الرقة والبكاء عند الصحابة رضي الله تعالى عنهم
الرقة والبكاء عند الصحابة رضي الله تعالى عنهم
كتب الدكتور غازي محمود الشمري حول هذا الموضوع في كتابه ( الحب في السنة وأثره في حياة الأمة) والصادر عن دار المقتبس سنة (1439هـ - 2018م)
فقال:
لا أحسب أحدًا خالط الحبُّ بشاشةَ قلبه؛ إلَّا رقَّ طبعُه، وإن لم تبكِ عيناه بكى قلبه، سواء كان من البشر، أو الشجر، أو الحيوان، أو الحجر. أما اهتزَّت جبالٌ تحت أقـدام المصطفى، وحنَّ الجذع إليـه وبكى، والجملُ سالت دموعُـه وبثَّ أحزانه واشتكى؟! فما بالك بسيِّد المحبِّين عليه أفضل الصلاة وأتمُّ التسليم،وبالصحابة الكرام الذين من الحب قلوبهم تضلَّعت، وإليه تشوَّفت وتطلعت!
أولًا ـ الرقة والبكاء عند النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
لقد بكى صلى الله عليه وسلم في مناسبات عديدة، بكى عند موت وَلَدِهِ إبراهيم، وسالت دموعه على خدِّ عثمان بن مظعون، وبكى عندما رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي». وعندما سمع القرآنَ من عَبْدِ الله بن مسعود، كما كان يبكي صلى الله عليه وسلم في صلاته ولصَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنَ الْبُكَاء، وقد مرَّ ذلك في ثنايا البحث. كما بكى صلى الله عليه وسلم في مناسبات أُخرى، منها:
1 ـ بكاؤه عندما زار قبر أمه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ، فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكم الْـمَوْتَ»([1]).
2 ـ بكاؤه عند أخذ الفداء من أُسارى بدر:
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أ َسَرُوا الأُسَارَى، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لأَبِي بَكْرٍوَعُمَرَ: «مَاتَرَوْنَ فِي هَؤُلاَءِ الأُسَارَى». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَانَبِيَّ اللهِ، هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُـمْ فِدْيَـةً فَتَكُـونُ لَنَا قُـوَّةً عَلَى الْكُفَّـارِ، فَعَسَى الله أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَاتَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ». قُلْتُ: لاَ وَالله يَا رَسُولَ الله،مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلاَنٍ ـ نَسِيبًا لِعُمَرَ ـ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلاَءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَـوِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَـالَ أَبُـو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْـوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍقَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ». شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم. وَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ إِلَـى قَوْلِـهِ: ﴿( فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾[الأنفال: 67 ـ 69]، فَأَحَلَّ اللهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ([2]).
وكان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قد استشار عامة الناس قبل أن يستشير خاصتهم، فمالوا لأخذ الفدية، لذلك بكى مخافة نزول العذاب بهم، ومع ذلك نزل التشريع بإقرار الفدية، أي بقي الحكم على ما هو عليه وهو الذي شَرَعَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أخذ الفدية، بقول الله تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾[الأنفال: 69]([3]).
3 ـ بكاؤه عندما أُصيب أصحابه في غزوة مُؤْتَةَ (8ﻫ):
ولَـمّا الْتَقَى النّاسُ بِمُؤْتَةَ، جَلَسَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ، وَكَشَفَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشّامِ، فَهُوَ يَنْظُرُ إلَى مُعْتَرَكِهِمْ، وأخبر الناس باستشهاد أمراء الجيش: زَيْد، ثُمَّ جَعْفَر، ثُمَّ عَبْدالله بْن رَوَاحَةَ، قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ الْخَبَرُ من مؤتة، وبكى حزنًا عليهم.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَب َرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ الله بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، فَمَا يَسُرُّنِي ـ أَوْ قَالَ مَا يَسُرُّهُمْ ـ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا». وَقَالَ: وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ([4]).
ثانيًا ـ الرقة والبكاء عند الصحابة رضي الله عنهم:
1 ـ الرِّقَّة والبكاء عند الصحابة عمومًا:
كان الصحابة رضي الله عنهم أصحاب قلوب رقيقـة، تأخذ المواعظ منهم مأخذها:
فعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَـةُ مُـوَدِّعٍ، فَبمَاذَا تَعْهَـدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْـوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَـةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّـهُ مَـنْ يَعِشْ مِنْكُـمْ يَـرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا. وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّهَا ضَلاَلَـةٌ. فَمَـنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْـمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»([5]).
فكانوا على ذلك رضي الله عنهم.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ؛ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». قَالَ فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، قَالَ: غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ وَلَهُمْ خنِينٌ([6])... الحديث([7]).
عن أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما قالا: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ» ـ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ـ ثُمَّ أَكَبَّ، فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِي لاَ نَدْرِي عَلَى مَاذَا حَلَفَ. ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فِي وَجْهِهِ الْبُشْرَى، فَكَانَتْ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ! ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ، وَيَجْتَنِبُ [الْكَبَائِرَ] السَّبْعَ؛ إِلاَّ فُتِّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ لَهُ: ادْخُلْ بِسَلاَمٍ»([8]).
2 ـ الرِّقَّة والبكاء عند أهل الصُّفَّة:
وبكى أهل الصُّفَّة وأبكوا، عندما سمعوا آية نزلت:
عن أبي هريرة قال: لما نزلت: ﴿أَفَمِنْ هَـٰذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴿٥٩﴾ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ﴾[النجم: 59 ـ 60]؛ بكى أصحاب الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم. فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينهم بكى معهم، فبكينا ببكائه. فقال صلى الله عليه وسلم: «لا يَلِجُ النارَ من بكى من خَشْيَةِ اللِه، ولا يدخلُ الجنةَ مُصرٌّ على معصية، ولو لم تُذْنِبوا لجاءَ اللهُ بقومٍ يذنبون فيغفرُ لهم»([9]).
كما أورد هنا لعدد من الصحابة بعض الآحاديث والآثار تبيِّن ما كان عليه الصحابة من الرقة والبكاء بدءاً من الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم:
3 ـ رِقَّةُ الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنَّ الله خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ الله». فَبَكَى أَبو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ إِنْ يَكُنِ اللهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ الله؟ فَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا. فقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍلاَ تَبْكِ» ([10]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، أَتَاهُ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَقَالَ: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالناس». قُلْتُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ([11])، إِنْ يَقُمْ مَقَامَكَ يَبْكِ فَلاَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ. قال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالناس... الحديث»([12]).
4 ـ رِقَّة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
عن عبد الله بن عيسى قال: كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء([13]).
وكان يسمع الآية من القرآن فيغشى عليه، فيحمل صريعًا الى منزله، فيعاد أيامًا ليس به مرض إلا الخوف([14]).
وعن الحسن قال: «كان عمر بن الخطاب يمر بالآية في وِرْدِهِ فَتَخْنُقُهُ، فيبكي حتى يسقط، ثم يلزم بيته حتى يعاد يحسبونه مريضًا» ([15]).
وعـن ابن عمـر قال: صليت خلف عمـر فسمعت حنينـه من وراء ثلاثة صفوف([16]).
وعن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: كان عمر إذا صلى أخرج الناس من المسجد فأخذ إلينا، فلما رأى أصحابه ألقى الدِّرة وجلس فقال: ادعوا، فدعوا. قال: فجعل يدعو ويدعو حتى انتهت الدعوة إليّ، فدعوت وأنا مملوك، فرأيته دعا وبكى بكاءً لا تبكيه الثكلى. فقلت في نفسي: هذا الذي تقولون إنه غليظ!»([17]).
وكان عمر رضي الله عنه شديدًا في الحق وإقامته.
قَالَ عَبْدُ الله بْنُ شَدَّادٍ: «سَمِعْت نَشِيجَ عُمَرَ وَأَنَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ يَقْرَأُ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّـهِ ﴾[يوسف: 86]»([18]).
5 ـ رِقَّةُ أميرِ المؤمنين عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ رضي اللهُ عنه:
عن هانئ مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: «رأيت عثمان واقفًا على قبرٍ يبكي حتى بل لحيته. فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقـول: القبـر أول منازل الآخرة، فإن نجا منـه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه. وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مارأيت منظرًا إلا والقبر أفظع منه» ([19]).
6 ـ رِقَّةُ أميرِ المؤمنين عليّ رضي اللهُ عنه:
عن أبي صالح قال: قال معاوية بن أبي سفيان لضرار بن ضمرة: صِفْ لي عليًا. فقال: أو تعفيني؟ قال: بل صفه... قال: لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سجوفه وغارب نجومه، وقد مَثُلَ في محرابه قابضًا على لحيته، يتململتململ السليم ويبكي بكاء الحزين، وكأني اسمعه وهو يقول: يا دنيا يا دنيا أبي تعرَّضْتِ أم لي تشوَّفتِ؟ هيهات هيهات! غُرِّي غَيري، قد بَتَتُّكِ ثلاثًا لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك كبير. آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق! قال: فذرفت دموع معاوية رضي الله عنه حتى خرت على لحيته فما يملكها وهو ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء ثم قال معاوية: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك. فكيفَ حُزْنُكَ عليه يا ضِرَار؟ قال: حُزْنُ من ذُبِحَ ولدُها في حِجْرِها، فلا تَرقَأُ عَبْرَتُها ولا يَسْكُنُ حُزْنُها([20]).
7 ـ رِقَّة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:
عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه أُتِيَ بِطَعَامٍ وَكَانَ صَائِمًا فَقَالَ: «قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَه، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلاَهُ بَدَا رَأْسُهُ ـ وَأُرَاهُ قَالَ: وَقُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي ـ ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ ـ أَوْ قَالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا ـ وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا». ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ([21]).
8 ـ رِقَّة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر إذا قرأ هذه الآية: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّـهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾[الحديد: 16]، بكى حتى يغلبه البكاء([22]).
9 ـ رِقَّة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
عن أبي رجاءٍ قال: «كان هذا المكان من ابن عباس ـ مجرى الدموع ـ مثل الشِّرَاك([23]) البالي من الدموع» ([24]).
10 ـ رِقَّة عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:
عن يعلى بن عطاء، عن أمه ـ وكانت تسحق الكُحْل لعبد الله بن عمرو ـ أنه كان يطفئ السِّراج ويبكي، حتى رَسَعتْ([25]) عيناه([26]).
11 ـ رِقَّة هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيِّ رضي الله عنه:
في قصة كَعْبَ بْنِ مَالِكٍ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، هو ومُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ، حين نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْـمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِهم حتى يقضيَ الله فيهم، بكى هِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ من حينئذٍ، إلى أن تاب الله تعالى عليهم بعد خمسين يومًا.
قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ» قَالَتْ: إِنَّهُ وَالله مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَالله مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا([27]).
12 ـ حَنْظَلَةَ الأُسَيْدِيِّ رضي الله عنه:
وكانوا إذا ذكِّرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة والنار فكأنَّهم رَأْيَ عَيْنٍ، فإذا تغَيَّر حالهم ولو قليلًا؛ شعروا بذلك:
عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيْدِيِّ ـ وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا أَبَا بَكْرٍ! نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى الأَزْوَاجِ وَالضَّيْعَةِ([28]) نَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ: فَوَاللهِ إِنَّا لَكَذَلِكَ. انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم . فَانْطَلَقْنَـا، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا لَكَ يَا حَنْظَلـَةُ؟». قَـالَ: نَافَـقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ الله، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حتى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ، فَإِذَا رَجَعْنَا عَافَسْنَا([29]) الأَزْوَاجَ وَالضَّيْعَةَ وَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ تَدُومُونَ عَلَى الْحَالِ الَّذِي تَقُومُونَ بِهَا مِنْ عِنْدِي؛ لَصَافَحَتْكُمُ الْـمَلاَئِكَةُ فِي مَجَالِسِكُمْ، وَعَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً وَسَاعَةً»([30]).
13 ـ رِقَّة السيدة صفيَّة أم المؤمنين رضي الله عنها:
عن عبد الله بن عبيدة قال: رأت صفيـةُ زوجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قومًا قرأوا سجدةً فسجدوا، فنادتهم: «هذا السجود والدعاء فأين البكاء؟ !»([31]).
إنَّ كلام أم المؤمنين هـذا، يُشعـرنا بأنَّ الرِّقَّـة والبكاءَ هـو الحال الذي كان غالبًا علـى حيـاة الصحابـة، لاسيما فـي الصلاة، وقـراءة القـرآن، والسجـود، والدعاء، ولذلك أنكرت على هؤلاء القوم من التابعين عدمَ بكائهم في سجودهم ودعائهم!
* * *
[1])) صحيح مسلم: كتاب الجنائز، باب اسْتِئْذَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي زِيَارَةِ قَبْرِ أُمِّهِ، ص392، ح2259.
[2])) صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب الإِمْدَادِ بِالْـمَلاَئِكَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَإِبَاحَةِ الْغَنَائِمِ، ص(781 ـ 782)، ح4588. الإثْخَان في الشيء: المبالَغة فيه والإكثار منه. يقال: أثْخَنه المرضُ إذا أُثقلـه وَوَهَنـه. والمراد بـه ها هنا المبالغـة في قَتْل الكفَّار. [ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: (ثخن)، (ج1/ ص589)].
[3])) للتوسع في قضية أسرى بدر، انظر: سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشيخ عبد الله سراج الدين، ص(522 ـ 534). وانظر أيضًا: الاتجاه العلماني المعاصر في دراسة السنـة النبوية: للمؤلف، ص(327 ـ 330).
[4])) صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب مَنْ تَأَمَّرَ في الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ، ص507، ح3063.
[5])) سنن أبي داود: كتاب السنة، باب فِي لُزُومِ السُّنَّةِ، ص651، ح4607. وجامع الترمذي: أبواب العلم، باب مَا جَاءَ فِي الأَخْذِ بِالسُّنَّةِ وَاجْتِنَابِ الْبِدْعة، ص607، ح2676، واللفظ له، وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[6])) قال الإمام النووي: قَوْله: غَطَّوْا رُءُوسهمْ وَلَهُمْ خَنِين: هُوَ بِالْخَاءِ الْـمُعْجَمَة، هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَـم النُّسَخ، وَلِمُعْظَمِ الرُّوَاة، وَلِبَعْضِهِمْ بِالْحَاءِ الْـمُهْمَلَـة، وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ الْقَاضِي وَصَاحِب التَّحْرِير وَآخَرُونَ. قَالُـوا: وَمَعْنَاهُ بِالْـمُعْجَمَـةِ صَوْت الْبُكَاء، وَهُوَ نَوْعٌ مِـنْ الْبُكَاء دُون الِانْتِحَاب. قَالُـوا: وَأَصْل الْخَنِين خُـرُوج الصَّـوْت مِنْ الْأَنْف كَالْحَنِينِ بِالْـمُهْمَلَةِ مِنْ الْفَم. وَقَالَ الْخَلِيل: هُوَ صَوْت فِيهِ غُنَّة، وَقَالَ الْأَصْمَعِيّ: إِذَا تَرَدَّدَ بُكَاؤُهُ فَصَارَ فِي كَوْنه غُنَّة فَهُوَ خَنِين. وَقَالَ أَبُو زَيْد: الْخَنِين مِثْل الْحَنِين، وَهُوَ شَدِيد الْبُكَاء. [شرح صحيح مسلم: كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله عمَّا لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف، وما لا يقع ونحو ذلك. (ج15/ ص112 ـ 113)].
[7])) صحيح مسلم: كتاب الفضائل، باب تَوْقِيرِهِ صلى الله عليه وسلم وَتَـرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِـهِ عَمَّا لاَ ضَرُورَةَ إِلَيْهِ أَوْ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ وَمَا لاَ يَقَعُ وَنَحْوِ ذَلِكَ. ص(1036 ـ 1037)، ح6119.
[8])) سنن النسائي: كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، ص335، ح2440.
[9])) البيهقي، شعب الإيمان، الحادي عشر من شعب الإيمان وهو باب في الخوف من الله تعالى، (ج2/ ص355)، ح811.
[10])) صحيح البخاري: كتاب الصلاة، باب الخوخـة والممـر في المسجد، ص(80 ـ 81)، ح466، واللفظ لـه. وصحيح مسلم: كتـاب فضائل الصحابـة، باب مِنْ فَضَائِلِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، ص(1049 ـ 1050)، ح6170.
[11])) (أَسِيْفٌ): أي سريعُ البكاء والحزن، وقيل هو الرقيق. [لسان العرب: (أسف)، (ج9/ ص5)].
[12])) متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب الأذان، باب مَنْ أَسْمَعَ النَّاسَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ، ص116، ح712. واللفظ له. وصحيح مسلم: كتاب الصلاة، باب اسْتِخْلاَفِ الإِمَامِ ... ص178، ح941.
[13])) أبو نعيم الأصبهاني، حلية الأولياء: عمر بن الخطاب، (ج1/ ص51). والبيهقي، شعب الإيمـان: الحـادي عشر مـن شعـب الإيمان وهـو بـاب في الخـوف من الله تعالـى، (ج1/ ص493)، ح806.
[14])) ابن كثير، البداية والنهاية: (ج7/ ص135) وأبـو نعيم، حليـة الأوليـاء: عمـر بن خطاب، (ج1/ ص48)، عن الأوزاعي.
[15])) ابن أبي شيبة، المصنف: كتـاب الزهد، كلام عمـر بن الخطاب رضي الله عنه، (ج8/ ص149).
[16])) أبو نعيم، حلية الأولياء: عمر بن الخطاب، (ج1/ ص52).
[17])) ابن أبي شيبـة، المصنف: كتاب الزهد، ما قالـوا في البكاء من خشية الله تعالى، (ج7/ ص224)، ح35525.
[18])) صحيح البخاري (تعليقًا): كتاب الأذان، باب إِذَا بَكَى الإِمَامُ فِي الصَّلاَةِ، ص117، ترجمة الباب. زاد ابن أبي شيبة: (في صلاة الصبح)، المصنف: كتاب الصلوات، ما يقرأ في صلاة الفجر، (ج 1/ ص391).
[19])) الحاكم، المستدرك على الصحيحين: كتاب الرقاق، (ج4/ ص366 ـ 367)، ح7942. وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
[20])) صفة الصفوة لابن الجوزي، ذكر زهده رضي الله عنه: (ج 1 / ص 54).
[21])) صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، ص204، ح1275.
[22])) ابن أبي شيبة، المصنف: كتاب الزهد، كلام ابن عمر، (ج8/ ص176).
[23])) الشِّرَاك: أحد سُيور النَّعل التي تكون على وجهها. [ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: حرف الشين، (شرك)، (ج2/ ص467 ـ 468)].
[24])) ابن أبي شيبـة، المصنف: كتاب الزهد، ما قالـوا في البكاء من خشيـة الله تعالى، (ج8/ ص296).
[25])) رَسَعتْ عيناه: أي تَغيَّرت وفسَدت والتَصَقَت أجفانُها. وتُفْتح سينُها وتُكْسر وتُشَدد أيضا. [ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر: حرف الراء، (رسع)، (ج2/ ص221)].
[26])) ابن أبي شيبة، المصنف: كتاب الزهد، ما قالوا في البكاء من خشية الله، (ج 8/ ص299).
[27])) متفق عليه: صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَوْلُ الله تعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾[التوبة: 118]، ص(749 ـ 752)، ح4418،واللفظ له. وصحيح مسلم: كتاب التوبة، باب حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ، ص(1200 ـ 1205)، ح7016.
[28])) (الضَّيْعَةَ): ضَيْعةُ الرجل حِرْفَتُه وصِناعتُه ومعاشُه وكسبه. قال شَمِر: كانت ضَيْعةُ العرب سِياسةَ الإِبل والغنم. قال الأَزهري: الضَّيْعَةُ والضِّياعُ عند الحاضرة مال الرجل من النخل والكرْم والأَرضِ. [ابن منظور، لسان العرب: (ضيع)، (ج8/ ص228)].
[29])) المُعافَسَة: المُداعَبة والمُعالجة والمُمارَسَة [الزمخشري، الفائق في غريب الحديث، (ج3/ ص5). وابن منظور، لسان العرب، (عفس)، (ج6/ ص143)].
[30])) صحيح مسلم: كتاب التوبة، باب فضل دوام الذكر والفكر في أمور الآخرة والمراقبة، وجواز ترك ذلك في بعض الأوقات والاشتغال بالدنيا، ص (4/ 2106)، ح 2750 طبعة دار إحياء التراث العربي. وجامع الترمذي: أبواب صفة القيامة، باب حديث حنظلة، ص571، ح2514. وقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ واللفظ له.
[31])) ابن أبي شيبة، المصنف: كتاب الزهد، ما قالوا في البكاء من خشية الله، (ج8/ ص298).