جاري التحميل

افتداء الصحابة النبي بأنفسهم

الموضوعات

افتداءُ الصحابةِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بأنفسهم

كتب الدكتور غازي محمود الشمري حول هذا الموضوع في كتابه ( الحب في السنة وأثره في حياة الأمة) والصادر عن دار المقتبس سنة (1439هـ - 2018م) 

    فقال:

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ، وَوَلَدِه، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»([1]).

قال ابن بَطَّال: «قال أبو الزناد: هذا من جوامع الكلم الذى أوتيه صلى الله عليه وسلم، لأنه قد جمع فى هذه الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة، لأن أقسام المحبـة ثلاثـة: محبة إجلال وعظمة كمحبة الوالد، ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد، ومحبة استحسان ومشاكلة كمحبة سائر الناس، فحصر صنوف المحبة. ومعنى الحديث والله أعلم: أن من استكمل الإيمان علم أنَّ حقَّ الرسول وفضلَه آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين، لأن بالرسول استنقذ الله أُمته من النار، وهداهم من الضلال، فالمراد بهذا الحديث بذل النفس دونه صلى الله عليه وسلم. وقال الكسائي في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّـهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الأنفال: 64]، أي حسبك الله ناصرًا وكافيًا، وحسبك من اتبعك من المؤمنين ببذل أنفسهم دونك»([2]).

لذلك كان من دأب الصحابة رضي الله عنهم الحرص على سلامةِ النبي صلى الله عليه وسلم والدفاعِ ما استطاعوا، وذلك بحسب الظروف التي كانت تحيط بهم وبالدعوةإلى الله تعالى، فقبل الهجرة ليس كلُّهم يستطيع ذلك، أما بعدها، فحيث القوة والمنَعَة فتغيَّر الأمر، لذلك يمكن أن نميِّز في ذلك بين مرحلتين: قبل الهجرة، وبعدها.

أولًا ـ قبل الهجرة:

كان المسلمون في مكة قبل الهجرة قلة، وأكثرهم من المستضعفين. فربما كانوا لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، فضلًاعن الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومحاولة ذلك منهم في مكة كانت أشبه بالانتحار، فمنهم من مات تحت التعذيب، كسَمِيَّة أم عمار بن ياسر، على يد أبي جهل، إلا ما كان من أبي بكر، فكان يُخاطر بنفسه دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما أشرف على الهلاك.

وأذكر هنا بعض المشاهد البارزة من فداء سيدنا أبي بكر للنبيَّ صلى الله عليه وسلم:

كان لأبي بكر السبق في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وافتدائه قبل الهجرة في مكة، وفي طريق الهجرة والغار. نرى ذلك من خلال الأمور الآتية:

1 ـ تخليص أبي بكر النبيَّ صلى الله عليه وسلم من المشركين عند الكعبة:

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو، عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْـمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّي الله وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ»([3]).

وسُئلت السيدةُ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، السؤال نفسه: «مَا أَشَدُّ مَا رَأَيْتِ الْـمُشْرِكِينَ بَلَغُوا مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فَقَالَتْ: كَانَ الْـمُشْرِكُونَ قَعَدُوا فِي الْـمَسْجِدِ يَتَذَاكَرُونَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَمَا يَقُولُ فِي آلِهَتِهِمْ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ أَقْبَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامُوا إِلَيْهِ بِأَجْمَعِهِمْ، فَأَتَى الصَّرِيخُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقِيلَ: أَدْرِكْ صَاحِبَكَ! فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِنَا وَإِنَّ لَهُ لَغَدَائِرَ([4]) أَرْبَعًا وَهُوَ يَقُولُ: وَيْلَكُمْ! أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ، وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ? فَلَهَوْا([5])عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَرَجَعَ إِلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، فَجَعَلَ لا يَمَسُّ شَيْئًا مِنْ غَدَائِرِهِ، إِلا جَاءَ مَعَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ»([6]).

فقد عَّرَّض أبو بكر نفسه للهلاك، بعد أن أتاه الصريخ لنجدة النبي صلى الله عليه وسلم . ومن شدة ما ضربه المشركون؛ جعل شعر رأسه يخرج بيده إذا مسَّه!

2 ـ خدمة أبي بكر وأهله للنبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور:

كان ذلك في خروجه مع النبي صلى الله عليه وسلم للهجرة، ودخولهما غار ثور.

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: «فَلَمّا أَجْمَعَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الخُروجَ؛ أَتَى أَبَا بَكْرِ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ، فَخَرَجَا مِنْ خَوْخَةٍ لِأَبِي بَكْرٍ فِي ظَهْرِ بَيْتِهِ، ثُمّ عَمَدَ إلَى غَارٍ بِثَوْرٍ ـ جَبَلٍ بِأَسْفَـلِ مَكّـةَ ـ فَدَخَلَاهُ، وَأَمـَرَ أَبُـو بَكْرٍ ابْنَـهُ عَبْدَ الله بْنَ أَبِي بَكْرٍ، أَنْ يَتَسَمّعَ لَهُمَا مَا يَقُولُ النّاسُ فِيهِمَا نَهَارَهُ، ثُمّ يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى بِمَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْخَبَرِ. وَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ ـ مَوْلَاهُ ـ أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ نَهَارَهُ، ثُمّ يُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا، يَأْتِيهِمَا إذَا أَمْسَى فِي الْغَارِ. وَكَانَتْ أَسَمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، تَأْتِيهِمَا مِنْ الطّعَامِ إذَا أَمْسَتْ بِمَا يُصْلِحُهُمَا»([7]).

فجنَّد أبو بكر نفسَه، وولدَه عبد الله، وابنتَه أسماء، ومولاه عامر، من أجل سلامة النبي صلى الله عليه وسلم من خطر قريش التي تبحث عنه.

3 ـ تفحُّصُ أبي بكر للغار قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم إليه:

وتُظْهِر بقية الصورة حرصَ أبي بكر رضي الله عنه، وخوفه على النبي صلى الله عليه وسلم، بل ترتقي إلى الفداء بالنفس. ذلك أنه لمَّا «انْتَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبو بَكْرٍ إلَى الْغَارِ لَيْلًا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَبْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَسَ الْغَارَ لِيَنْظُرَ: أَفِيهِ سَبُعٌ أَوْ حَيّةٌ؟ يَقِي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ»([8]).

4 ـ في طريق الهجرة:

عن محمد بن سيرين قال: «ذُكِر رجالٌ على عهد عمر رضي الله عنه، فكأنهم فضلوا عمرَ على أبي بكر رضي الله عنهما. قال: فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فقال: واللهِ لليلةٌ من أبي بكر خيرٌ من آلِ عمرَ. وليومٌ من أبي بكرٍ خيرٌ من آلِ عمرَ. لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر، فجعل يمشي ساعة بين يديه، وساعة خلفه، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا بكر، مالك تمشي ساعة بين يدي وساعة خلفي؟ فقال: يارسول الله، أذكر الطلب فأمشي خلفك، ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك. فقال: يا أبا بكر، لو كان شيءٌ أحببتَ أن يكون بك دوني؟ قال: نعم والذي بعثك بالحق، ما كانت لتكون من مُلمَّة إلا أن تكون بي دونك. فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار. فدخل واستبرأه حتى إذا كان في أعلاه؛ ذكر أنه لم يستبرئ الحجرة فقال: مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الحجرة فدخل واستبرئ ثم قال: انزل يا رسول الله فنزل. فقال عمر: والذي نفسي بيده، لتلك الليلة خير من آل عمر!»([9]).

ففي هذا الخبر صور من روائع الحب، حب أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم، ما جعل سيدنا عمر يُفضِّل سيدنا أبا بكر على نفسه، فقال ما قال.

ثانيًا ـ ما بعد الهجرة:

أما الحال بعد الهجرة فتغيَّر، فقد قوي المسلمون بإخوانهم الأنصار، حيث المنعة والنصرة، وتشريع الجهاد في سبيل الله تعالى. وهذه المرحلة كلها دفاع عن دين الله تعالى، ودفاع عن رسوله صلى الله عليه وسلم . فتراهم حوله صلى الله عليه وسلم، يحفُّونه بالعناية والخدمة والرعاية، ويخشون عليه. ولو ذهب لقضاء حاجة وأبطأ عليهم، تجدهم يفزعون لذلك ويُهرعون، يبحثون عنه صلى الله عليه وسلم ليطمئنُّوا على سلامته، فهناك اليهود ممنساكنهم المدينة، وفيها المنافقون، كذلك من خارجها المشركون.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، مَعَنَا أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا؟ فَلَمْ أَجِدْ. فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ ـ وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ ـ فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَبو هُرَيْرَةَ؟». فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ وَهَؤُلاَءِ النَّاسُ وَرَائِي... الحديث([10]).

هذا في أيام السِّلم، أما في الجهاد، حين تلمع البوارق فوق الرؤوس، والقنا تقرع القنا، ويرتفع التكبير؛ فإن حرصهم على النبي صلى الله عليه وسلم يزداد. فيحيطون به، ويدافعون عنه، ويقاتلون دونه، ويحولون دون وصول العدو إليه، وإذا لزم الأمر؛ افتدوه بأرواحهم، ولو ماتوا جميعًا واحدًا تلو الآخر، ولا يَخْلُصَ إليه ما يكرهون! ففي مثل هذه المواقف تُمتحنُ المحبة.

ومواقف الفداء كثيرة، لكن أنتقي منها الآتي:

1 ـ الصحابة يسترون النبي صلى الله عليه وسلم من مشركي مكة مخافة عليه:

وكذلك في عُمْرَة الْقَضَاءِ ـ قبل فتح مكة ـ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ([11])، جعل الصحابة رضي الله عنهم، يسترونه في الطواف والسعي؛ مخافة أن يرميه أحد من أهلها.

عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي اللهُ عنهما قَالَ: «اعْتَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ؛ طَافَ وَطُفْنَا مَعَهُ، وَأَتَى الصَّفَا وَالْـمَرْوَةَ وَأَتَيْنَاهَا مَعَهُ، وَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّـةَ؛ أَنْ يَرْمِيَـهُ أَحَدٌ. فَقَالَ لَـهُ صَاحِبٌ لِي: أَكَانَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ: لاَ»([12]).

2 ـ محافظة الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر:

نجد الصحابة رضي الله عنهم في غزوة بدر، يبنون له صلى الله عليه وسلم عريشًا ليكون فيـه، يرقب المعركـة، فإن كانت الأخرى؛ ركب إلى المدينـة ولحـق بمـن بقي من الصحابة، فإنهم ليسوا أقلَّ حُبًّا له من الذين حضروا.

فعن سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ـ أحد زعماء الأنصار ـ رضي الله عنه قَالَ: «يَا نَبِيّ الله، أَلَا نَبْنِي لَك عَرِيشًا تَكُونُ فِيهِ، وَنُعِدّ عِنْدَك رَكَائِبَك، ثُمّ نَلْقَى عَدُوّنَا؟ فَإِنْ أَعَزّنَا الله وَأَظْهَرَنَا عَلَى عَدُوّنَا؛ كَانَ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَا، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى؛ جَلَسْت عَلَى رَكَائِبِك، فَلَحِقْت بِمَنْ وَرَاءَنَا. فَقَدْ تَخَلّفَ عَنْك أَقْوَامٌ يَا نَبِيّ الله، مَا نَحْنُ بِأَشَدّ لَك حُبّا مِنْهُمْ. وَلَـوْ ظَنّـوا أَنّك تَلْقَـى حَرْبًـا مَا تَخَلّفُـوا عَنْـك. يَمْنَعُك الله بِهِمْ، يُنَاصِحُونَكَ وَيُجَاهِدُونَ مَعَك. فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَدَعَا لَهُ بِخَيْرِ. ثُمّ بُنِيَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَرِيشٌ فَكَانَ فِيهِ»([13]).

3 ـ مَشَاهِدٌ من الفداء في غَزْوَةِ أُحُدٍ:

أمَّا في غَزْوَةِ أُحُدٍ، فقد تزاحمتْ صُوَرُ المحبَّةِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولك أنْ تَتَنبَّأَ بها منذ أنْ لَبِسَ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَأْمَتَهُ وخرجَ بأصحابهِ في مَوْكِبٍ مهيبٍ !

قال الواقدي: «...ثُمّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثَةِ أَرْمَاحٍ، فَعَقَدَ ثَلَاثَةَ أَلْوِيَةٍ، فَدَفَعَ لِوَاءَ الْأَوْسِ إلَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، وَدَفَعَ لِوَاءَ الْخَزْرَجِ إلَى الْحُبَابِ بْنِ الْـمُنْذِرِ ابْنِ الْجَمُوحِ ـ وَيُقَالُ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ـ وَدَفَعَ لِوَاءَ المُهَاجِرِينَ إلَى عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَيُقَالُ إلَى مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ. ثُمّ دَعَا النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِفَرَسِهِ فَرَكِبَهُ، وَأَخَذَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْقَوْسَ وَأَخَذَ قَنَاةً بِيَدِهِ... وَالْـمُسْلِمُونَ مُتَلَبّسُونَ السّلَاحَ قَدْ أَظْهَرُوا الدّرُوعَ، فِيهِمْ مِئَةُ دَارِعٍ.

فَلَمّا رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ السَّعْدَانِ أَمَامَهُ يَعْدُوَانِ ـ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ـ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارِعٌ، وَالنّاسُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ حَتّى سَلَكَ عَلَى الْبَدَائِعِ...»([14]).

والسَّعْدَانِ رضي الله عنهما هما سيِّدا الأنصارِ الأوْسِ والخَزْرَج !

أمَّا في مشاهد البطولة والفداء ـ حين حمي الوَطِيس ـ فالصُّوَرُ كثيرةٌ، أذكرُ أهمَّها:

أ ـ قتالُ طَلْحَةَ وأحَدَ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ دون رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَوَلَّى النَّاسُ، كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي نَاحِيَةٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ الله، فَأَدْرَكَهُمُ الْـمُشْرِكُونَ، فَالْتَفَتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقَالَ: «مَنْ لِلْقَوْمِ؟». فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا. قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كَمَا أَنْتَ». فَقَـالَ رَجُـلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا يَا رَسُولَ الله. فَقَالَ: «أَنْتَ»، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا الْـمُشْرِكُونَ فَقَالَ: «مَنْ لِلْقَوْمِ؟». فَقَالَ طَلْحَةُ أَنَا. قَالَ: «كَمَا أَنْتَ». فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا. فَقَالَ: «أَنْتَ»، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ، وَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَيُقَاتِلُ قِتَالَ مَنْ قَبْلَـهُ حَتَّى يُقْتَـلَ، حَتَّى بَقِـيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَطَلْحَـةُ بْـنُ عُبَيْـدِ الله. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لِلْقَوْمِ؟». فَقَالَ طَلْحَةُ أَنَا. فَقَاتَلَ طَلْحَةُ قِتَالَ الأَحَدَ عَشَرَ، حَتَّى ضُرِبَتْ يَدُهُ، فَقُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، فَقَالَ: حَسِّ([15])، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتَ بِسْمِ اللهِ؛ لَرَفَعَتْكَ الْـمَلاَئِكَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ !». ثُمَّ رَدَّ الله الْـمُشْرِكِينَ»([16]).

قَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: «رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلاَّءَ، وَقَى بِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ» ([17]).

وقال مـوسى بنُ طلحـةَ: «لقـد رأيتُ بطلحـةَ أربعـةً وعشرينَ جُرْحًا، جُرِحَها مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم»([18]).

قال الواقديُّ: وَسُئِلَ طَلْحَةُ: يَا أَبَا مُحَمّدٍ، مَا أَصَابَ إصْبَعَك؟ قَالَ: رَمَى مَالِكُ بْنُ زُهَيْرٍ الْجُشَمِيّ بِسَهْمٍ يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لَا تُخْطِئُ رَمْيَتُهُ، فَاتّقَيْت بِيَدِي عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابَ خِنْصَرِي، فَشُكّ فَشُلّ إصْبَعُهُ. وَقَالَ حِينَ رَمَـاهُ. حَسّ ! فَقَـالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لـو قَالَ بِسْمِ اللهِ لَدَخَـلَ الْجَنّةَ وَالنّاسُ يَنْظُرُونَ ! من أحبّ أن ينظر إلى رَجُلٍ يَمْشِي فِي الدّنْيَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنّةِ فَلْيَنْظُرْ إلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، طَلْحَةُ مِمّنْ قَضَى نَحْبَه» ([19]).

ب ـ قتال أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود رضي الله عنه:

عَنْ أَنَسِ بْـنِ مَـالِكٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَـوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ نَـاسٌ مِـنَ النَّاسِ عَـنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ([20]) بِحَجَفَةٍ([21]). قَالَ: وَكَانَ أبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ([22])، وَكَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَـةُ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُـولُ: انْثُـرْهَا لأَبِي طَلْحَـةَ.قَالَ: وَيُشْرِفُ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم، يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: يَا نَبِيَّ الله بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، لاَ تُشْرِفْ، لاَ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ»([23]).

ج ـ امْرَأَةٌ تسلو بالنبيِّ عليه الصلاة والسلام عن مُصَابِها العظيم:

أمرأة من بني دينارأُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبُوهَا، لكنها عندما رأتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سالمًا؛ سَلَتْ عن مصيبتها !

عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ قَالَ: «مَرّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ مِنْ بَنِي دِينَارٍ، وَقَدْ أُصِيبَ زَوْجُهَا وَأَخُوهَا وَأَبوهَا، مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِأُحُدٍ، فَلَمّا نُعُوا لَهَا، قَالَتْ: فَمَا فَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ؟ قَالُوا: خَيْرًا يَا أُمّ فُلَانٍ، هُوَ بِحَمْدِ الله كَمَا تُحِبّينَ. قَالَتْ: أَرُونِيهِ حَتّى أَنْظُرَ إلَيْهِ، قَالَ: فَأُشِيرَ لَهَا إلَيْهِ، حَتّى إذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلّ مُصِيبَةٍ بَعْدَك جَلَلٌ تُرِيدُ صَغِيرَةً»([24]).

د ـ قتال أُمّ عُمَارَةَ رضي الله تعالى عنها دون النبي عليه الصلاة والسلام:

وَقَاتَلَتْ أُمّ عُمَارَةَ، نَسِيْبَةُ([25]) بِنْتُ كَعْبٍ المازِنِيّة يَوْمَ أُحُدٍ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: «ذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيّ: أَنّ أُمَّ سَعْدٍ بِنْتِ سَعْدِ ابْنِ الرّبِيعِ كَانَتْ تَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ عُمَارَةَ فَقُلْت لَهَا: يَا خَالَةُ أَخْبِرِينِي خَبَرَك؟ فَقَالَتْ: خَرَجْتُ أَوّلَ النّهَارِ، وَأَنَا أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ النّاسُ، وَمَعِي سِقَاءٌ فِيهِ مَاءٌ، فَانْتَهَيْتُ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ، وَالدّوْلَةُ وَالرّيحُ لِلْمُسْلِمِينَ. فَلَمّا انْهَزَمَ الْـمُسْلِمُونَ انْحَزْتُ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقُمْت أُبَاشِرُ الْقِتَالَ، وَأَذُبّ عَنْهُ بِالسّيْفِ، وَأَرْمِي عَنْ الْقَوْسِ، حَتّى خَلَصَتِ الْجِرَاحُ إلَيّ. قَالَتْ: فَرَأَيْتُ عَلَىعَاتِقِهَا جُرْحًا أَجْوَفَ لَهُ غَوْرٌ، فَقُلْت: مَنْ أَصَابَك بِهَذَا؟ قَالَتْ: ابْنُ قَمِئَةَ أَقْمَأَهُ الله. لَمّا وَلّى النّاسُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَقْبَلَ يَقُولُ: دُلّونِي عَلَى مُحَمّدٍ، فَلَا نَجَوْتُ إنْ نَجَا. فَاعْتَرَضْتُ لَـهُ أَنَـا وَمُصْعَبُ بْـنُ عُمَيْرٍ، وَأُنَاسٌ مِمّنْ ثَبَتَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَضَرَبَنِي هَذِهِ الضّرْبَةَ. وَلَكِنْ فَلَقَدْ ضَرَبْتُهُ عَلَى ذَلِكَ ضَرْبَاتٍ، وَلَكِنّ عَدُوّ الله كَانَ عَلَيْهِ دِرْعَانِ !»([26]).

ﻫ ـ قتال أَبي دُجَانَة سِمَاك بن خرشة رضي الله تعالى عنه:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: «وَتَرّسَ دُونَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَبو دُجَانَة بِنَفْسِهِ، يَقَعُ النّبْلُ فِي ظَهْرِهِ، وَهُوَ مُنْحَنٍ عَلَيْهِ، حَتّى كَثُرَ فِيهِ النّبْلُ»([27]).

وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النّعْمَانِ رضي الله عنه، [حَتّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ]، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَرَدّهَا عَلَيْهِ بِيَدِهِ، وَكَانَتْ أَصَحّ عَيْنَيْهِ وَأَحْسَنَهُمَا([28]).

و ـ قتال سَعْد بْن الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيّ رضي الله تعالى عنه:

عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ؛ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ؟». فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ الله. فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَطُوفُ بَيْنَ الْقَتْلَى، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: بَعَثَنِي إِلَيْكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لآتِيَهُ بِخَبَرِكَ. قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلاَمَ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي قَدْ طُعِنْتُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ طَعْنَةً، وَأَنِّي قَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلي، وَأَخْبِرْ قَوْمَكَ: أَنَّهُ لاَ عُذْرَ لَهُمْ عِنْدَ اللهِ؛ إِنْ قُتِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ حَيٌّ»([29]).

4 ـ فداءٌ عجيبٌ من خُبَيْبٍ بْنِ عَدِيٍّ، وَزَيْدٍ بْنِ الدَّثِنّةِ رضي الله عنهما:

لقد ضرب خُبَيْبُ بْنُ عَدِيّ، وَزَيْدُ بْنُ الدّثِنّةِ رضي الله عنهما مَثَلًا عظيمًا في الفداء والوفاء لرسُولِ صلى الله عليه وسلم:

أ ـ خُبَيْبُ بن عديّ الأنصاري رضي الله عنه:

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ، جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ ـ وَهْوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ـ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصَّوا آثَارَهُمْ، حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ الْـمَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاقْتَصَّوا آثَارَهُمْ. فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَأوا إِلَى فَدْفَدٍ([30])، وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمُ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَلاَ نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا. قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا، فَوَالله لاَ أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللهمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَّةَ وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُـوا أَوْتَـارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ. فَقَـالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَـذَا أَوَّلُ الْغَـدْرِ، وَالله لاَ أَصْحَبُكُمْ ! إِنَّ فِي هَـؤُلاَءِ لأُسْوَةً ـ يُرِيـدُ الْقَتْلَى ـ فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ. فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَّةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا. فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا، اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ. قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسُهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْـمُوسَى بِيَدِهِ، فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي فَقَالَ: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ. وَالله مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَالله لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْـفِ عِنَبٍ فِي يَـدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَـا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ! وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنَ الله رَزَقَهُ خُبَيْبًا. فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ؛ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ. فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: لَوْلاَ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ؛ لَطَوَّلْتُهَا. اللهمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا.

وَلَسْتُ أُبَالي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا

عَلَى أَيِّ شِـقٍّ كَانَ لِله مَصْرَعِي

وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ

يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَـالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ

فَقَتَلَهُ ابْنُ الْحَارِثِ، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا. فَاسْتَجَابَ اللهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا. وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ، حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ، لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ([31])، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا»([32]).

وفي القصّة تفصيل:

قال الواقدي: «فَلَمّا صَلّى الرّكْعَتَيْنِ، حَمَلُـوهُ إلَى الْخَشَبَـةِ، ثُمّ وَجّهُـوهُ إلَى الْـمَدِينَةِ وَأَوْثَقُوهُ رِبَاطًا، ثُمّ قَالُوا: ارْجِعْ عَنْ الْإِسْلَامِ نُخْلِ سَبِيلَك. قَالَ: لَا وَالله، مَا أُحِبّ أَنّي رَجَعْت عَنْ الْإِسْلَامِ وَأَنّ لِي مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا. قَالُوا: فَتُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا فِي مَكَانِك وَأَنْتَ جَالِسٌ فِي بَيْتِك؟ قَالَ: وَاَلله مَا أُحِبّ أَنْ يُشَاكَ مُحَمّدٌ بِشَوْكَةٍ، وَأَنَا جَالِسٌ فِي بَيْتِي. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ ارْجِعْ يَا خُبَيْبُ! قَالَ: لَا أَرْجِعُ أَبَدًا. قَالُوا: أَمَا وَاَللّاتِ وَالْعُزّى، لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَنَقْتُلَنّكَ. فَقَالَ: إنّ قَتْلِي فِي الله لَقَلِيلٌ. فَلَمّا أَبَى عَلَيْهِمْ، وَقَدْ جَعَلُوا وَجْهَهُ مِنْ حَيْثُ جَاءَ قَالَ: أَمّا صَرْفُكُمْ وَجْهِي عَنِ الْقِبْلَةِ فَإِنّ الله يَقُولُ: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ [البقرة: 115]. ثُمّ قَالَ: اللهمّ إنّي لَا أَرَى إلّا وَجْهَ عَدُوّ، اللهمّ إنّهُ لَيْسَ هَاهُنَا أَحَدٌ يُبَلّغُ رَسُولَك السّلَامَ عَنّي، فَبَلّغْـهُ أَنْتَ عَنّي السّلَامَ. فَحَدّثَنِي أُسَامَـةُ بْـنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيـهِ، أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ، فَأَخَذَتْهُ غَمْيَةٌ([33]) كَمَا كَانَ يَأْخُذُهُ إذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ. قَالَ: ثُمّ سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: «وَعَلَيْهِ السّلَامُ وَرَحْمَةُ الله». ثُمّ قَالَ: «هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُنِي مِنْ خُبَيْبٍ السّلَامَ»([34]).

وقَالَ: «ثُمّ دَعَوْا أَبْنَاءً مِنْ أَبْنَاءِ مَنْ قُتِلَ بِبَدْرٍ، فَوَجَدُوهُمْ أَرْبَعِينَ غُلَامًا، فَأَعْطَوْا كُلّ غُلَامٍ رُمْحًا، ثُمّ قَالُوا: هَذَا الّذِي قَتَلَ آبَاءَكُمْ. فَطَعَنُوهُ بِرِمَاحِهِمْ طَعْنًا خَفِيفًا، فَاضْطَرَبَ عَلَى الْخَشَبَةِ فَانْقَلَبَ فَصَارَ وَجْهُهُ إلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ الْحَمْدُ لِله الّذِي جَعَلَ وَجْهِي نَحْوَ قِبْلَتِهِ الّتِي رَضِيَ لِنَفْسِهِ وَلِنَبِيّهِ وَلِلْمُؤْمِنَيْنِ.. وَكَانَ عُقْبَةُ ابْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ مِمّنْ حَضَرَ، وَكَانَ يَقُولُ: وَاَلله مَا أَنَا قَتَلْت خُبَيْبًا، إنْ كُنْت يَوْمَئِذٍ لَغُلَامًا صَغِيرًا. وَلَكِنّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الدّارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَيْسَرَةَ مِنْ عَوْفِ ابْنِ السّبّاقِ، أَخَذَ بِيَدِي فَوَضَعَهَا عَلَى الْحَرْبَةِ، ثُمّ أَمْسَكَ بِيَدِي، ثُمّ جَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ حَتّى قَتَلَهُ. فَلَمّا طَعَنَهُ بِالْحَرْبَةِ أَفْلَتْ، فَصَاحُوا: يَا أَبَا سِرْوَعَةَ، بِئْسَ مَا طَعَنَهُ أَبُو مَيْسَرَةَ. فَطَعَنَهُ أَبُو سِرْوَعَةَ حَتّى أَخَرَجَهَا مِنْ ظَهْرِهِ، فَمَكَثَ سَاعَةً يُوَحّدُ الله، وَيَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا رَسُولُ الله. يَقُولُ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ: لَوْ تَرَكَ ذِكْرَ مُحَمّدٍ عَلَى حَالٍ لَتَرَكَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ. مَا رَأَيْنَا قَطّ وَالِدًا يَجِدُ بِوَلَدِهِ مَا يَجِدُ أَصْحَابُ مُحَمّدٍ بِمُحَمّدٍ صلى الله عليه وسلم !»([35]).

ب ـ زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَّةِ الأَنْصَارِيُّ رضي الله عنه:

قال الواقدي: «وَكَانَ زَيْدُ بْنُ الدَّثِنّة عِنْدَ آلِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيّةَ مَحبُوسًا فِي حَدِيدٍ، وَكَانَ يَتَهَجّدُ بِاللّيْلِ وَيَصُومُ النّهَارَ، وَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِمّا أُتِيَ بِهِ مِنَ الذّبَائِحِ. فَشَقّ ذَلِكَ عَلَى صَفْوَانَ وَكَانُوا قَدْ أَحْسَنُوا إسَارَهُ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ صَفْوَانُ: فَمَا الّذِي تَأْكُلُ مِنَ الطّعَامِ؟ قَالَ: لَسْت آكُلُ مِمّا ذُبِحَ لِغَيْرِ الله، وَلَكِنّي أَشْرَبُ اللّبَنَ. وَكَانَ يَصُومُ، فَأَمَرَ لَهُ صَفْوَانُ بِعُسّ مِنْ لَبَنٍ عِنْدَ فِطْرِهِ، فَيَشْرَبُ مِنْهُ حَتّى يَكُونَ مِثْلَهَا مِنَ الْقَابِلَةِ. فَلَمّا خَرَجَ بِهِ وَبِخُبَيْبٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ الْتَقَيَا، وَمَعَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النّاسِ، فَالْتَزَمَ كُلّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَأَوْصَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِالصّبْرِ عَلَى مَا أَصَابَهُ، ثُمّ افْتَرَقَا. وَكَانَ الّذِي وَلِيَ قَتْلَ زَيْدٍ نِسْطَاسٌ غُلَامُ صَفْوَانَ. خَرَجَ بِهِ إلَى التّنْعِيمِ فَرَفَعُوا لَهُ جَذَعًا([36])، فَقَالَ: أُصَلّي رَكْعَتَيْنِ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمّ حَمَلُوهُ عَلَى الْخَشَبَـةِ، ثُمّ جَعَلُـوا يَقُولُونَ لِزَيْـدٍ: ارْجِـعْ عَنْ دِينِـك المحْـدَثِ وَاتّبِـعْ دِينَنَا، وَنُرْسِلْك. قَالَ: لَا وَاَلله لَا أُفَارِقُ دِينِي أَبَدًا. قَالُوا: أَيَسُرّك أَنّ مُحَمّدًا فِي أَيْدِينَا مَكَانَك وَأَنْتَ فِي بَيْتِك؟ قَالَ: مَا يَسُرّنِي أَنّ مُحَمّدًا أُشِيكَ بِشَوْكَةٍ وَأَنّي فِي بَيْتِي. قَالَ: يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: لَا، مَا رَأَيْنَا أَصْحَابَ رَجُلٍ قَطُّ، أَشَدَّ لَهُ حُبًّا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ بِمُحَمّد!»([37]).

هذه المشاهد من الحب لهذين الصحابيين خُبَيْبٍ بْنِ عَدِيٍّ، وَزَيْدِ بْنِ الدّثِنّةِ رضي الله عنهما، يقف التعبير عن وصفها عاجزًا. وما يمكن فهمه أنها مواقف منطلقها الحب، ومستقرها التضحيات والفداء.

مواقفٌ تبعث على الإجلال والإكبار للصحابة الكرام! فهم كما أمر الله تعالى: ﴿وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ﴾[التوبة: 120]، فكان حبهم لنفسه صلى الله عليه وسلم أعظم من حبهم لأنفسهم.

ومشاهد تدهش السامع ! وتبقى في ذاكرة الشاهد مع الزمان، وليس الخبر كالمعاينة:

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمّدٍ الْأَخْنَسِيّ قَالَ: «اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ الله عَنْهُ سَعِيدَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حذْيَمٍ الْجُمَحِيّ عَلَى حِمْصَ، وَكَانَتْ تُصِيبُهُ غَشْيَةٌ وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَيْ أَصْحَابِهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ، فَسَأَلَهُ فِي قَدْمَةٍ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنْ حَمْصَ فَقَالَ: يَا سَعِيدُ، ما الّذِي يُصِيبُك؟ أَبِكَ جُنّةٌ([38])؟ قَالَ: لَا وَالله يَا أَمِيرَ المؤْمِنِينَ، وَلَكِنّي كُنْت فِيمَنْ حَضَرَ خُبَيْبًا حَيْنَ قُتِـلَ، وَسُمِعْـتُ دَعْـوَتُهُ. فَـوَالله مَا خَطَرَتْ عَلَى قَلْبِي وَأَنَا فِي مَجْلِسٍ إلّا غُشِيَ عَلَيّ. قَالَ: فَزَادَتْهُ عِنْدَ عُمَرَ خَيْرًا»([39]). 

*  *  *

 



[1]))   متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب حُبِّ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الإِيمَانِ، ص6، ح15.وصحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب وُجُوبِ مَحَبَّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مِنَ الأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَإِطْلاَقِ عَدَمِ الإِيمَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يُحِبَّهُ هَذِهِ المحَبَّةَ، ص41، ح169.

[2]))   شرح صحيح البخاري، تفسير كتاب الإيمان، بَابَ حُب الرسول مِنَ الإيمَانِ، (ج1/ ص66).

[3]))   صحيح البخاري: كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضل أبي بكر، ص618، ح3678.

[4]))   والغَدائِرُ: الذوائب واحدتها غَدِيرة. قال الليث: كل عَقِيصة غَدِيرة والغَدِيرتان الذُّؤابتان اللتان تسقطان على الصدر. [لسان العرب: (غدر)، (ج5/ ص8)].

[5]))   لَهِيَ عن الشيء؛ إذا غفل وشُغِل.[الفائق: حرف الام، اللام مع الهاء، (ج3/ ص336)]. أي شُغِلوا عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بأَبِي بَكْرٍ يضربونه، رضي الله تعالى عنه وانظر: [مختار الصحاح: (ل ﻫ ا) ص444].

[6]))   أبو يعلى، المسند: مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، (ج1/ ص52)، ح52. عزاه له الهيثمي في مجمع الزوائد: كتاب المغازي والسير، باب تبليغ النبي ما أرسل به وصبره على ذلك، (ج6/ ص17)، قال: رواه أبو يعلى وفيه ابن تَدْرُس جد أبي الزبير ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

قلت: وأصل الحديـث فـي صحيـح البخـاري ـ كما مـرّ ـ: كتاب فضائـل أصحـاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب فضل أبي بكر، ص618، ح3678.

[7]))   ابن هشام، السيرة النبوية: [قِصّةُ الرّسُولِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْغَارِ]، ص418.

[8]))   المرجع نفسه والموضع نفسه، عن الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ.

[9]))   الحاكم، المستدرك على الصحيحين: كتاب الهجرة، (ج3/ ص7)، ح4268 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين لولا إرسال فيه ولم يخرجاه قال الذهبي: صحيح مرسل.

[10]))   صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على أنَّ مَنْ مات على التوحيد دَخَلَ الْجَنَّةَ قطعًا، ص37، ح147.

[11]))   ابن هشام، السيرة النبوية: عُمْرَةُ الْقَضَاءِ ص903.

[12]))   صحيح البخاري: كتاب العمرة، باب مَتَى يَحِلُّ الْـمُعْتَمِرُ، ص289، ح1791.

[13]))   ابن هشام، السيرة النبوية: غزوة بدرٍ الكبرى، بِنَاءُ الْعَرِيشِ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ص523.

[14]))   مغازي الواقدي: غزوة أُحُد، (1/ 215).

الموضوعات