورة لقُبة الصخرة يعلوها العلم الصهيوني، أن يكتب فتوى تتضمن ما يجب على المسلمين من استنكار ذلك، ووجوب حماية المسـجد الأقصى فاعتـذر، وقال: يا سيد رشيد أتظن أنـه ما بقـي أحد يغار على الإسلام غيرك؟ والله إننا نغار مثلك؛ ولكنك مطلق ونحن مقيدون، ونحن ممنوعون من الكلام في السياسية!([48]).

أما عن تفاعل الشعب المصري مع ثورة البراق في فلسطين فكتب أحد مندوبي المقطم في الإسكندريـة يقول: «رأيت اهتمام الناس في مصر شديدًا بما هو واقع في جارتنا فلسطين من الحوادث الجسام الموجبة للأسف، فخطر لي أن أقصد حضرة شيخ الأزهر الشيخ المراغي، لأستطلع رأيه في الحوادث المذكورة. وقد سأل هذا الصحفي عن رأيه في حوادث فلسطين؟

فكان رد الشيخ: إن حوادث فلسطين مأساة تدعو إلى أشد الأسف. وأسبابها مدنية سُترت بأسباب دينية، فأثارت كوامن الحقد والخلاف الديني، وأن السبب الحقيقي أن العرب والمسلمين في فلسطين يرون نفوذهم يتقلص في بلادهم ويخشون عاقبة خروج البلاد من أيديهم ووقوع الآثار المقدسة تحت سلطان غيرهم، وهذا في نظرهم موت مادي وأدبي([49]).

ـ استجابة أشهر علماء المسلمين لعقد المؤتمر الإسلامي في القدس سنة 1931م:

فقد شارك في هذا المؤتمر 145 منـدوب من جميـع الأقطار الإسلاميـة من أشهرهم: العلامة محمد رشيد رضا، والإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء، وضياء الدين الطباطبائي رئيس الوزراء الإيراني السابق، محمد علي علوبة باشا، والزعيم شوكت علي الهندي([50]).

ـ مشاركة وفود فلسطينية في المؤتمرات العربية والإسلامية:

نشرت المنار خبر مشاركة شخصيات فلسطينية في مؤتمر الخلافة الذي عُقد في القاهرة في 13 مايو سنة 1926م، والذي أقيم بعد زوال الخلافة وما كان له من الوقع الشديد في أنفس الشعوب الإسلامية، ومن الشخصيات الفلسطينية المشاركة في هذا المؤتمر:

الشيخ خليل الخالدي رئيس محكمة الاستئناف الشرعية من فلسطين.

أسعد الشقيري مجلس التدقيقات الشرعية بالآستانة سابقًا.

إسماعيل الخطيب المحامي الشرعي بفلسطين.

عارف باشا الدجاني من كبار أعيان فلسطين.

الشيخ حسن أبو السعود من فضلاء فلسطين.

محمد مراد أفندي مفتي حيفا من فلسطين.

جمال الحسيني بك سكرتير اللجنة التنفيذية للمؤتمر السادس الفلسطيني.

الشيخ عيسى منون مندوب المجلس الإسلامي الأعلى بفلسطين([51]).

وقد خرج المؤتمر بنتيجة الإجابـة عن ثلاثـة مسائل وهي: 1 ـ بيان حقيقةالخلافة وشروط الخليفة في الإسلام. 2 ـ الخلافة واجبة في الإسلام. 3 ـ بم تنعقد الخلافة([52]).

ـ زيارة الحجاج للقدس بعد أداء مناسك الحج:

كان من عادة حجاج المسلمين ـ خاصة من الأقطار الإسلاميـة النائية ـ أن يقوموا بزيارة المسجد الأقصى بعد أداء مناسك الحج أو العمرة، وذكرت المنار أن الطبيب محمد إسماعيل الأجميري الهندي مع وفد من مسلمي الهند سافروا إلى القدس وأقاموا بها مدة، بعد أدائهم مناسك الحج، ثم عادوا منها محرمين بالعمرة إلى مكةالمكرمة، ومنها إلى بمبي([53]).

ـ مشاركة المسلمين في التبرع لترميم المسجد الأقصى:

لما كان برنامج إعمار المسجـد الأقصى يقتضي لإنفاذه مبالغ كبـيرة، وكانت واردات أوقاف فلسطين لا تتسع لأكثـر مما تقوم بـه من الإنفاق على شئون إدارةالمساجد والمدارس والمعاهد الدينية الأخرى، ومن المشروعات التي تقتضيها حاجة المسلمين في مدن فلسطين وقراها، فقد رأى المجلس الإسلامي ضرورة الاستعانة في مشروع عمارة المسجد الأقصى المبارك بأهل الخير والإحسان في هذه البلاد وفي سائر الأقطار الإسلامية، فألف لذلك وفوًا من أعضاء المجلس ومن وجهاء البلاد إلى الحجاز أولًا وثانية، وإلى مصر والهند والعراق والآستانة، وقد لاقى أكثر هذه الوفود نجاحًا كبيرًا في الأقطار الإسلاميـة، وبلغ مجموع الإعانات التـي جمعت (94. 952) جنيهًا، موزعة وفق الجدول الآتي([54]):

ـ دفن زعيم هندي مسلم في المسجد الأقصى:

توفي الزعيم الهندي محمد علي [سنة 1931م] ويعتبر مع أخيه شوكت علي زعيمان من زعماء مسلمي الهند السياسيين، وكانت وفاته في القاهرة أثناء توجهما مع وفود من أمراء الهند وزعمائها إلى لندن لعقد مؤتمر مع الحكومة البريطانية للنظر في مشكلة الهند، وذكرت صحيفة المنار أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني قد أرسل برقية للزعيم شوكت علي يدعوه بها إلى دفن شقيقه في حجرة بالمسجد الأقصى الذي