جاري التحميل

أثر الحب في الاتباع عند الصحابة رضي الله عنهم

الموضوعات

أثر الحب في الاتِّباع عند الصحابة رضي الله عنهم

كتب الدكتور غازي محمود الشمري حول هذا الموضوع في كتابه ( الحب في السنة وأثره في حياة الأمة) والصادر عن دار المقتبس سنة (1439هـ - 2018م) 

    فقال:


اتّباعُ الصحابةِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم

قال القاضي عياض: اعلم أنَّ من أحبَّ شيئًا آثَـرَهُ و آثـَرَ موافقتـه، وإلا لم يكن صادقًا في حبـه وكان مدعيًا. فالصادق في حبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ من تظهرُ علامةُ ذلك عليه. وأوَّلُها الاقتداءُ به، واستعمالُ سنَّتِهِ، واتباعُ أقواله وأفعاله، وامتثالُ أوامره واجتنابُ نواهيه، والتأدبُ بآدابه في عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قولُه تعالى: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾[آل عمران: 31]، وإيثار مـا شرعـه وحض عليـه على هوى نفسه وموافقة شهوته، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[الحشر: 9]، وإسخاط العباد في رضى الله تعالى)([1]).

وفي ما يأتي أذكر ما يشهد للصحابة رضي الله عنهم بصدق حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم من خلال ثلاثة أمور، تندرج تحت اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم:

1 ـ اتباعهم لسنته صلى الله عليه وسلم .

2 ـ امتثالهم لأمره صلى الله عليه وسلم .

3 ـ حرصهم على وصاياه صلى الله عليه وسلم .

أولًا ـ اتباع الصحابة سنةَ النبي صلى الله عليه وسلم:

كان الصحابة رضي الله عنهم يتَّبعون النبيّ في كلِّ شيءٍ إلَّا ما اختصَّ به صلى الله عليه وسلم .

1 ـ في الوضوء:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَضْمَضَ بِهَا وَاسْتَنْشَق.. ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ([2]).

عَنْ نُعَيْمِ بْـنِ عَبْـدِ الله الْـمُجْمِرِ [مـولى آل عمـر] قَالَ: رَأَيْتُ أَبَـا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَـهُ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ.. ثُـمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ. وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتُمُ الْغُرُّ الْـمُحَجَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ»([3]).

وسُئِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه عَنِ الْوُضُوءِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأُتِيَ بِمِيضَأَةٍ فَأَصْغَاها عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى.. ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ الْوُضُوءِ؟ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ([4]).

وعن سالم [بن عبد الله بن عمر] قال: كُنَّا نوضِّىءُ ابنَ عمرَ وهو مريضٌ، فيأمرُنا أنْ نَمْسَحَ بأُذُنَيْهِ على ما كان يَمْسَح. قال: وأخبرني أيوب عن نافع قال: فَنَسِيْنَا مرًّة أن نمسحَ بأذنيه، فَجَعَلَ يُدْني يَدَيْهِ إلى أُذُنَيْهِ فلا يطيقُ أن يَبْلُغَ أُذُنَيْهِ، ولا ندري ما يريد؟ حتَّى انتبهْنا بَعْدُ، فَمَسَحْنَاهُمَا فَسَكَن([5]).

وعن عليّ قال: لو كان الدِّين برأي؛ كان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، ولكن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ظاهرهما([6]).

2 ـ في الصلاة:

ما كان الصحابة لِيُغيِّروا الصورة التي رأوا عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي؛ وقد قال لهم: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي..»([7]).

فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنِّي لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا([8]).

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: اسْتَأْذَنَ عَلْقَمَةُ وَالأَسْوَدُ عَلَى عَبْدِ الله، وَقَدْ كُنَّا أَطَلْنَا الْقُعُودَ عَلَى بَابِه، فَخَرَجَتِ الْجَارِيَةُ فَاسْتَأْذَنَتْ لَهُمَا، فَأَذِنَ لَهُمَا. ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَعَلَ([9]).

وعن سَالِمٍ أَبِي عَبْدِ الله، عَنْ عُقْبَةَ بْـنِ عَمْـرٍو قَالَ: أَلاَ أُصَلِّي لَكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي؟ فَقُلْنَا: بَلَى. فَقَامَ، فَلَمَّا رَكَعَ؛ وَضَعَ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَجَعَلَ أَصَابِعَهُ مِنْ وَرَاءِ رُكْبَتَيْهِ، وَجَافَى إِبْطَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ حَتَّى اسْتَوَى كُلُّ شيء مِنْهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَجَافَى إِبْطَيْهِ حَتَّى اسْتَقَرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ، ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى اسْتَقَـرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْـهُ، ثُمَّ سَجَدَ حَتَّى اسْتَقَـرَّ كُلُّ شَيْءٍ مِنْـهُ، ثُمَّ صَنَعَ كَذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، وَهَكَذَا كَانَ يُصَلِّي بِنَا([10]).

وعَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْـمَدِينَةِ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا، فَقَرَأَ فِيهَا بِمِئَةِ آيَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَلَوْتُ أَنْ أَضَعَ قَدَمَيَّ حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدَمَيْهِ، وَأَنَا أَقْرَأُ بِمَا قَرَأَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم([11]).

وكان الصحابة ينكرون علـى من خالف السُّنـة من التابعين، ويوجِّهونـه ويُعلِّمونه.

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بن عمر قال: إنَّهُ كَانَ يَرَى عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلاَةِ إِذَا جَلَسَ، فَفَعَلْتُهُ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، فَنَهَانِي عَبْدُ الله ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ: إِنَّمَا سُنَّةُ الصَّلاَةِ أَنْ تَنْصِبَ رِجْلَكَ الْيُمْنَى وَتَثْنِيَ الْيُسْرَى. فَقُلْتُ: إِنَّكَ تَفْعَلُ ذَلِكَ. فَقَالَ: إِنَّ رِجْلَيَّ لاَ تَحْمِلاَنِي([12]).

وعَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أنه رَأَى رَجُلًا لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلاَ سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ قَالَ لَهُ حُذَيْفَـةُ: مَا صَلَّيْتَ. قَالَ: وَأَحْسِبُـهُ قَالَ: وَلَـوْ مُتَّ؛ مُتَّ عَلَى غَيْرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ([13]).

وعَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْـمُعَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ: رَآنِي عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ وَأَنَا أَعْبَثُ بِالْحَصَى فِي الصَّلاَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَهَانِي فَقَالَ: اصْنَعْ كَمَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ. فَقُلْتُ: وَكَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا جَلَسَ فِي الصَّلاَةِ؛ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى([14]).

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عَنْهُ: إِنَّ الرُّكَبَ سُنَّتْ لَكُمْ فَخُذُوا بِالرُّكَبِ([15]).

وعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: وَصَفَ لَنَا الْبَرَاءُ السُّجُودَ، فَوَضَعَ يَدَيْهِ بِالأَرْضِ، وَرَفَعَ عَجِيزَتَهُ([16])وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ([17]).

وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: أَفَضْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ، فَلَمَّا بَلَغْنَا جَمْعًا([18])صَلَّى بِنَا الْـمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلاَثًا، وَاثْنَتَيْنِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَنَا ابْنُ عُمَرَ: هَكَذَا صَلَّى بِنَارَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا المكَانِ([19]).

وروى عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه كَانَ إِذَا سَافَرَ؛ سَارَ بَعْدَ مَاتَغْرُبُ الشَّمْسُ حَتَّى تَكَادَ أَنْ تُظْلِمَ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي الْـمَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْعُو بِعَشَائِهِ فَيَتَعَشَّى، ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ، ثُمَّ يَرْتَحِلُ وَيَقُولُ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ([20]).

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْـهِ فَـوَضَعَهُمَا عَـنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَـوْمُ أَلْقَـوْا نِعَالَهُـمْ. فَلَمَّا قَضـَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صَلاَتَـهُ قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَائِكُمْ نِعَالَكُمْ؟». قَالُـوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَـا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ جِبْرِيلَ عليـه السلام أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا، أو قَالَ: أذىً..»([21]).

3 ـ في مناسك الحجِّ ولُبْسِ نوع ٍمن النِّعال وصَبْغ الّلحية:

عن جَابِر رضي الله عنه قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فَإِنِّي لاَ أَدْرِى لَعَلِّي لاَ أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»([22]).

وعن عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ([23])، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْوُسْطَى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيُسْهِلُ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ قِيَامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الْجَمْرَةَذَاتَ الْعَقَبَـةِ مِنْ بَطْـنِ الْوَادِي وَلاَيَقِفُ، وَيَقُـولُ: هَكَذَا رَأَيْـتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ([24]).

وعَنْ عَمْرِو بْـنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيـهِ قَالَ: طُفْتُ مَعَ عَبْدِ الله [ابن مسعود]، فَلَمَّاجِئْنَا دُبَرَ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلاَ تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ: نَعُوذُ بِالله مِنَ النَّارِ. ثُمَّ مَضَى حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَأَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ، فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا، وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ([25]).

وعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ ابْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْـمُحْرِمُ رَأْسَهُ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لاَيَغْسِلُ الْـمُحْرِمُ رَأْسَهُ. فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ الله بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ الله بْنُ حُنَيْنٍ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ الله بْنُ الْعَبَّاسِ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ الله يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَم ُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ: اصْبُبْ. فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ([26]).

وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: أفضْتُ مع عبدِ اللهِ [ابن مسعود]، فرمى سبعَ حصياتٍ، استبطنَ الوادي، حتى إذا فرغ قال: اللهمَّ اجعلْهُ حَجًا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا ثم قال: هكذا رأيت الذي أنزل عليه سورة البقرة صنع([27]).

وعن عابسِ بـنِ ربيعـةَ قال: رأيتُ عمـرَ بنَ الخطاب استلمَ الحجرَ وقبَّلهُ وقال: لولا أني رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلَك ما قَبَّلْتُك! ([28]).

وعَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّـهُ قَالَ لِعَبْدِ الله بْنِ عُمَـرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا. قَالَ وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ([29])، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُـكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّـةَ، أَهَلَّ([30]) النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَـوْمُ التَّرْوِيَـةِ. قَالَ عَبْدُ الله: أَمَّا الأَرْكَانُ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمَسُّ إِلاَّ الْيَمَانِيَيْنِ. وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا. وَأَمَّا الصُّفْرَةُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا. وَأَمَّا الإِهْلاَلُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ([31]).

4 ـ في الطعـام:

عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ غُلاَمًا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى غُلاَمٍ لَهُ خَيَّاطٍ، فَأَتَاهُ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ وَعَلَيْهِ دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ؛ جَعَلْتُ أَجْمَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: فَأَقْبَلَالْغُلاَمُ عَلَى عَمَلِـهِ. قَالَ أَنَسٌ: لاَ أَزَالُ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ؛ بَعْـدَ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَنَعَ مَا صَنَعَ([32]).

وفي رواية لمسلم: فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ الدُّبَّاءِ وَيُعْجِبُهُ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ؛ جَعَلْتُ أُلْقِيهِ إِلَيْهِ وَلاَ أَطْعَمُهُ([33]).

وفي رواية له أيضًا: قَالَ ثَابِتٌ: فَسَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: فَمَا صُنِعَ لِي طَعَامٌ بَعْدُ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصْنَعَ فِيهِ دُبَّاءٌ إِلاَّ صُنِعَ([34]).

5 ـ في الدعـاء والأذكـار:

أ ـ في دعاء ركوب الدابة:

عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ الله، ثَلاَثًا. فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَـى ظَهْـرِهَا قَـالَ: الْحَمْـدُ لِله، ثُـمَّ قَالَ: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴿١٣﴾ وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: 13 ـ 14]، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِله ـ ثَلاَثًا ـ وَالله أَكْبَرُ ـ ثَلاَثًا ـ سُبْحَانَكَ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّـهُ لاَ يَغْفِـرُ الذُّنُـوبَ إِلاَّ أَنْتَ. ثُمَّ ضَحِكَ. فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْـمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَارَسُولَ الله؟ قَالَ: «إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرُكَ»([35]).

ب ـ في دعاء السفر:

كَانَ ابْن عُمَرَ يَقُـولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ سَفَـرًا: ادْنُ مِنِّي أُوَدِّعْكَ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُوَدِّعُنَا، فَيَقُولُ: «أَسْتَوْدِعُ الله دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ»([36]). 

ت ـ في أذكار الصباح والمساء:

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِيهِ: يَا أَبَتِ، إِنِّي أَسْمَعُكَ تَدْعُو كُلَّ غَدَاةٍ: اللهمَّ عَافِنِي فِي بَدَنِي، اللهـمَّ عَافِنِي فِي سَمْعِي، اللهمَّ عَافِنِي فِـي بَصَرِي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. تُعِيدُهَا ثَلاَثًا حِينَ تُصْبِحُ، وَثَلاَثًا حِينَ تُمْسِي. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو بِهِنَّ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ([37]).

6 ـ في سجود التلاوة:

عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَسْجُدُ فِي ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق: 1]. فَقُلْتُ: تَسْجُدُ فِيهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. رَأَيْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا، فَلاَ أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ: نَعَمْ([38]).

7 ـ في دفع الزكاة:

عندما امتنعت بعض القبائل عن دفع الزكاة، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الخليفة أبـو بكـر رضي الله عنه: «وَالله لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَقَ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَـقُّ الْـمَالِ، وَالله لَـوْ مَنَعُونِي عَنَاقًـا([39]) كَانُـوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا». قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: «فَوَالله مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ الله صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ»([40]).

ثانيًا ـ امتثال الصحابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم:

الامتثال كان حياة الصحابة رضي الله عنهم، لكنني أذكر بعض الوقائع على سبيل المثال لا الحصر:

أ ـ رجلٌ بيده خاتم من ذهب لايعلم حرمة ذلك:

عَنْ عَبْدِ الله بْـنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَـدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَـهُ فَطَرَحَـهُ وَقَالَ: «يَعْمَدُ([41]) أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْـرَةٍ مِـنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ!». فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لاَ وَالله لاَ آخُذُهُ أَبَدًا؛ وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ([42]).

ب ـ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابٍ الْأَسَدِيّ:

بَعَـثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَبْـدَ الله بْـنَ جَحْشِ بْـنِ رِئَـابٍ الْأَسَدِيّ، فِي رَجَبٍ مَقْفَلَهُ مِنْ بَدْرٍ الْأُولَى، وَبَعَثَ مَعَهُ ثَمَانِيَةَ رَهْطٍ مِنْ الْـمُهَاجِرِينَ، لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ أَحَدٌ، وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنْظُرَ فِيهِ حَتّى يَسِيرَ يَوْمَيْنِ ثُمّ يَنْظُرَ فِيهِ، فَيَمْضِيَ لِمَا أَمَرَهُ بِهِ، وَلَا يَسْتَكْرِهَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا([43]).

فَلَمّا سَارَ عَبْدُ الله بْنُ جَحْشٍ يَوْمَيْنِ؛ فَتَحَ الْكِتَابَ فَنَظَرَ فِيهِ؛ فَإِذَا فِيهِ: «إذَا نَظَرْت فِي كِتَابِي هَذَا؛ فَامْضِ حَتّـى تَنْزِلَ نَخْلَـةَ بَيْنَ مَكّـةَ وَالطّائِـفِ، فَتَرَصّدْ بِهَا قُرَيْشًا، وَتَعَلّمْ لَنَا مِنْ أَخْبَارِهِمْ». فَلَمّا نَظَرَ عَبْدُ الله بْنُ جَحْشٍ فِي الْكِتَابِ قَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً ثُمّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَمْضِيَ إلَى نَخْلَةَ، أَرْصُدَ بِهَا قُرَيْشًا حَتّى آتِيَهُ مِنْهُمْ بِخَبَرِ. وَقَدْ نَهَانِي أَنْ أَسْتَكْرِهَ أَحَدًا مِنْكُمْ . فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُرِيدُ الشّهَادَةَ وَيَرْغَبُ فِيهَا فَلْيَنْطَلِقْ. وَمَنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ، فَأَمّا أَنَا فَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَمَضَى وَمَضَى مَعَهُ أَصْحَابُهُ، لَمْ يَتَخَلّفْ عَنْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ([44]).

فالتزام أمير السَّريَّة عبد الله بعدم فتح الكتاب إلَّا بعد يومين، وقوله بعد فتحه وقراءته: «سمعًا وطاعةً»، هو امتثال لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقوله: «فَمَضَى وَمَضَى مَعَهُ أَصْحَابُهُ لَمْ يَتَخَلّفْ عَنْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ»: هو امتثال أيضًا، ورغبة بالشهادة.

ت ـ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أُبيِّ بنِ سَلْولٍ:

وعن أبي هريرة قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبدِ الله بن أُبيِّ بن سَلْولٍ (رأس المنافقين) وهو في ظلِّ، فقال: قد غبَّر([45]) علينا ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، فقال ابنهُ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ: والذي أكرمك، وأنزل عليك الكتاب، لَئِنْ شِئْتَ لآتينَّكَ برأسه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، ولكن بِرَّ أباك وأحسن صحبته»([46]).

ث ـ طلحةُ بنُ البراءِ:

عـن حُصَيْنِ بـنِ وَحْـوَح، أن طلحـةَ بنَ البـراءِ، لمَّـا لقـي النبـي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، مرني بما أحببتَ ولا أعصيَ لك أمرأً. فعجِبَ لذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام! فقال له عند ذلك: «اذهبْ فاقتلْ أَبَاْكَ !». قال: فخرج مُوَلِّيًا ليفعل! فدعاه فقال له: أقبِل. فإني لم أُبعثْ بقطيعة رَحِم.

فمرضَ طَلْحَةُ بعد ذلك، فأتاه النبي، صلى الله عليه وسلم يعوده في الشتاء في بَرْدٍ وغَيْم. فلما انصرف قال لأهله: «لا أرى طلحةَ إلا قد حَدَثَ فيه الموتُ، فآذنوني به حتى أَشْهَدَهُ وأُصَلِّي عليه، وعجِّلوه». فلم يبلغ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بني سالم بن عوف حتى تُوُفِّيَ، وجنَّ عليه الليل. فكان فيما قال طلحة: ادفنوني وألحقوني بربي عَزَّ وجَلَّ، ولا تدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أخاف اليهودَ أنْ يُصابَ في سَبَبي. فأُخبر النبيُّصلى الله عليه وسلم حين أصبح، فجاء حتى وقف على قبره، فصفَّ الناس معه، ثم رفع يديه فقال: «اللهمَّ القَ طلحةَ تضحكُ إليه ويضحكُ إليك»([47]).

قول النبي صلى الله عليه وسلم لطلحةَ بن البراءِ: «اذهبْ فاقتلْ أباك» ـ وكان أبوه مشركًا ـ هو اختبارٌ لمحبة هذا الغلام، فكان امتثالُه دليلًا على صدق محبته.

كذلك قوله رضي الله عنه: «ادفنوني وألحقوني بربي عز وجل، ولا تدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني أخاف اليهـود أن يصاب في سببي»: صورة ثانيـة من هذا الحب، مع أن حضور النبي صلى الله عليه وسلم موتَ طلحةَ والصلاةَ عليـه أمرٌ يتوق إليه طلحة ـ وكل مسلم، فهو شرف عظيم ـ لكنَّ محبَّةَ طلحةَ العارِمَةَ للنبي صلى الله عليه وسلم جعلته يُؤثِرُ سلامةَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم .

وبادل النبيُّ طلحة حبًا بحب، دلَّ على ذلك زيارته له صباح اليوم الثاني؛ عندما علِم بموته، ووقوفه على قبره، والصلاة عليه بجمع من الصحابة، والدعاء له: «اللهمَّ القَ طلحةَ تضحكُ إليه ويضحكُ إليك»، والضحك كناية عن الرضا. فهنيئًا لطلحة!

ثالثًا ـ حرص الصحابة على وصايا النبي صلى الله عليه وسلم:

ووصايا النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته أكثر من أن تُحصى، فالدين كله وصايا، والصحابة رضي الله عنهم حافظوا عليها، لكنِّي اخترت أمثلة بسيطة منها، لا سيما تلك التي اقترنت بألفاظ، تدل على محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، كقولهم: أوصاني خليلي، أو حَبِيبِي، أو حِبِّي. أو تلك الأحاديث التي تُظهر تمسُّكَ الصحابة بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم، والإنكار على من خالفها.

1 ـ صَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلاَةُ الضُّحَى والوِتْرٍ:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» ([48]).

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: «أَوْصَانِي حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثٍ لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لاَ أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ» ([49]).

وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «أَوْصَانِي حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم بِثَلاَثَةٍ لاَ أَدَعُهُنَّ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى أَبَدًا: أَوْصَانِي بِصَلاَةِ الضُّحَى، وَبِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَبِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»([50]).

2 ـ في النهي عن الخَذْف والصلاة في المقابر وفي أرض بابل:

عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ قَرِيبًا لِعَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ رضي اللهُ عنه خَذَفَ، قَالَ: فَنَهَاهُ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَذْفِ([51]) وَقَالَ: «إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْدًا، وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا، وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ». قَالَ: فَعَادَ. فَقَالَ: أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهُ، ثُمَّ تَخْذِفُ! لاَ أُكَلِّمُكَ أَبَدًا([52]).

وعَنْ أَبِي صَالِحٍ الْغِفَارِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ الله عَنْهُ مَرَّ بِبَابِلَ وَهُوَ يَسِيرُ، فَجَاءَهُ الْـمُؤَذِّنُ يُؤَذنُه بِصَلاَةِ الْعَصْرِ، فَلَمَّا بَرَزَ مِنْهَا أَمَرَ الْـمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلاَةَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: «إِنَّ حِبِّي صلى الله عليه وسلم نَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي المقْبُرَةِ، وَنَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ» ([53]).

هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم في حرصهم على وصايا النبي صلى الله عليه وسلم، وامتثال أمره، واتباع سنته.

ولقد ذهب الأمر ببعضهم إلى أكثر من ذلك:

فعن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، أنه كان في طريق مكَّةَ يقول برأس راحلته يثنيها ويقول: لعلَّ خُفًّا يقعُ على خُفٍّ ـ يعني خُفَّ راحلةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ([54]).

واقتفى التابعون بإحسان أَثَرَ الصحابـة، فامتثلـوا ما وصلهم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم على لسان الصحابة، وأضرب لذلك مثالًا بسيطًا:

عن سهيل بن أبي صالح قال: كنتُ عند أبي جالسًا وعنده غلامٌ، فقام الغلامُ، فقعدتُ في مقعد الغلام، فقال لي أبي: قُمْ عن مقعده، إنَّ أبا هريرة أنبأنا: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: «إذاقامَ أحدُكُم من مجلسهِ ثم رجعَ إليه؛ فهو أحقُ به» غير أن سُهيلًا قال: لما أقامني تقاصَرْتُ([55])في نفسي([56]).

*  *  *

 



[1]))   الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم: الباب الثاني في لزوم محبته صلى الله عليه وسلم، فصل في علامة محبته صلى الله عليه وسلم، ص499.

[2]))   صحيح البخاري: كتاب الوضوء، باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة، ص30، ح140.

[3]))   صحيح مسلم: كتاب الطهارة، باب اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فِي الْوُضُوءِ، ص121، ح579.

[4]))   سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ص26، ح108.

[5]))   عبد الرزاق، المصنف: باب المسح بالأذنين، (ج1/ ص12)، ح28.

[6]))   ابن أبي شيبة، المصنف: كتاب الطهارات، في المسح على القدمين، (ج1/ ص30).

[7]))   صحيح البخاري: كتاب الأذان، باب الأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانُوا جَمَاعَةً، وَالإِقَامَةِ، وَكَذَلِكَ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ، وَقَوْلِ الْـمُؤَذِّنِ الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوِ الْـمَطِيرَةِ،ص104، ح631. عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ.

[8]))   المرجع نفسه: كتاب الأذان، باب الْـمُكْثِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، ص133، ح821.

[9]))   سنـن أبـي داود: كتـاب الصلاة، بـاب إِذَا كَانُـوا ثَلاَثَـةً كَيْفَ يَقُومـُونَ، ص100، ح613واللفظ له. وسنن النسائي، كتاب الإمامة، باب مَوْقِفِ الإِمَامِ إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةً وَالاخْتِلاَفِ فِي ذَلِكَ، ص110، ح800.

[10]))   سنن النسائي: كتاب التطبيق، باب مواضع أصابع اليدين في الركوع، ص)143 ـ 144)، ح1038.

[11]))   المرجع نفسه: كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الْقِرَاءَةِ فِى الْوِتْرِ، ص247، ح1729.

[12]))   صحيح البخاري: كتاب الأذان، باب سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ، ص134، ح827.

[13]))   المرجع نفسه، كتاب الأذان، باب إِذَا لَمْ يُتِمَّ سجُودَه، ص131، ح808.

[14]))   صحيح مسلم: كتاب المساجد، باب صِفَـةِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلاَةِ .. ص)235 ـ 236)، ح1311.

[15]))   جامع الترمذي: أبواب الصلاة، باب مَا جَاءَ فِي وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِى الرُّكُوعِ، ص71، ح258. قَالَ أَبُـو عِيسَى: حَدِيـثُ عُمَـرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، واللفظ له. والنسائي، السنن: كتاب التطبيق، باب الإِمْسَاكِ بِالرُّكَبِ فِى الرُّكُوعِ، ص143، ح1035.

[16]))   العَجِيزَة: العَجُز. وعَجُـزُ الرجل: مؤَخَّره، وجمعـه أَعْجاز. [انظر: الفائق في غريب الحديث للزمخشري، (عجز)، (ج2/ ص396). وابن منظور، لسان العرب: (عجز)، (ج5/ ص369)].

[17]))   سنن النسائي: كتاب التطبيق، باب صِفَةِالسُّجُود، ص125، ح1105.

[18]))   أي بمُزْدَلِفَة، وهو مبيتٌ للحاج ومجمع الصلاة إذا صدروا من عرفات، وهو مكان بين بطن مُحَسِّر والمأزمَين. والمزدلفة المشعر الحرام ومصلى الإمام، يصلي فيه العشاءَ والمغرب والصبح،.. إذا أفضت من عرفات تريده فأنتَ فيه حتى تبلغ القرن الأحمر دون محسر وقزَح، الجبل الذي عند الموقف، وهي فرسخ من مِنى، بها مصلى وسقاية ومنارة وبرك عدة إلى جنب جبل ثبير. [معجم البلدان: ياقوت الحموي، الجزء الثامن، حرف الميم باب الميم والزاي وما يليهما، المُزدلِفة، (ج 5 / ص 121) ].

[19]))   سنن أبي داود: كتاب المناسك، باب الصَلاَةِ بجمع، ص283، ح1930.

[20]))   سنن أبي داود: كتاب صلاة السفر، باب مَتَى يُتِمُّ الْـمُسَافِرُ، ص183، ح1234.

[21]))   المرجع السابق نفسه: كتاب الصلاة، باب الصَّلاَةِ فِى النَّعْلِ، ص104، ح650.

[22]))   صحيح مسلم: كتاب الحج، باب اسْتِحْبَابِ رَمْىِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ رَاكِبًا، وَبَيَانِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ»، ص546، ح3137.

[23]))   أَسْهلَ يُسْهِل إذا صار إلى السَّهْل من الأرض، وهو ضد الحَزْن. أراد أنه صَارَ إلى بطن الوَادِي. [النهاية في غريب الحديث والأثر: (سهل)، (ج2/ ص1044)].

[24]))   صحيح البخاري: كتاب الحج، باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ جَمْرَةِ الدُّنْيَا وَالْوُسْطَى، ص(282 ـ 283)، ح1752

[25]))   سنن أبي داود: كتاب المناسك، باب الملتزم، ص276، ح1899.

[26]))   صحيح البخاري: كتاب جزاء الصيد، باب الاغتسال للمحرم، ص297، ح1840واللفظ له. وصحيح مسلم: كتاب الحج، باب جَوَازِ غَسْلِ الْـمُحْرِمِ بَدَنَهُ وَرَأْسَهُ، ص(501 ـ 502)، ح2889.

[27]))   ابن أبي شيبة، المصنف: ما يقول إذا رمى جمرة العقبة، (ج4/ ص344).

[28]))   ابن أبي شيبة، المصنف: كتاب الحج، من قال إذا قبل الحجر سجد عليه، (ج4/ ص431).

[29]))   السِّبْتُ بالكسر: كلُّ جلدٍ مدبوغ.[لسان العرب: (سبت)، (ج2/ ص36)]. والنِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ: هي النعال التي ليس عليها شعـر. وإنما اعتُرض علـيه لأنها نِعالُ أهل النّعْمة والسَّعَة. [النهاية في غريب الحديث والأثر: (سبت)، (ج2/ ص831)].

[30]))   الإهْلال وهو رَفْع الصَّوْت بالتّلْبِيَة. يقال: أهَلَّ المُحْرم بالحج يُهِلُّ إهْلالًا إذا لَبَّى ورفع صَوْتَه. والمُهَلُّ بضمِّ الميم: مَوضِع الإهْلالِ، وهو الميقاتُ الذي يُحْرِمُون منه، ويَقَع على الزَّمان والمصْدر. [ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (هلل)، (ج5/ ص629).

[31]))   متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الوضوء، بابُ غُسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ وَلاَ يَمْسَحُ عَلَـى النَّعْلَيْـنِ، ص)33 ـ 34)، ح166.وصحيح مسلم: كتاب الحج، بـاب بيان أن الأفضل أن يحرم حين تَنْبَعِث به راحلته متوجهًا إلى مكة لا عقب الركعتين، ص490، ح2818.

[32]))   متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الأطعمة، باب مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إِلَى طَعَامٍ وَأَقْبَلَ هُوَ عَلَى عَمَلِهِ، ص969، ح5435، واللفظ له. وصحيح مسلم: كتاب الأشربة، باب جَوَازِ أَكْلِ الْـمَرَقِ وَاسْتِحْبَابِ أَكْلِ الْيَقْطِينِ وَإِيثَارِ أَهْلِ الْـمَائِدَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَإِنْ كَانُوا ضِيفَانًا؛ إِذَا لَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ صَاحِبُ الطَّعَامِ، ص(911 ـ 912)، ح5325.

[33]))   صحيح مسلم: كتاب الأشربة، باب جَوَازِ أَكْلِ الْـمَرَقِ وَاسْتِحْبَابِ أَكْلِ الْيَقْطِينِ وَإِيثَارِ أَهْلِ الْـمَائِدَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَإِنْ كَانُوا ضِيفَانًا إِذَا لَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ صَاحِبُ الطَّعَامِ، ص912، ح5326.

[34]))   المرجع نفسه، ص912، ح5327.

[35]))   سنن أبي داود: كتاب الجهاد، باب ما يقول الرجل إذا ركب، ص376، ح2602. وجامع الترمذي: كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء مَا يَقُولُ إِذَا رَكِبَ دابةً، ص787، ح3446 واللفظ له. قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما. وقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

[36]))   سنن أبي داود: كتاب الجهاد، باب فِى الدُّعَاءِ عِنْدَ الْوَدَاعِ، ص375، ح2600. جامع الترمذي، الجامع: كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء ما يقول إذا ودَّع إنسانًا، ص787، ح3443. واللفظ له. وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله.

[37]))   سنن أبي داود: كتاب الأدب، باب مَا يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ، ص716، ح5090.

[38]))   صحيح مسلم: كتاب المساجد، باب سُجُودِ التِّلاَوَةِ، ص235، ح1306.

[39]))   العَنَاق: الأُنْثَى من أولادِ المَعِزِ إِذا أَتَتْ عليها سنةٌ وجَمْعُها عُنُوق. وهذا جمعٌ نادِرٌ. [ابن الجوزي، غريب الحديث، (ج2/ ص131)].

[40]))   صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب وُجُوبِ الزَّكَاةِ، ص225، ح1400.

[41]))   عَمَدَ للشيء قصد له، أي: تَعَمَّد، وهو ضد الخطأ. [مختار الصحاح، (عمد)، ص(339 ـ 340)].

[42]))   صحيح مسلم: كتاب اللباس والزينة، باب فِي تحريم خَاتَمِ الذَّهَبِ على الرجال ونسخ ما كان من إباحته في أول الإسلام، ص935، ح5472.

[43]))   ابن هشام، السيرة النبوية: سَرِيّةُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ وَنُزُولُ: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ [البقرة: 217]، ص508.

[44]))   المرجع السابق نفسه والموضع نفسه.

[45]))   غَبَّر تَغْبِيرًا: أثار الغُبار. [مختار الصحاح: (غ ب ر)، ص349].

[46]))   الطبراني، المعجم الأوسط: أول الكتاب، (ج1/ ص80)، ح229، وقال: لم يروهذا الحديث عن محمد بن عمرو إلا شبيب بن سعيد تفرد به زيد بن بشر. عزاه له الهيثمي في مجمع الزوائد: كتاب الإيمان، باب منه في المنافقين، (ج1/ ص301 ـ 302)،ح420، وقال: تفرد به زيد بن بشر الحضرمي. قلت [أي الهيثمي]: وثقه ابن حبان وبقية رجاله ثقات. كما أورده الهيثمي في: بابٌ في عبدِ اللهِ بن عبد الله بن أُبيّ رضي الله عنه، (ج9/ ص528)، ح15761، وقال: رواه البزار، ورجاله ثقات.

[47]))   الطبراني، في المعجم الكبير، باب الحاء، حصين بن وحوح الأنصاري، (ج4/ ص28). عزاه له الهيثمي في مجمع الزوائد، كتاب الجنائز، باب الصلاة على القبر، (ج3/ ص37)، وقال: إسناده حسن.

[48]))   متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب التهجد، باب صلاة الضحى في الحَضَر، ص188، ح1178. وصحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب اسْتِحْبَابِ صَلاَةِ الضُّحَى.. ص292، ح1672.

[49]))   صحيح مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب اسْتِحْبَابِ صَلاَةِ الضُّحَى وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ وَأَكْمَلَهَا ثَمَانُ رَكَعَاتٍ وَأَوْسَطَهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتٌّ. ص293، ح1675.

[50]))   سنن النسائي: كتاب الصيام، باب صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، ص331، ح2406.

[51]))   الخَذْف: هو رَمْيك حَصَاة أو نَوَاةً تأخذها بين سُبَّابَتَيك وتَرْمي بها، أو تَتَّخذُ مِخْذَفَة من خشب ثم ترمي بها الحصاة بين إبْهامك والسبابة. [ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (خذف)، (ج2/ ص43)].

[52]))   متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الذبائح والصيد، باب الْخَذْفِ وَالْبُنْدُقَةِ، ص976، ح5479. وصحيح مسلم: باب إِبَاحَةِ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الاِصْطِيَادِ وَالْعَدُوِّ وَكَرَاهَةِ الْخَذْفِ، ص(872 ـ 873)، ح5053. واللفظ له.

[53]))   سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب فِي الْـمَوَاضِعِ الَّتِي لاَ تَجُوزُ فِيهَا الصَّلاَةُ، ص81، ح490

[54]))   مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الزهد، كلام ابن عمر، (ج 8 / ص 177)، ح22.

[55]))   معنى تقاصَرْتُ في نفسي: صَغُرْتُ واستحييت. 

[56]))   أحمد بن حنبل، المسند: مسند أبي هريرة، (ج2/ ص342)، ح8490. 

الموضوعات