يقظة مجلة المنار المبكرة لمخاطـر الصهيونية

كتبت الكاتبة الفلسطنية (أريج أحمد القططي حول هذا الموضوع في كتابها (فلسطين في مجلة المنار الصادرة في مصر (1898-1940)  ) الصادر عن دار المقتبس في بيروت – سنة (1439هـ - 2018م)

فقالت:

عنـد بدء ظهور الحركة الصهيونية بعد عقد المؤتمر الصهيوني الأول في بال سنة 1897م، لم تقف الصحافة العربية كلها على مستوى هذا الخطر، ولكن شذتعن هذه القاعدة مجلة «المنار» ووعي صاحبها محمد رشيد رضا هذا الخطر الذي نبَّه إليه منذ عام 1898م، وتلت المنار فيما بعد صحيفة «الكرمل»([1]) التي عبرت في الفترة (1908 ـ 1909م) عن وعي سياسي ناضج([2]).

* تفريق «المنار» بين الصهيونيين واليهود:

لم يتخذ محمد رشيد رضا موقفًا متشددًا من اليهود بسبب ديانتهم، فقد رأى أنهم يجب أن يتمتعوا بحقوق المواطنة والمساواة كغيرهم من الديانات، سواء في أوربا أو في المنطقة العربية، واستهجن سياسة الاضطهاد التي يمارسها الأوربيون الذين يدَّعُون الحضارة ضد اليهود والتي ظهرت بعد مسألة دريفوس([3]) التي أثيرت في فرنسا، وقد رجح فيه أن سبب حقد الأوربيين على اليهود واضطهادهم لهم يعود سببه إلى «التعصب الجنسي والحسد الذميم، اللذين أثارهما في صدر الأمة فئة من أرباب الجرائد المعادين لليهود الطامعين بما لديهم من خزائن الأموال»([4]).

وعاب على بعض الجرائد المصرية أنها حذت حذو الجرائد الفرنسية «فقامت تصلي اليهود نارًا حاميًا وتأخذ عليهم في مهارتهم في الكسب وتفننهم في أساليب الربح»، وطرح رأيـه في هذه المسألة بأن اليهود يجب أن يتمتـعوا بجميـع الحقوق الإنسانية كغيرهم من أبناء الوطن لأن «الحرية العمومية ليست مختصة بفريق دون فريق، فإن التمدن الصحيح والعدالة الحقيقية يفرضان المساواة المطلقة بين جميع بنيالإنسان في المنافع العمومية»([5]).

واعتبر أن موقفـه هذا منطلقًا من تعاليم الإسلام الحنيـف الذي يحث علىالتسامح والعدل، ودلل على ذلك بعقد هذه المقارنة: «أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يساوي بين الإمام علي بن أبي طالب ورجل من آحاد اليهود، والفرنسيون أئمة المدنيةالأوربية الذين يشير عَلَمهم إلى العدل والحرية والمساواة، لا يزالون يضطـهدون اليهود إلى اليوم، وتنشئ الجمعيات المؤلفة لاضطهادهم الجرائد وتؤلف الرسائل في التحريض عليهم والتنفير منهم»([6]).

وهذا لم يمنعه من ذكر صفات اليهود من المكر والخداع والإفساد في الأرض، خاصة بعدما ظهرت مؤامرتهم لاستيطـان فلسطين، وفي رده على سؤال من أحد القَّراء من برلين: «لِمَ فضَّل الله تعالى اليهود وهم أرذل الأقوام وأشنعهم ومفسدون في الأرض... وأنهم أشـد الناس عداوة للمسلمين؟». أجـاب رشـيد رضا: «أن التفضيل خاص بالمهتدين بكتب الله تعالى للأنبياء الذين بعثوا فيهم... وقد أنذر الله بني إسرائيل على لسان موسى ومن بعده من أنبيائهم أشد النذر إذا هم نقضـوا عهده بالكفر والمعاصي كما تراه في كتبهـم المقدسة... وفي القرآن العظيـم، وفيه وصف لشدة كفرهم وبغيهم وقتلهم الأنبياء بغير حق، وما عاقبهم بـه من اللعن وسلب الملك وضرب الذلة عليهم، وتسليطه عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب»([7]). 

وقولـه تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴿٣٠﴾ مِن فِرْعَوْنَ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِّنَ الْمُسْرِفِينَ ﴿٣١﴾ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٣٢﴾ وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الْآيَاتِ مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُّبِينٌ﴾[الدخان: 30 ـ 33] فالمـراد بالعالميـن الذيـن اختارهـم عليهم القبط والفلسطينيون الذين نصرهم عليهم، وأنشأ لهم ملكًا عظيمًا من بعد ذلهم، ثم سلبهم الله هذا الملك بما كفروا من نعمه، وأشركوا في عبادته([8]).

وأوضح بأنه قد انقضى كل ما كان لبنـي إسرائيل من التفضيل الديني على غيرهم إلى الفرع الآخر من ذرية إبراهيم عليه السلام وهم العرب ببعثة محمد رسول الله وخاتم النبيين الذي بشرهم الله تعالى به على لسان موسى وعيسى([9]) منها قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾[الأعراف: 157].

* كشف المنار لمخاطر الصهيونية:

بعد ظهور مقررات مؤتمر بال الصهيوني المنعقد سنة 1897م، كان رشيد رضا من أوائل من انبرى لمحاربة مخططات الحركة الصهيونية.

ففي 9 أبريل سنة 1898م نشرت المجلة مقالًا بعنوان «خبر واعتبار»، وهو مقتبس من مجلة المقتطف([10]) وهو عبارة عن سؤال وجواب فيما تحدثت به الجرائد العالمية من إجلاء اليهود عن الممالك التي تضطهدهم ومهاجرتهم إلى فلسطين.

وأبرزت مجـلة «المقتطـف» هجـرة اليـهود من منطلق إنسـاني، ولم تُشر إلى مخاطرها، وأن وراءها مخططـات خبيثـة تخطط لها الحركة الصهيونية بالتعاون مع الدول الاستعمارية، ولربما كان للمقتطف أهداف مشبوهة تتمثل في تخدير الجماهيرالعربية والإسلامية، والتقليل من خطر الصهيونية، خاصة إذا علمنا أن صاحبي المقتطف هما: يعقوب صروف وفارس نمر، هما من أدوات الاستعمار الإنجليزي، فقد اختارتهما سلطات الانتداب البريطاني في مصر لإدارة صحيفة المقطم الناطقة بلسان السلطات الإنجليزية في مصر([11])، ولهذا فإن المقتطف عرضت للقراء هجرة اليهود على أنها:

1 ـ قضية إنسانية و«أن غاية الصهيونيين إنشاء مساكن في فلسطين لليهود المضطهدين في روسيا وبلغاريا ورومانيا وبلاد الفرس والمغرب، وذلك بإذن الدولة العلية وكفالة الدول الأوربية».

2 ـ أن هدف اليهود «ومرادهم تعمير أراضي فلسطين بالفلاحة والصناعة، فيعيشون آمنين في ظل الحضرة الشاهانية ويقل عدد الفقراء في أوربا وتتسع أسباب التجارة بين الشرق والغرب».

3 ـ إظهار أن اليهود قد اشتهروا بولائهم للدول التي تحميهم وتحسن إليهم، فتجد الدولة العثمانية منهم كل ولاء وأمانة.

4 ـ الاحتجـاج بأن أرض فلسطين «وسيعة وخيراتهـا كثـرة، وكانت تمون أضعاف سكانها الحاليين»، «فإذا اتفق أغنياء اليهود في أوربا على ابتياع الجانب الأكبر من أراضي فلسطين ونقل إخوانهم الفقراء إليها لم يتعذر عليهم ذلك، ولم يتعذر علىهؤلاء الفقراء أن يعيشوا في فلسطين بالراحة والرخاء».

وبرغم ذلك فإن مجلة المقتطـف استبعدت نجـاح هذه الهجرة «لأن الدولة العثمانية لا ترضى بها»([12])، ولأن «نقل اليهود إلى فلسطين وابتياع الأرض من الحكومة ومن أصحابها أصعب من نقلهم إلى أرجنتين»([13]).

ولكن مجلة المنار كانت أكثر وعيًا وتنبهًا لمآلات هجرة اليهود إلى فلسطين، ففي تعليق مجلة المنار على المقال حذرت العرب من مخطط اليهود وأهدافه قائلة: «فيا أيها القانعون بالخمول ارفعوا رءوسـكم، وحدقوا أبصـاركم وانظروا ماذا تفعل الشعوب والأمم. أصيخوا([14]) لما تتحدث به العوالم عنكم، أترضون أن يسجل في جرائد جميع الدول أن فقراء أضعف الشعوب الذين تلفظهم جميع الحكومات من بلادها هم من العلم والمعرفة بأساليب العمران وطرقه بحيث يقدرون على امتلاك بلادكم واستعمارها، وجعل أربابها أجراء وأغنيائها فقراء»([15]).

ويُعتقد أن تنبـه مجلة المنار للخطر الصهيوني بخلاف بعض الصحف التي لم تنتبه لمخاطر هذه الهجرة، يعود إلى اختلاف المرجعية الفكرية، فإن صاحبها محمد رشيد رضا يستند إلى مرجعية فكرية إسلامية، ولذلك فقد نظر إلى الموضوع نظرة عقائدية مسترشدًا بصفات اليهود من القرآن والسنة، وبالآيات القرآنية التي تحدثت عن إفساد اليهود في الأرض وتجمعهم في الأرض المقدسة.

وقد علَّل رشيد رضا سبب نشر المقال لعدة فوائد، منها أن سبب اختيار اليهود لفلسطين للهجرة إليها «لاعتقادهم أنه ليس في بلاد الدولة [العثمانية] من الغلو في التعصـب وإيذاء المخالف ما في سائر الممالك التي يرغبون الجلاء عنهـا، كروسيا وبلغاريا»، ومنها تجييش الغيرة في نفوس العرب ودفعهم إلى طلب سعادة الأوطانعن طريق العلم والعمل»، وسبب آخر هو «إيقاظ قوم قد رُزئوا بالخـمول، وكاد يعمهم الذهول، واستلفاتهم إلى الروابط المحكمة بين اليهود مع تفرقهم في الممالك وتشتتهم في الأقطار، وكيف يمدون سواعدهم لمساعدة إخوانهم»([16]).

فهـو يرى أن العرب والمسـلمين هم أولى بالقيام لإعادة مجـدهم وتوحيـد جهودهم لإقامة دولة إسلامية قوية قائمة على العلم والقوة.

ويثني رشيد رضا على السماحة التي يتخلق بها المسلمون، والعدالة التي تتميز بها الدولة العثمانيـة، وهذا الذي جعل «هذا الشعب [اليهود] مضطـهَدًا من جميع الشعوب والأمم لا يتسع له صدر إلا صدر المسلمين، ... وأن الذين تطردهم الممالك وتخرجهم من أرضـها لا يجدون في الغالب ملجًا إلا بلاد الدولة العلية حتى بلاد فلسطين التي يطمعون أن يستقلوا بها ويحدثوا فيها ملكًا جديدًا»([17]).

وهذا مـا أكدتـه مجلة «جويش كرونكل»([18]) اليهودية بقولها: «لا يوجد بلد واحد في أوربا على وجـه الإجمال يتمتع فيـه اليهود بنعمة الحرية الدينية التامة كما يتمتعون بهـا في أرض الدولة العليـة، ولا يمكن أن يجدوا مـن الارتيـاح وحسن المعاشرة كما يجدون في ظل الحكومة العثمانيـة، فحكومـة السلطان ـ والحق يقال ـ ساهرة على راحـتهم، ولديهـم الأدلة القاطعـة على ذلك، خصوصًا أيام الحرب العثمانية اليونانية الأخيرة»([19]).

وكتب رشـيد رضـا مقالًا بعنـوان «حياة أمـة بعـد موتهـا، جمعيـة اليهـود الصهيونيـة»، وتطـرق فيها إلى أن اليهود حافظوا على لغتهم وجامعتهم الملية مع تشـتتهم في جميـع أقطـار الأرض، وتعـاون بعضهم مع بعض، وأخـذوا بجميع علوم العصر وفنونه، وبرعوا في جمع المال الذي هو أسـاس القوة في هذا العصر. وتساءل أليس اليهوديالواحد اليـوم أعز من مـلك من ملوك الشـرق؛ فإن أيـة دولة أوربيـة تهدد أعظم سلطان شرقي بالقول والفعل وتحمله بالقوة على أن يهيننفسه، وقد حاولت دولـة فرنسـا أن تهين رجـلًا يهوديًّا فقامـت عليهـا القيامـة، وكـادت تشـب فيها الحـروب الداخليـة المجتاحـة لولا أن تداركتها، وذلك في مسألة دريفوس التي لم ينسها أحد ممن عرفها([20]).

وعرَّف رضا الحركة الصهيونية بأنها: «جمعية سياسية غرضها الاستيلاء على البلاد المقدسة لتكون مقر ملكهم وعرش سلطانهم»، «أن حركة هذه الجمعية ظهرت فجأة في النمسا وألمانيا وإنجلترا وأميركا، ولم تكن تُظهر في أول الأمر طلب الملك؛ وإنما كانت تتظاهر بحب نقل فقراء اليهود المهاجرين والمُخْرَجِين (المنفيين) إلى بلاد فلسطين؛ ليعمـروها ويعيشوا في ظل السلطان آمنين، وكأنهـا وثقت بقوتها الآن، فخرجت من مضيق الكتمان»([21]).

وعن بداية تحركها على الأرض لتحقيق هدفها قال: «بعثت منذ أشهر المستر إسرائيل زنغويل([22]) من لندن إلى الآستانة للمساومـة في شراء القدس الشـريف. ويقال: إنه لقي من الحضرة السلطانيـة التفاتًا وانعطـافًا، وبعد رجوعه خطب في الجمعيـة فقال: «إن اليهود سيرجعون بكثرة إلى فلسطين مملكتهـم القديمـة التي لا يمكن أن تغرب شمسها من سماء أفكارهم، وسيبلغ عددهم فيها سنة 2000 أيآخر القرن العشرين المسيحـي مائتي ألف ألف نفس، وسيجعلون تلك الأراضي جنات، وينشئون فيها حدائق، ويصـلون أطرافها وأرجاءهـا بالسكك الحديدية، ويقيمون فيها حكومة منتظمة تكون نموذج الكمال لجميع الأمم والأجيال، فيكون شعب إسرائيل منارًا على جبل صهيون تهتدي به الأمم كلها إلى المدنية الفضلى في الأحوال الاجتماعيـة والسياسية والقضائيـة والأدبيـة والزراعية وسائر الشؤون المعاشية، ومن قوانينه تتعلم دول أخرى طرق الرشاد في تدبير الممالك، كما تتعلم الأمم والشعوب من نظامه الاجتماعي حقيقة المدنية، ومن سيادته الروحية معنى الديانة الحقيقية»([23]).

وقال زنغويل: «وبالجملة فإني معتقد بنجـاح الآمـال في امتداد ملة اليهود بعد رجوعهم إلى فلسطين، ويمكن أن يقال إنه منذ زمن المسيح إلى هذا العهد لم يطـلع العالم على شيء من حياة الإسرائيليين وأعمالهم، وقد كانوا مضطهدين من المسيحيين والوثنيين في كل مملكة، فكان ذلك هو السبب في بقائهم بما قرَّب بعضهم من بعض وألف بين قلوبهم، ومنعهم من مخالطة غيرهم والتزوج ممن سواهم». ثم قال زنغويل: «وغاية ما يرمي إليه اليهود هو جمع النقود الكافية لابتياع أرض فلسطين من السلطان الذي ستكون الحركة الكبرى تحت سيادته، وقد بلغ ما جُمع إلى الآن ألف ألف ريل أميركاني (مليون) وفي كل مدينة وكل قرية يتبوءها اليهود في مشارق الأرض ومغاربها فرع من الجمعية الصهيونية يجمع المال لهذا الغرض، وكل ما جمع فهو من الفقراء؛ لأن الأغنياء مشغولون بمنافعهم الشخصية عن إعطاء هذا المشروع حقه من العناية والاهتمام» ...إلخ([24]).

ويعلق رشيد رضا: «أظن أن الخطيب مبالغ في نسبة أغنياء اليهود إلى عدم العنايـة بمساعدة الجمعيـة الصهيونيـة، ولعل الحكمـة في ذلك تنشيـط الفقـراء والمتوسطين على البذل بقدر الإمكان، ثم يكون الأغنياء هم الذين يُتمون العمل إتمامًا، وإلا فمـن ينكـر (كرم) البارون هرش([25])والإنفاق مـن سعتـه على شـراء المستعمرات». ويعود رشيد رضا إلى حث المسلمين على الاقتداء بهؤلاء اليهود في جدهم واجتهادهم لتحقيق أهدافهم، فيقول: «جمع فقراء اليهود ألف ألف ريال لهذا العمل ولديهم مزيد، وهذا بعدما عمموا المعارف في طائفتهم، فهل ينشط المسلمون في مصر وهم يقربون من عدد يهود الأرض لمساعدة الجمعية الخيرية بجمع ألف ألف قرش على إنشاء مدرسة كلية في القطر المصري؟»([26]).

وعندما نحلل هذا الخطاب لزنغويل، يظهر لنا الأسـلوب الدعائي الذي تميز به هذا الأديب لجذب الدول لمساعدة اليهود لتنفيذ مآربهم، ونستنتج أن هذا الخطاب ينم عن عقلية ماكرة، فقد أراد من خلال هذا الخطاب أن يكسب تعاطف العثمانيين والعرب للمشروع الصهيوني، وإظهاره بأنـه مشـروع إنساني، وأن اليهود باستطاعتهم شراء أراضي فلسطين من السلطان بأموالهم، ليقيموا عليها دولة حديثة تكون منارًا للأمم ـ كما يزعم ـ ، وقد تجاهل زنغويل أن لهذه الأرض أصحاب تملكوها أبًا عن جد، ويدافعون عنها بالغالي والنفيس.

* نشاط الحركة الصهيونية في مصر:

كان يهود مصر يعيشون بحرية وأمان تحت ظل الدولة المصـرية الخديوية، فنشطوا في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وكان الشعب المصري يعتبرهم جزءًا من نسيج المجتمع، إلا أنه وبعد ظهور الفكرة الصهيونية في أوربا، بدأت هذه الفكرة تنتشر في أوساط اليهود المصريين بسرعة كبيرة، فبدأوا يدعون لها علنًا، من خلال جمعياتهم وجرائدهم.

وتتبع رشيد رضا النشاط اليهودي الصهيوني في مصر، فنشر تصريح الجمعية الصهيونيـة([27]) التي أعلنت مقاصـدها السياسية على رؤوس الأشهاد، وخاطبت يهود مصـر بأسلوب أدبي عاطـفي، ليجيـش عواطـف اليهود نحو تأييـد الفكرة الصهيونيـة والعمل لها، ونشرتها في الصحيفـة العبرانية الفرنسية([28]) التي نشرها (قسم جمعية باركوخبـا([29]) بالإسكندريـة) في غرة شـهر ينـاير 1902م، لدعوة اليهود إلى سماع الخطب والمناقشات ليلًا في قاعة الملهى العباسي([30]).

وقد اُفتتحت بما معناه بالعربية الصحيحة: دعوة صهيونية ليهود الإسكندرية «أيها الإخوان: إن شعبنا ما برح يعلل النفس بأن تكون له أمة (دولة) ولم يتوان في السعي ولن يتوانى مهما عارضته الصوارف، وناهضته الصوادف، وقد مضي على أولئك الذين دافعوا الدفاع الأخـير عن بيتنـا المقدس ألفا سنة، كانت الأيام فيها تساورنا وتحـاول محـونا من لوح الوجـود، فعجـزت بأبنائهـا عن زلزال عقائـد إسرائيل»([31]).

وتابع البيان «وإن قواعد ديننا وأحكام شريعتنا تقضي علينا بأن نستمسك بعروة وطننـا القديم، ونعتقد أن سيعود إلينا مجدنا التليد ومكانتنا السامية، تمزق شعب إسرائيل كل ممزق، وتفرق شمله في الأرض؛ ولكن بلاد صهيون كانت معهد الارتباط بين أفراده فهـي مأمن السرب، وفرجـة الكرب، وبسببها بقينا حافظين للعهود، محافظين على سنن الآباء والجدود»([32]).

إن أعاصير الظلم والاضـطهاد التي تعصف باليهود لتمسكهم بدينهم قد اضطرتنا إلى العمل... فالمشروع الصهيوني يطالبنا بالمبادرة إلى العمل، ويحذرنا عاقبة الكسل، حسبنا أننا منفيون من كل مكان، مبغضون من كل إنسان، يرمينا الشانئ بذلك الوصـف الشائن الذي نُبزنا من أجـله بلقب (اليهـودي التائـه) على حبنا للإصـلاح وخدمتنا الجليلة لكل بلاد تبوأناها وإعلاء شأن المدنيـة في كل مملكـة استوطناها([33]).

وخلص البيان أنه لا علاج لهذا الامتهان إلا الاتحاد لتأييد النهضة الملِّية التي تأسست في النمسا. ودعا البيان يهود مصر قائلًا: «عليكم نعتمد في نجاح المشروع الصهيوني في أرض مصر»([34]).

ونستدل من هذه الدعوة أن الحركة الصهيونيـة في مصر عملت على تنفيذ مشروعها بحرية، كما كان لها تواصل مع الصهيونية العالمية، ويدل على هذا الرسالة الموجهة من الجمعية اليهودية (باركوبا Barkohba) إلى الزعيم الصهيوني هرتزل([35]) مؤرخة بتاريخ 8 أبريل 1897م وفي محتواها أنها تأسست سنة 1897م في القاهرة وأن لها صحيفة ناطقة باسمها باسم (كرمل)، ومذيلة بتوقيع السكرتير: جوزيف ليوبوفيتش، والرئيس ج. هارمالين([36]).

وفي تعليق رشيد رضا على هذه الدعوة يعود بالذاكرة إلى الخلف مُذكرًا القُراء بما حذرهم منه قبل في العدد السادس من السنة الأولى للمنار من مخاطر الصهيونية، منوهًا إلى أنه «لم يكن أحد يذكر عنهم أنهم يطـلبون الملك، إلا مـا أشـرنا إليه في ذلك العدد»([37]).

ويزيد من تحذيره رغم وجود صيغة يأس من تكرار النصح قائلًا: «هذا ما قلناه من نحو أربع سنين فماذا نقول اليوم؟ لا ينفع القول مهما بالغ المنذر في البيان، إلا أن تزاح تلك الغشاوة عن الأبصار». ويعتبر أن الغشاوة جاءت من كثرة ملأ أسماع الناس من إطراء الحكام([38]).

ويؤكد رشيد رضا أنه لا يقصد الثورة أو الخروج على الحكام، لأن ذلك عون للأجانب على سرعة الإجهاز على الأمة، ولكنه قصد بأن تسعى الأمة بكل ما في طاقتها لتحصيل العلوم النافعـة والثروة الواسعة والتربيـة الرافعة، فمن كان من أمرائهم محسنًا كانت الأمة عونًا له، ومن كان مسيئًا جبروا نقص إساءته بإحسانهم حتى إذا صاروا أمة حقيقية لها رأي عام قوَّموه بتقييده بالشرع والشورى سالكين في ذلك الطرق الحكيمة([39]).

* المنار تحذر من تواطؤ الماسونية([40]) وجمعية الاتحاد والترقي مع الحركة الصهيونية:

تأسست حركة الاتحاد والترقي في أوربا كحركة مناوئة للاستبداد ومنادية بالتحديث في الدولة العثمانية، وتكون في البدء جمعية تركيا الفتاة، التي ركزت على النشاط الفكري ثم كونت خلايا سريـة في الآستانـة، وطاردهـم رجال السلطان عبد الحميد فنقلوا نشاطهم إلى باريس وسالونيك، وانضم إليهم العديد من يهود الدونمة([41]) وأصـبحوا من قيادات الحركة بعد قيامـهم بالانقـلاب العثـماني سنة 1908م، وأعلنـوا الدستور وما لبثوا أن نحُّـوا السـلطان عن العرش، وسرعان ما خابت آمال العرب فيهم لتبنيهم لمبدأ الطورانية ومعاداة العرب([42]).

وكتب رشيد رضـا محذرًا من زيادة نفوذ اليهود في جمعية الاتحاد والترقي، والذي شاهده بنفسه أثناء إقامته في الآستانة لمدة سنة كاملة، فقد انتبه إلى أن ناظر المالية «إسرائيلي» النسب([43])، وهو جاويد بك([44]) وهو من يهود الدونمة([45]) وأنه جعل كاتب سره وكثيرًا من موظفي نظارته من اليهود، مما يُنبئ أنه سيكون لليهود شأن أي شأن في المملكة العثمانيـة، ويزيد من خطرهم أن «آمالهم في القدس وفلسطين معروفة، ومطامعهم المالية في المكان يعظم نفوذهم فيه غير مجهولة»([46]).

وأشار رشيد رضا إلى تنبه بعض النواب المستقلين والمعارضين للحكومة لهذه المخاطر، فقد خطبوا خطابات بينوا فيها خطر جمعية اليهود الصهيونية على المملكة العثمانية، وأنكروا فيها على ناظر المالية بيعه أحسن موقع عسكري في الآستانة لشركة أجنبية بثمن دون ثمن المثل بسمسرة بعض اليهود، وهم يرون أنه يمكن بيع ذلك المكان بأضعاف ذلك الثمن، وقد دافع الصدر الأعظم في المسألة الأولى عن الحكومة وعن اليهود، ودافع جاويد بك عن نفسه في الثانية([47]).

وفي أبريل 1911م حذَّر رشيـد رضـا من أن معظـم زعماء حركـة الاتحاد والترقي «هم من شيعة الماسون، يجتهـدون في نشـرها وجعل رجال الحكومة من أعضائها، كما ينشرونها في ضباط الجيش»، ورجَّح أن يكون هذا «تمهيدًا للفصل بين السياسة والدين، وتجريد السلطان من صفة الخلافة الإسلامية». وافترض أن من لوازم تشيعهم للماسونية قوة نفوذ اليهود فيهم وفي الدولة؛ وذلك يفضي على فوز الجمعية الصهيونية في استعمار بلاد فلسطين الذي يراد به إعادة ملك إسرائيل إلى (وطنهم الأول)! ، وإلى ابتلاع أصحـاب الملاييـن من اليهـود لكثيـر من خيـرات البلاد. وكان قد زار الآستانة واطلع على الأوضاع هناك، ثم عاد إلى مصر وفي هذا يقول: «ولما عدت إلى مصـر أشـرت بلطف إلى ما يخشى من خطر اليهود والماسونية في هذه المملكة الإسلامية»([48]).

ثم عاد وأكد في نفس العام (1911م) على تغلغل الصهاينة في جمعية الاتحاد والترقي قائلًا: «ثم كان المنار هو السابق لجميع الصحف ـ على ما نعتقد ـ إلى التنبيه على نفوذ اليهود الصهيونيين في جمعية الاتحاد والترقي، وما في ذلك من الخطر على الدولة، حتى أنكر علينا ذلك بعض أصدقائنا المخلصين من المسلمين وغير المسلمين بمصر، ورد علينا بعض اليهود في جريدة المقطم([49])، ولم تلبث الحقيقة أن ظهرت بعد ذلك في مجلس الأمة العثمانية أولًا، ثم على لسان الصدر الأعظم حقي باشا الذيصرح في خطاب له بأن اليهود هم أصحاب المستقبل في هذه الدولة، حتى في أمورها الإدارية والعسكرية»([50]).

ووصف رشيد رضا جمعيـة الاتحاد والترقي بأنها «جمعيـة الأحمـرين: الدم والذهب، أما كونها جمعية دم وثورة فهو صفتها الرسمية... وأما كونها جمعية ذهب، فلأنهم نهبوا أموال عبد الحميـد خان وصادروا أكثر أغنياء الأمـة، وباعوا بوسنة وهرسك للنمسا، وطرابلس الغرب لإيطاليا، واتفقوا مع الجمعية الصهيونية على بيعها أراضي السلطان عبد الحميد الواسعة، وعلى تمهيد الأسباب لامتلاكها البلاد المقدسة لإقامـة ملك إسرائيل فيها، ولهذا قال وزيرهم حقي باشا في خطبة علنية له: إن مستقبل هذه الدولة العثمانية لليهود، وأخذت وزاراتها من ميزانية الدولة أكثر من (40) مليون جنيه لم يظهر لها أثر يذكر»([51]).

وقد أقدم زعماء الاتحاد والترقي على عزل السلطان عبد الحميد ونهبوا من أمواله وجواهره وتحفـه ما تقدر قيمته بالملايين الكثيرة، وعينوا خلفًا له السلطان محمد رشاد وسلبوه نفوذه وجميع حقوقه، ويسميه أهل الأستانة (المهردار) للجمعية؛ أي: صاحب الختم الذي وظيفته أن يختم لها كل ما تأمر بختمه من الأوراق، وباعوا البوسنة والهرسك وطرابلس الغرب عدة ملايين، وأن فيهم ملاحدة لا يدينون بدين الإسلام، وهذا ثابت من أقوالهم وأفعالهم، وهم يتمنون خروج الشعب التركي من الإسلام، ولو بالتدريج الممكن إلى الوثنيـة بشرط أن يبقـى تركيًّا؛ أنهم يظنون أن الإسلام هو العلة المانعة من مساواته للشعوب الأوربية([52]).

وقد تنبهت المنار لمخاطر الماسونية وما تخطط له من تمكين اليهود من استيطان فلسطين، وبناء الهيكل. ففي مقال بعنوان «اليهود والماسونية وحدث الوطنية» عرف كاتب المقالة الشيخ رشيد رضـا الماسونية بأنها جمعيـة سياسية، وجدت في أوربا؛ لإزالة سلطة المستبدين من رؤساء الدين والدنيا (كالبابوات والملوك) ولذلك كانت سرية، وكان لها الأثر العظيم في الانقلابات السياسية التي حصلت في أوربا، ومنها الثورة الفرنسية الكبرى، والانقلاب العثماني والبرتغالي([53]).

وأشار في هذه المقالة إلى أن اليهود هم زعماء الماسونية وأصحاب القدح المعلى فيها؛ وأنهم أكثر الناس انتفاعًا من الانقلابات التي سعت إليها الماسونية في أوربا، وسيكونون كذلك في البلاد العثمانية إذا بقيت سلطة الماسونية في يد جمعية الاتحاد والترقي([54]).

وأكد أن الجمعية الماسونية التي هدمت عروش الحكومات الدينية من أمم أوربا والترك والروس هي من كيد اليهود، وإن خفي على أكثر المنتمين إليها، ومن غرائب كيد اليهود أن الغرض السياسي النهائي لهم من هذه الجمعية هو تأسيس دولة يهودية في مهد الدولة الإسرائيلية التي أسسها داود وأتمها سليمان باني هيكل الدين اليهودي في أورشليم على جبل صـهيون، ولهذا سموها جمعيـة البنائين الأحرار، ويريدون بهم الذين بنوا هيكل سليمان([55]).

وعلَّق رشيد رضا مستهجنًا التحاق بعض العرب والمسلمين الجاهلين بتلك الجمعية التي تعمل على هدم سلطـان المسلمين الدينـي بأيدي المسلمـين أنفسهم فقال: فهل وجد في العالم أعجب وأغرب من قوم يهدمون ما عند غيرهم من سلطان دينـي لأجل بناء مثله لأنفسهم، ويسخِّرون أولئك الأغيار بمكرهم في الأجيـال الكثيرة والقرون العديدة لما لا يعلمون ولا يعقلون؟ ([56]) وأما علاقة عملها بالدين والسياسـة فمعروفة مما ذكرناه من مقصـدها الذي أنشئت لأجله، فإذا لم تشتغل بالمقصد مباشرة فهي تشتغل بالتمهيد له؛ كجمع كلمة أهل النفوذ في كل بلد، وتكثير سوادهم وتقوية عصبيتهم وإضعاف رابطتهم الدينية السياسية، والانتقال بهم في الإقناع من درجة إلى درجة، حتى يتم الاستعداد بهم إلى تغيير شكل الحكومة وإزالة السلطة الدينية والشخصية، الذي هو مقصد الأخير ولو بالثورة وقوة السلاح([57]). 

وعن أهدافهـا يقول: «إن للجمعية الماسونيـة أسرارًا ورموزًا لا يفقهها إلا بعض أولي النهاية من زعمائها كما كان شأن جمعية الباطنية من الشيعة. ومنها أن هيكل سليمان رمز عند اليهود من أولئك الزعماء المؤسسين لاستعادة الهيكل من المسلمين؛ بل لتجديدهم ملك سليمان؛ ولذلك نجد للصهيونيين أعوانًا كثيرين من النصارى كلهم من الماسون فيما أظن»([58]).

وفي مقـال آخر بعنوان «الماسون في الدولة العثمانيـة» كتب رشيد رضـا أن السلطان عبد الحميد كان عدوًّا للجمعية الماسونية([59])؛ لاعتقاده أنها جمعية سرية، وهو يخاف من كل اجتماع وكل سر، وإن غرضـها إزالة الاستبـداد وهو مسـتبد، وإزالة السلطة الدينية من حكومات الأرض كلها وهو يفخر بالخلافة الإسلامية ويحرص عليها، وقد تنفس الزمان للماسون بعد الانقلاب الذي كان لهم فيه أصابع معروفة، فأسسوا شرقًا (محفلًا) عثمانيًّا أستاذه الأعظم طلعت بك ناظر الداخلية، وأركانه زعماء جمعية الاتحاد والترقي، وأنصاره من اليهود وغيرهم، ولأجل هذا نرى طلعت بك([60]) لا يبالي بسخط الأمة ولا برضاها في إدارته([61]).

لقد كان رشيد رضـا ينظـر إلى السلطان عبد الحميد أنه حاكم مستبد؛ لأنه قضى على الحياة الدستورية، وتدخل في انتخابات مجلس «المبعوثان» لصالح المرشحين المؤيدين له، وعلق للدستور في 14 فبراير سنة 1898م، ورغم هذا فإن رشيد رضا كان يرى ضرورة الحفاظ على الدولة العثمانية التي يعدها «السياج»، فقد كان يؤمن بأفكار ابن تيمية في بقاء الدولة الإسلامية قوية على رأسها الخليفة، لذلك حرص رشيد رضا على هذه الأفكار، رغم وقوفه ضد استبداد السلطان عبد الحميد الثاني، لأن هدفه كان الدولة والحرص عليها([62]).

ويتضح مما سبق أن رشيد رضا من أوائل المفكرين الذين أدركوا الأهداف التي تطرحها الصهيونية لاحتلال فلسطين، واستطاع أن يربط بين الأحداث التيكانت تجري في الدولة العثمانية من صراع سياسي قوي بعد الانقلاب العثماني الذي قادته حركة الاتحاد والترقي، وارتباطها بالماسونية، فكانت الدوائر الصهيونية تسعىلتغيير نظام الحكم في تركيا، ونتيجـة للتعاون الصـهيوني الماسوني قررت المحافل الماسونية الفرنسية في عام 1900م إزاحة السلطان عبد الحميد وبدأت تجذب لهذا الغرض حركة «تركيا الفتاة» منذ بدايتها([63]).

ويبدو أن اهتمام مجلة المنار بكشف حقيقة الماسونية جاء بسبب تغلغل الماسونية في جمعية الاتحاد والترقي الحاكمة في تركيا، والتي انقلبت على السلطان عبد الحميد، وانتشارها في المجتمع العربي، وتأسيس العديد من المحافل في البلاد العربية بالتزامن مع احتلال الدول الاستعمارية للبلاد، وكذلك توجه كثير من القُراء بالأسئلة لمجلةالمنار لاستيضاح حقيقتها التي كانت حينئذ خفية على كثير من الناس، حتى أن العلماء منهم من يشككفيها، ويُحرم الانضـمام إليها، ومنهم من يؤيدها ويمتدح مبادئها، ولكن رشيد رضا كان على اطلاع جيد بأسرارها، فقد اطلعه شيخه محمد عبده على كنههـا بعد أن كان دخلها هو وجمال الدين الأفغاني ثم خرجا منهـا بعد معرفتهما حقيقتها.

*  *  *