الإرساليات الإيطالية إلى فلسطين

كتبت الكاتبة أمل عاطف محمد الخضري في كتاب ( التنصير في فلسطين في العصر الحديث ) في هذا الموضوع

الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة ( 1439هـ - 2018م)

فقالت:

1 ـ الرهبانية الفرنسيسية:

تأسست الرهبانيـة الفرنسيسيـة فـي إيطاليا عام 1209م، وتنسب إلى القديس «فرنسيس»، ويسمى رهبانهـا «بالإخوة الأصاغر» Minor Freres ثم انتشرت بعد ذلك فـي أنحاء العالم للعمـل الإرسالي التنصيري، وقد تمكن القديس «فرنسيس» من السفر إلـى فلسطين، وأخـذ يدعو إلى النصرانية، وفي عام 1210م تمكن من الحصول على تثبيت من البابا لقانون رهبنتـه، والتـي عرفت فيما بعد في سائر أنحاء العالم باسم «رهبنة الآباء الفرنسيسيين»، وأشرف «الآباء الفرنسيسيون» على دير وكنيسة عام 1910م، وكذلك على منزل للحجاج والغرباء.

وأمـا سبب دعـوة «فرنسيس» للتبشيـر بالإنجيـل، فيكمن في زعمه أن مشاكل البشر كلها لا يمكن أن تُحل إلا إذا عولجت في ضوء تعاليم الإنجيل، لذلك اقترح على معاونيه التبشير بالإنجيل فـي جميع أنحاء المعمورة، ثـم اتخذ قراراً بإرسال الرهبان إلى سائـر أنحـاء العالـم عام 1217م، وكانـت فلسطين على رأس الأقطار المختارة، وقد أصبح الرهبان الفرنسيسيون أكبر مزود للكنيسة الكاثوليكية ببعثات التنصير الفعالة إلى دول العالم، وتمكنوا من تمثيلها في قارات العالم في القرن الرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر، وكانت على رأس تلك البعثات المرسلة إلى العالم: «بعثة الأرض المقدسة» التي أرسلت إلى فلسطين، وكانت تسمى «بعثة سوريا» والبعض سماها «بعثة ما وراء البحـار» إذ كانت تشمـل جميـع الأقطار التي تقع جنوب شرق البحر المتوسط والتي منها: فلسطين، وسوريا، ولبنان، وقبرص، وتعد بعثة فلسطين بزعمهم أهم البعثات الرهبانية في العالم لأنها تشمل الأرض المقدسة التي ولد فيها المسيح عليه السلام.

وفي عام 1265م اقتصرت مسئوليات بعثة الأرض المقدسة، على الدول الأربعة المذكورة فقط حتى لا يحول اتساع نطاق الإرسالية دون تطورها، وتقرر تقسيم البلاد إلى أقسام صغيرة، يشمل كل قسم منها منطقة تسمى حراسة Custodia، وأصبحت حراسة الأرض المقدسة مسئولـة عـن رهبان وأديرة فلسطين، وتم الاعتراف الرسمي بالآباء الفرنسيسيين في فلسطين من قِبل الكنيسة الكاثوليكية عام 1342م، وأصبح يحق للرهبنة استخدام رهبان من مختلف أنحاء العالم على اختلاف جنسياتهم تحت رئاسة الكاهن الأكبـر، رئيس ديـر صهيون، وهو أول دير ديني بُنى للآباء الفرنسيسيين، ويقع خارج القسم الجنوبي الغربـي من سور القدس، ويكون في الوقت نفسه مسئولاً عن تصرفاته أمام الرئيس الإقليمي للأراضي المقدسة، والمقيم في قبرص([1]).

2 ـ رهبنة القديسة كلارا:

أسس القديس «فرنسيس» رهبنة أخرى تدعى «رهبنة القديسة كلارا» Clarist، وسماها «السيدات الفقيرات»، وانتشرت أديرتها في أنحاء العالم، وتوافد إلى فلسطين في أواخر القرن الماضي العديد من «الراهبات الكلارست»، كما يوجد لها ديران في فلسطين: الأول في القدس، والثاني في الناصرة([2]).

3 ـ الرهبان الساليزيون، Les Peres Salesiens:

ينتمـي هؤلاء الرهبان إلى القديس «يوحنا بوسكو» الذي أسسها عام 1855م، ثم قدموا إلـى بيـت لحم عـام 1891م، ولهم مدارس في كلٍ من القدس، وبيت لحم، والناصرة، وبيت جمال، والطنطور، كمـا أنهـم يمتلكون مدرسة صناعية كبيرة في بيت لحم، وكذلك داراً للأيتام. وقد قَدِم مـع«الرهبـان الساليزيين» إلى فلسطين «الراهبات الساليزيات»، وتمتلـك تلـك الرهبنة عدة مدارس في بيت لحم، وبيت جمال، وفي حي المصرارة([3]).

مؤسسات الإرسالية الإيطالية:

أسس الأب «أنطوني بلوني»([4]) دار أيتام داخلية عام 1863م، وكان يطلق عليه «الميتم الكاثوليكي»، وقد جعل فيه كنيسة، ومدرسة، ومشاغل صناعية، ثم أقام مدرسة خارجية للذكور عام 1877م، وكان يدرس في هاتين المدرستين ـ المدرسة الداخلية، والمدرسة الخارجية ـ اللغات العربية، والإيطالية، والفرنسية، والحساب، والموسيقى، والتعليم النصراني، بالإضافة إلى مهن مختلفة مثل: خياطة الملابس الإفرنجية، وصناعة الأحذية، والأثاث الخشبي، والحدادة، والخراطة، وغيرها من المهن التي لم تكن قد عرفت فـي فلسطين بعد، وأطلق على المدرسة اسم «لا سكولا دير شرقا»([5]). وأما دار الأيتام فقد أطلق عليها، اسم «مدرسة أبو اليتامى» أو «لاسكولا أبونا أنطون». وبقى هذا الاسم حتـى منتصـف القـرن السابق، إذ سميـت المدرسة الأولى كلية «تراسنطة»، والثانية، مدرسة «الآباء الساليزيان»([6]).

كمـا افتتحت أول مدرسة للبنات عام 1849م في يافا وأخرى في بيت لحم عام 1853م، وكانتـا تداران من قِبَل «راهبات ماريوسف» أو «القديس يوسف»، وفي عام 1884م افتتحت مدرسة أخرى للبنات في بيت لحم، سميت مدرسة «راهبات الباطن»([7]).