الإعلام ودوره في التنصير
الإعلام ودوره في التنصير
كتبت الكاتبة أمل عاطف محمد الخضري في كتاب ( التنصير في فلسطين في العصر الحديث ) في هذا الموضوع
الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة ( 1439هـ - 2018م)
فقالت:
يعمل المنصرون على استغلال أحدث وأفضل الأساليب العلمية المتطورة، لمتابعة التواصل مع الجماهير، والتي تراعي طبيعة الجمهور لإحداث التأثير المطلوب، فالأسلوب المتبع من قبل المنصرين في الدول التي تنتشر فيها الأمية، هو أسلوب الاتصال الشخصي، أو الاتصال المباشر، وأمـا إذا كانت هذه الأمة يحسن أفرادها القراءة، والكتابة، فعندها يتحول الاتجاه نحو استغلال الصحافة، وهكذا، وأحياناً يتقن المنصرون استغلال جميع وسائل الاتصـال على اختلاف أشكالها، وقد ساعدهم على ذلك الإمكانيات الضخمة التـي تدعمهـم بها المجتمعات النصرانية وكنائسها لتغزو بها العالم الإسلامي، في غزوة شرسة لم يسبق لها مثيل([1])، لذلك قامت الكنائس والمؤسسات التنصيرية العالمية بدعم جميع وسائل الاتصال مـن كتب، ومطبوعات، ومواد تسجيلية، سمعية، ومرئية يمكن بثها عبر الأثير، أو تسجيلها علـى أشرطة، ومـن ثـم إعادة سماعها، أو رؤيتها بواسطة الأجهزة المعدة لذلك؛ كالمسجلات الصوتية، والمرئيـة، وذلك لأن المنصرين يجدون في وسائل الإعلام أكبـر عون لهم على نشر ملكوت الله بين الناس بزعمهم، مما دفعهم إلى بذل الجهود لعقد المؤتمـرات الإعلامية بمشاركة صحافيين، وإذاعيين، وخبراء إعلام، وأساقفة مـن جميـع أنحاء العالـم، هـذه المؤتمرات ليس لها هدف سوى تطوير وسائل الإعلام الموجهة للمسلمين، وتوسيع مؤسساتها الإعلامية، التنصيرية، ودعم أنشطتها الإعلامية والقضاء على معوقات انتشارها([2]).
وفيما يلي بيان للخطوط العريضة للخطة الإعلامية التنصيرية:
أ ـ ضرورة استخدام وسائل التعبير، ووسائل الاتصال بالجماهير، لنشر الإنجيل بصورة صحيحة، تراعـي الظـروف، والأشخاص، والأزمان، والأماكن التي يتواجد فيها الجمهور، وذلك ليتسنى للمنصرين القيام بتنصير المسلمين.
ب ـ الاهتمـام بإنشاء أكبـر قدر مـن المحطات الإذاعية ذات الكفاءة، والجودة العالية، وكذلك إنشاء مؤسسات محليـة لإنتـاج الأفلام السينمائية، والبرامج السمعية، والصوتيـة، وإلزام أبناء الكنيسة بتقديـم الدعـم الكامـل لمواجهـة الصعوبات الفنية، والمادية، و إلا فإنهم يعتقدون بان الفشل هو مصير تلك المؤسسات.
ج ـ وجوب التوجه لإنشاء مدارس، ومعاهد، وكليات، تخرج منصرين متخصصين في إنتاج البرامج التنصيرية الإعلامية المشبعة بالروح النصرانية.
د ـ القيام بترجمة المطبوعات إلى مختلف اللغات ونشرها في مختلف أنحاء العالم([3]).
هذه خطتهم، وفيما يلي بيان لأهم وسائل الاتصال المؤثرة على الجماهير المسلمة:
أولاً ـ الصحف والمجلات:
تكمـن خطورة الصحافة في أنها تؤثر على الرأي العام، وتوجهه أحياناً لقبول ما تريد أن تنشره لدرجـة أنهـا أحياناً قـد توحد الرأي العـام حول موضوع ما بسبب قوة ما تطرحه من مقالات([4]).
وقـد استغل المنصـرون الصحافـة المحليـة للإعلان عن مؤسساتهم، وبرامجهم التنصيرية وترويجها علـى أنها دراسية وثقافيـة، ولمـا كانت المادة النصرانية قَلَّ أن يقبل عليهـا القـراء المسلمون، فـإن المنصرين يفسحون لها مكاناً في صدر الصحف المحلية، كإعلانات مدفوعة الأجر([5]).
ومن هذه الإعلانات الإعلان عن قصة المسيح عليه السلام وفق رؤية نصرانية مغلوطة، ومع ذلك يروج لمشاهدة تلك القصة بصورة جذابة مؤثرة ملونة وغير ملونة مصحوبةبصور غريبة لـم يألفهـا القارئ المسلـم، ويمكـن مشاهدتها عبر جميع الوسائل المتاحةكالمسجلات المرئية، وأجهزة الحاسوب، ونحو ذلك([6])، ولما كانت النفس البشرية ضعيفة، أو مـن باب الفضـول وحـب المعرفـة فـإن هـذا القارئ يبادر بالنظر إلى تلك الصور، وعندما يتضح لـه أن الشريـط، أو قرص الليـزر يمكن الحصول عليه مجاناً، فإنه يبادر بمراسلة الجهة المعلنـة، للحصـول علـى نسخةٍ مـن ذلك المعلن عنه، وهنا يبدأ تأثره، خاصة وأن الإعلان، والمادة التسجيلية نفسها ملحق بهـا أقوال مؤثرة لأناس يزعمون أنهم شاهدوا ذلك الفيلم.
وكذلك تستغل الصحافة في الإعلان عن المحطات الفضائية التنصيرية، وخاصة محطة Sat 7 العالمية، وهي محطة تنصيرية بحتة ويبدو ذلك من خلال برامجها([7]).
كمـا يتـم الإعلان عـن بعـض برامج الإذاعات المرئية المحلية، والتي تبث من خلال برامجها اليومية برامج تنصيرية، أو قراءات في الكتاب المقدس([8]).
كما أنها تستغل أيضاً للإعلان عن مراكز نصرانية تنصيرية يمكن للقارئ الاتصال بهـا، لتحصيـل الفائـدة المزعومة في نظر المنصرين، ومن ذلك ما نراه بين الحين والآخر على صفحات بعض الصحف اليومية من إعلانات تخاطب الناس كالتالي:
«هـل أنت مثقل من أحمالك؟ هل عرفت قوة المحبة! فلا تتردد بالاتصال، أنت موضع اهتمام»!!! ([9]) ولا يخفـى أن مثل هذه الكلمات تدفع ضعاف الإيمان، وضعاف النفوس لملاحقة مثل هذه الإعلانـات، ومراسلة تلك المراكز النصرانية، وهذا ما يريده المنصرون في الوقت الذي لا نجد فيه إعلاناً واحداً عن مركز يقدم خدمات مجانية تحل مشاكل المسلمين من وجهة نظر إسلامية وفق مبادئ الإسلام العظيم، فمع وجود هذه المراكز فإنه لا يعلن عنها، وكذلك دروس تعليم الإسلام على اختلاف فروعها، فبالرغم مـن أنها كثيـرة جداً، ولا تكـاد توجد منطقة واحدة لا يعقد، فيها دورات تعليمية، أو ندوات إسلامية، ومع ذلك فإنه لا يعلن عنها بمثل هذه الإعلانات التي تجذب الناس، وتدفعهـم للالتحاق بمثـل هـذه الـدورات والنـدوات، بل يعلـن عن بعضها بصورة رسمية.
والأمر الذي يثير الدهشة والأسى في النفس أن الصحف المحلية تنشر لكل من يريـد النشر دون أن تتحقـق مـن طبيعة الإعلان المنشور، فمثلاً هناك إعلان عن معهد نصراني تنصيـري فـي الناصرة يسمى «معهد عمواس للكتاب المقدس»، يوفر للقارئ فرصة الالتحاق بهذا المعهد للحصـول على دراسة مجانية في مواضيع محددة من الكتاب المقدس، ومقارنة الأديان ـ وهـذا طبعاً وفـق تصور نصراني تنصيري ـ ، وقد كان أحد هذه الإعلانات بتاريـخ 21/ 2/ 2003م، ثم بعد أقل من ثلاثة أشهر قام هذا المعهد بتوزيع نشرات تنصيرية فـي الناصرة مليئـة بالافتـراءات على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وقد قاـمت الحركة الإسلامية هناك بالرد على تلك النشرات ببيان نشرته في جريدة «صوت الحق» بتاريخ 2/ 5/ 2003م، كما قام الشيخ «كمال خطيب» رئيس الحركة الإسلامية حالياً بالرد، عليهم وتسفيه أقوالهم البذيئة في حينه، والتي لا يمكن لإنسان مسلم عاقل أن يعيدها فضلاً عن أن يطَّلع عليها([10]).
وبهذا يتبين لنا مساهمة الصحافة المحلية بنشرها لإعلانات المنصرين في إعطائهم الفرصة للطعن في الدين الإسلامي، وللتطاول على محمد صلى الله عليه وسلم، كما تساهم في دفع الشباب المسلـم إلـى الإنجرار وراء إعلانـات المراسلـة المجانيـة التـي يُعلَن عنها في الصحف المحلية، والتي إن لم تغير عقيدتهم الإسلامية فهي تزعزعها، وتحدث فيها ريباً، وشكاً، كما تحدث عندهم ميلاً أكثر للاطلاع على العقائد النصرانية المحرفة.
ثانياً ـ المطبوعات:
تعتبر المطبوعات المختلفة من نشرات، ومجلات، وصور واحدة من أهم وسائل الاتصال الجماهيـري([11])، وعلى رأس هذه المطبوعات الإنجيل الذي يطبع بشكل أنيق، وبأعداد هائلة ليوزع مجاناً، كمـا يمكن إرساله بالبريد لمن يطلبه، وأحياناً لمن لا يطلبه، وقد تم توزيع نسخ من العهد القديم، والجديد مترجمة إلى ألف ومائة وثلاثين لغة([12]).
ويؤكـد المنصـر «زويمـر» أهميـة المطبوعات فيقول: «الواقع أنه في كل العصور والبلاد كانت الصفحة المكتوبة في كل مكان هي المنصر المتواجد دائماً... يمكنه أن يذهب إلى أي مكان وبأقل التكاليف ويمكن مضاعفته آلياً»، ويستطـرد زويمـر مبينـاً الميّزات التي تتمتع بها المطبوعات قائلاً: «إنه وسيلة للوعظ لا تبلى ولا تحتاج إلـى إجازة راحة أو إجازة مرضية، أنه فوق هذا ينفذ إلى العقل والقلـب والضمير ويأتـي بنتائج في كل مكان»([13]).
ولمـا كـان الأمر كذلك فإن المنصرين يقومون بتوزيع المطبوعات، والمنشورات، التي تمتلئ بدعاياتهـم المضللة ضد الإسلام، ونبـي الإسلام صلى الله عليه وسلم([14])، وأحيانـاً يقومـون ببث منشورات تحاور المسلمين بأساليب ودية مليئة بالوعود الخادعة الغرارة.
كذلك يستغل المنصرون إمكاناتهم المتعددة المادية، والعلمية، والبشرية، لطبع ونشر ملايين الرسائل، والمنشورات، إضافة إلى الكتب التنصيرية، وتوزيعها بين المسلمين بغرض نشر الإنجيل، والتعريف بالمسيح، وما يهدفون من وراء ذلك إلا تشويه الإسلام، والإساءة إليـه، وتحريـف القرآن الكريم، والحديث الشريف، والسيرة النبوية المطهرة، وذلـك عـن طريق العرض لسيـر القديسيـن من النصارى، وإظهارهم بمظهر القدوة الصالحة، مقرونة بقصص تتحدث عمن ارتد عن الإسلام، وكيفية اعتناقه للنصرانية، كما لا يتوانى المنصرون عـن عـرض أحوال المسلمين الاجتماعية والفكرية والسياسية، وفق رؤية نصرانية تنصيرية بهـدف الحط مـن قـدر المسلمين إضافة إلى الهدف السابق، وتدعو هذه النشرات أيضا إلى إجراء حوار نصراني إسلامي، ونحو ذلك من الموضوعات التي تدور حولها تلك المطبوعات، والتي تنشر على أوسع نطاق، وبأسعار مجانية، أو شبه مجانية، مستغلين بذلك جميع الوسائل التي تساعد على إيصالها للمسلمين،كالمكتبات العامـة التنصيريـة، والمكتبات الموجـودة فـي الكنائس، والمؤسسات التنصيرية الطبية، والتعليمية، والاجتماعية، وفي بعض البلدان عـن طريـق المكتبات العائمة ـ أي المقامة على سفن تجوب البحار ـ ، وكذلك عـن طريق البريد، أو التوزيع اليدوي في المدارس، والشوارع، وأماكن تواجد الناس([15]).
ثالثاً ـ الإذاعة:
تستخدم الوسائل المسموعة، والمسموعة المرئية لبث سموم المنصرين عن طريق البرامـج الثقافية، والترفيهيـة، والأفـلام، والتمثيليـات، التي تعرض بواسطة المذياع، والتلفـاز، والأجهـزة الشخصيـة العارضـة للأفـلام، والبرامـج الجاهزة كالمسجلات للأشرطة المسموعة، والمسجلات للأشرطة المرئية([16]).
ويركـز المنصرون علـى الإذاعـة المسموعة لأنهـا وسيلـة مثلى لمخاطبة الجماهير على اختلاف الأعمار والثقافات، إضافـة للقدرة التـي تتمـيز بها الإذاعة المسموعة من اعتماد على الصوت الذي يجتاز المسافات ويتخطى الحواجز دون رقيب([17])، لذلك يعتقد المنصرون أن «كل جهاز ترانزستور ـ مذياع صغير ـ قد يصبح مبشراً بالمسيح»([18]).
كمـا أنه «ينبغي أن يكرس لخدمة الله وانجيله الطاهر ولخير البشرية جميعها»([19]) وذلك بمساعدة الناس على سماع كلمة الإنجيل.
وتسعـى الهيئات الإذاعية إلـى توفير الاحتياجات الأساسية للإبقاء على فعالية الإذاعات التنصيرية، ومن تلك الاحتياجات:
إيجاد برامج فعالة، وإعداد طاقم متميز من الموظفين، وتمويل البرامج التنصيرية، وكذلك ضرورة دراسة الفكر الإسلامي من قبل معدي البرامج، والبحث عن أفضل أوقات الاستماع لدى الجمهور، وغير ذلك([20]).
ولا تزال الهيئات الإذاعية المختلفة المتواجدة في شتى أنحاء العالم تعقد الدورات التدريبية التأهيلية للعاملين في تلك الإذاعات، كما تقوم بإنشاء محطات إذاعية جديدة تخدم الأهداف التنصيرية، ولا تكتفي بذلك إذ تعقد الندوات العلمية لصالح التنصير، كما يخطط لإنجاح البرامج الإذاعية التنصيرية بدقة، وتقوم الهيئات الإذاعية المختلفة بالتبادل البرامجي مستعينة بالمستشارين والخبراء في ذلك المجال([21]).
ويـرى المنصرون أن الإذاعة هـي مـن الوسائـل الهامة التي تنفذ إلى المجتمعاتالتي لا تسمح حكوماتها للمنصرين الدخول فيها، يقول أحد المنصرين: «يبدو أن الإذاعة اليوم هـي إحـدى الوسائل الرئيسية التـي يمكـن بواسطتهـا الوصول إلى المسلمين... حيث أن الإذاعة يمكنها كمـا نعلـم... أن تنفـذ إلى مجتمعات المسلمين المغلقة والذين لم تسنح الفرصة لأغلبيتهم لأن تسمع عن رحمة التخليص التي أودعها الرب في يسوع المسيح»([22]).
ويبين منصر آخر ما تتميز به الإذاعة المسموعة عن المطبوعات فيقول عن الإذاعة أنها: «أداة أساسية استخدمها الرب بصورة واسعة في العالم الإسلامي حيث دخلت بيوتاً لم تستطع حتى المطبوعات دخولها»([23]).
ويوجـد أكثـر مـن خمسين محطـة إذاعيـة تنصيرية حول العالم منها ما هو موجه لدولة معينة، أو لعدة دول، أو قارة معينة، أو لجميع دول العالم([24]).
وعلى رأس هذه المحطات الموجهة إلى العالم الإسلامي، ومن بينها فلسطين:
1 ـ إذاعة الفاتيكان:
توجـه هـذه الإذاعة برامجهـا إلـى جميع أنحاء العالم من الفاتيكان برعاية البابا، وتبث برامجها بأربع وثلاثين لغة، وتصل إلى خمس وأربعين أحياناً، ويخصص للغة العربية منها نحو خمس ساعات من مائتين وخمسين ساعة بث يومية، كما يقوم الفاتيكانبإصدار مجلة لنشر البرامج التي تصدرها إذاعة الفاتيكان، مع شرح مفصل لمواعيد، وتفاصيل الخدمات الإذاعية بنفس لغات البث، أي أن المجلة تصدر بأربع وثلاثين لغة.
ومن أهم أساليب التنصير في البرامج الموجهة للعرب:
ـ وضع المادة الدينية النصرانية في قالب إخباري بعيد عن شكل الموعظة الدينية المباشرة.
ـ الربط بين النصرانية، وواقع الحياة، والأحداث اليومية في جميع المجالات.
ـ استخـدام المفـردات النصرانيـة عند صياغة الأخبار مثل الله الآب، وابن الله، والشهادة المسيحية، والله يسوع المسيح، والآب القدس، ونحو ذلك.
ـ عـدم التعرض صراحة للأديان من خلال الأخبار، أو الموضوعات، وخاصة الإسلام([25]).
2 ـ إذاعة حول العالم:
تقـدم هـذه الإذاعـة التنصيريـة برامجها عقب انتهاء إرسال إذاعة مونت كارلو قرب منتصف الليل، وهذه الإذاعة التي تبـث برامجها باللغة العربية، ما هي إلا خدمة واحدة من بين خمس وسبعين خدمة إذاعية تحمل، اسم «إذاعة حول العالم» موجهة إلى مختلف مناطق العالم، ببرامج تنصيرية بحتة.
وتقـوم هـذه المحطـة التنصيريـة ببـث نشاطها برعاية «الهيئة العالمية للتنصير»، بنحو خمس وسبعين لغة مـن بينها اللغة العربية، ويخصص للغة العربية في هذه المحطة تسع ساعات وثلث أسبوعياً، بمعدل ساعة وثلث يومياً، تقدم من خلالها المحطة عدداً من البرامج التنصيرية الموجهة لغير النصارى ممن يرجى تحويلهم إلى النصراينة.
وأهم الأساليب المتبعة للتنصير في هذه المحطة:
ـ الدعوة إلى النصرانية، والدعاية لها بأسلوب عاطفي خيالي يزين الدين النصراني، ويركز على الحديث عن المسيح وسيرته، والكتاب المقدس، ومفهوم النصرانية.
ـ الدفـاع عما يثار ضد النصرانية من شبهات يطلقها المسلمون ـ في اعتقادهم ـ ، وخاصة الموضوعـات التـي تتناول ألوهيـة المسيح، وصلبه، وصحة الكتاب المقدس، وتسعـى المحطـة جاهـدة لدحـض هذه الشبه، وتفنيدها، أو تكذيبها، وإظهارها بأنها أخطاء شائعة، ينبغي تصحيحها.
ـ القيـام بإرسال نسخ مجانيـة من كتب دينية تحقق من خلالها هدفين، الأول هو إغراء المستمع بالاستمرار بمتابعة المحطة، والثاني نشر الفكر النصراني التنصيريمكتوباً، ومسموعاً.
ـ تخصيص برامج لفئات معينة من المستمعين، كالشباب، أو النساء، أو الأطفال، أو العمال، لجذب أكبر عدد من الجمهور.
ـ التعريـض بالأديان الأخرى، وخاصة الإسلام، وذلك بالمقارنة بين النصرانية والإسلام، وإظهار النصرانية بأنها المنقذ المخلص للشعوب، وأن ما عداها من الأديان توصل الإنسان إلى الفراغ المطلـق، والضياع الكامل، وأنها سبب للانحراف والفساد والانحلال([26]).
3 ـ إذاعة صوت الغفران:
تبـث برامجها عبـر محطة إذاعية موجـودة فـي جزيرة «سيشل» بالبحر المتوسط، وهذه الإذاعة عبارة عن اندماج لمحطتين تنصيريتين هما إذاعة «صوت الحق»، و إذاعة «صوت الإنجيل»، وتوجه إرسالها للمسلمين في جميع أنحاء الوطن العربي، وتبلغ مدة البث نحو ست عشرة ساعـة وربـع الساعة أسبوعياً، بمعدل ساعتين ونصف الساعة يومياً، وتعمل المحطة على تبادل البرامج مـع إذاعـة «حول العالم»، وكذلك على تحديد البث بحيث تكمل كل منهما برامج الأخرى، وتقدم برامجها في ثلاث فترات؛ صباحاً، وظهراً، ومساءً، وأهم ما يميز هـذه المحطـة عـن مثيلاتها أنها تقدم الإنجيل مرتلاً على طريقة القرآن، الكريم لتجذب المستمعين إلى تلك المحطة.
وأهم الوسائل المتبعة في هذه المحطة للتنصير:
ـ إرسال هدايا متنوعة للمستمعين من كتب، ومطبوعات دينية نصرانية تنصيرية، وعلى رأسها الكتاب المقدس، وملخصاته، وبعض التفسيرات للرسائل، وزابور النبي داود بزعمهم، وتأملات في الحياة المعاصرة، وتأملات في حياة المسيح.
ـ الدعوة إلى فصل الدين عن الحياة، حيث ابتعدت المحطة عن جميع مشاكل الحياة، واهتمت فقط بالدعوة إلى الإيمان بالنصرانية.
ـ الدعوة إلى نبذ الأديان الأخرى، والدفاع عن النصرانية، والهجهوم على الإسلام، على أساس أن العقيدة النصرانية هي العقيدة الوحيدة الصحيحة، وأن العقائد الأخرى باطلة، وغير صحيحة، وأحياناً يتـم التهجم على الإسلام بالنقد والتشكيك، وبيان أن طريـق التوبة هـو طريق واحد، وهو طريق السعادة، والإيمان، والخلاص، وهو طريق النصرانية، وكثيراً ما عبر عن ذلك بعض التائبين بزعمهم أنهم جربوا العقائد الأخرى، فوجدوا أنهم كانوا على ضلالة، وأن الملاذ الوحيد هو النصرانية([27]).
هذه بعض من الإذاعات التنصيرية الموجهة للعالم الإسلامي([28]).
ومـع انتشار الأقمـار الصناعية والأطباق اللاقطة الرقمية، وجه المنصرون كل طاقاتهم لاستغلال تلك الوسيلة الإعلامية الحديثة، حيث إنها تدخل في كل بيت بالصوت، والصورة، وتمثـل أشد درجـات التأثير، والإقناع، وخاصة إذا كانت مصحوبة بنغمات موسيقية، وترانيم نصرانية، ومصورة بأحدث وسائل التصوير في أماكن طبيعية خلابة، أو غرف تصوير مزودة بمؤثرات صوتية، ومرئية مع وجود مذيعين يحسنون فن التخاطب مع الجماهير، ومن هذه الإذاعات الفضائية الموجهة إلى العالم الإسلامي إذاعة «Sat 7» والتي تبث برامجها بلغات عديدة من بينها اللغة العربية، وكذلك محطة النور التنصيرية،والتي تخصص جزءاً من برامجها للتهجم على الإسلام، ومن المحطات التنصيرية أيضاً محطة «الحياة»، ومحطة «معجزة».
ولا تختلـف تلـك الإذاعـات الفضائية عن الإذاعات الصوتية إلا في تمكنها من مخاطبـة المشاهد بصورة أقوى وأشد تأثيـراً، كما أنها تحور البرامج التنصيرية التي كانت تحضر للبث الإذاعي عبر المذياع إلى برامج تصلح للبث عبر الفضائيات التنصيرية.
وهـذه البرامج متجـددة ومتغيرة حتى لا يمل المشاهد، فتارة تستخدم التمثيل، وتارة تستخدم الغناء، وتارة تستخدم الإلقاء والشرح، وأحياناً تركز على إجراء حوارات ومناقشات، ومـع تعـدد البرامـج وتنوعها إلا أنها كلها تصب في قالب واحد، لتحقق هدفاً واحداً، هو تنصير المسلمين.
وكمـا يوجد للفاتيكان إذاعـة مسموعة فإن الفاتيكان تسعى إلى أن تتمكن من إيصال بث مرئي إلى جميع أنحاء العالـم عبـر ثلاثة أقمار صناعية، وذلك بناءً على خطة تقـدم بهـا أحـد الآباء الكاثوليك ويدعـى «جوساني»، تتمثل في إقامة مشروع ضخم للإرسال الفضائي، وأطلق على هذا المشروع مشروع لومين 2000، ويهدف هذا البث إلـى تحقيـق أهداف مجلس الكنائس العالمـي لتنصيـر المسلميـن، أو زعزعة عقائدهم، وذلك تحت شعارات زائفة كالتنوير والتعـاون ومحاربـة الجهـل، وما هي إلا شعارات تهدف إلى التمويه على القيادات المختلفة في بلاد المسلمين حتى لا تقف في طريقها([29]).
وأما فـي فلسطين فإنـه يوجد محطات تنصيرية محلية أرضية مثل محطة بيت لحم والمهد.
استغلال أجهزة التسجيل:
تمكن المنصرون من استغلال الأشرطة التسجيلية المسموعة، والمسموعة المرئية، بحشوها بما يحملون من أفكار هدامة، ومن ثَم القيام بتوزيعها بين المسلمين([30]).
رابعاً ـ شبكة المعلومات الدولية:
انتشرت شبكـة المعلومات الدوليـة انتشاراً سريعـاً، وتتميـز عن غيرها بسهولة نشر أي معلومة من خلالهـا دون أي رقيـب، أو حسيب، مما أفسح المجال للمنصرين، لبث أفكارهـم التنصيريـة مـن خلالها بشكل فاق جميع الوسائل السابق ذكرها، وأهم طرق استغلال شبكة المعلومات الدولية:
أ ـ عـرض رسائل مـن أشخاص تنصروا: يشيدون بالنصرانية، وعظمة عيسى، ويندمون على كونهـم مسلميـن فـي السابق، لأن ذلك كـان يشعرهم بالكآبة، والخواء الروحي، وتعرض هذه الرسائل المزعومة بأساليب جذابة تنقض جميع شعائر الإسلام عن طريق اعتراض أصحاب الرسائل كلٌ بأسلوبه، ومن هذه الرسائل:
ـ رسالة بعنوان «من الظلام إلى النور»، والتي يدّعي صاحبها أنه كان مسلماً يؤدي شعائـر الإسلام، ومـع ذلـك فقد كان يشعر دائماً بحاجز بينه وبين الله، إلى أن اكتشف عظمة عيسى من خلال القرآن، فكانت هدايته وأصبح نصرانياً، وشعر بحاجة شديدة إلى قراءة المزيد عـن عيسى، ويدّعـي ذلك المتنصـر أنه اهتدى إلى النصرانية عن طريق الآيات القرآنية، فيقول: «من خلال قراءتي للقرآن اكتشفت عظمة وتفرد سيدنا عيسى كان رائعاً وعظيماً... فهو كلمة الله... وروح من الله... وهو الوجيه في الدنيا والآخرة...» وما شابه ذلك من صفات وردت في وصف عيسى عليه السلام.
والعجيـب أنـه تذكر هذه الآيات ووجدها في القرآن ولمسها ولم يلمس الآيات التي تحدثت عن عظمة محمد صلى الله عليه وسلم، وعـن سائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، كما أنه تجاهل الآيات التي تكفر أصحـاب هـذه العقيـدة التثليثية الشركية، وتكفر كل من يدعى ألوهية عيسى هذا من جهة، ومن جهة أخرى كيف يعترفون بالآيات التي تمدح عيسى عليه السلام ومـع ذلك لا يؤمنـون بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولا يعترفـون به أصـلاً كنبي جاء من عند الله، ولا يؤمنون بما جاء به، كما تذيل هذه الرسائل ـ إمعاناً في حبكها ـ بأسماء تدل على أن صاحبها مسلم مثل مصطفى، ومنذر، ونحو ذلك من أسماء([31]).
ـ ورسالة أخـرى بعنـوان «عليـك اعتمادي يا مخلصي» وهي تروي قصة شاب تمت هدايته المزعومة على يد صديقه، ومن ثَم اعترف بخطيئته، حتى نال الخلاص على يد عيسى الـذي قاده إلى الحياة الأبدية، ثم تختم الرسالة بدعوة القراء إلى الخلاص من خطيئاتهم، وما على القـارئ سوى الكتابة لهـم، وهم بدورهم يقومون بالأخذ بيده إلى طريق النجاة المزعوم([32]).
ـ وقصة أخرى بعنـوان «تدبيـر الله البسيط للخـلاص» مرسلـة من صديق من مدينة غزة يذكر فيها أن «الإيمـان طريـق النور والخروج من الظلمات، أنا في حيرة من أمري وأريد طريق الخلاص كيـف السبيل إلى ذلك دلوني على الطريق الصحيح طريق الخلاص ولكم جزيل الشكر».
ومرسل لـه جـواب يحمـل طريـق الخلاص، ويوجهه إلى طريق الإيمان مقروناً بالعطف والشفقة فتقول الرسالة: «صديقي العزيز سلام لك من الله يبدد دربه حيرتك ويجـد الإيمان بالمسيح الفـادي طريقـة لقلبـك. وصلاتنـا لسلامـة سكان غزة جميعهم ليعينهم الله على اجتياز محنهم المؤلمة ولكـي تدفع بهم ضيقتهم لحضن باريهم ومخلصهم الرب الحنـون حيث التعزية واليقين والغلبة على جميع الشرور»، ثم تبدأ الرسالة بشرح طريق الخـلاص بالتدرج مـع المرسل، ودعوته إلى تأمل كلمات الخلاص والخطيئة عدة مرات، حتى يحصل له الخلاص([33]).
ب ـ إنشاء مواقع متعددة على شبكة المعلومات الدولية: منها ما يعرض النصرانية بصورة جذابة، ومنها ما يقوم بالتهجم على الإسلام وأهم هذه المواقع:
1 ـ موقعArabic bible:
ويحمـل هـذا الموقـع الكثيـر من المواضيع ذات العناوين الجذابة التي تدفع أي متصفح لمواقع الشبكة إلى فتحهـا وقراءتهـا، وهذا ما يريدون الوصول إليه، ومن هذه المواضيـع: ميـزان الرب يسوع المسيـح فـي القـرآن، والمسيح في القرآن، وهل الكتاب المقدس محـرف، ولمـاذا الصليب، وقصـد القرآن، والصراط المستقيم، وشهادة القرآن، ولزوم الصليب([34]).
2 ـ موقع الحوار الإسلامي المسيحي:
ويشتمل على مجموعة كبيرة من الكتب المتاحة للتحميل، والنسخ بصورة مجانية، وهـذه الكتب منها النصراني، ومنهـا الإسلامي مـن وجهة نظـر نصرانية، إضافـة إلى مقارنات، وشهادات، واختبارات، ومتنوعات أخرى.
ومن الكتب التي تعرض على أنها كتب إسلامية:
الفكر الإسلامي ومهاجمته للعقيدة المسيحية، واعتراضات الشيخ ديدات والرد عليها، والإرهاب والإسلام، والأخطاء العلمية للقرآن، وأكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن، وأمور أخطأ القرآن قراءتها، والكبائر النبوية، والإتقان في تحريف القرآن، والزواج المؤقت عند الصحابة والتابعين، والجذور الوثنية للديانة الإسلامية، وتناقض بين سورة النساء وغيرها، وتناقض بين الآيات القرآنية بخصوص صلب المسيح، وعائشة مفترية أم مفتـرى عليهـا، وهـذه بعـض مـن أمثلة تلك المواضيع التـي لا يتسع المجال لمجرد عرضها([35])([36]).
3 ـ موقع الرد على الإسلام Answering Islam:
ويعرض هذا الموقع سلسلة المسيح لجميع الأمم، ومن الأجزاء التي تم عرضها الجـزء الثالث بعنـوان «القـرآن بيـن العصمة والتحريف» بقلم أحد المنصرين ويدعى «أندراوس»، ويقـع هـذا الكتاب في نحو خمسين صفحة تحمل الكثير من الهجوم على القـرآن والطعـن فـي صحته وصحة جمعه، كما تطعن في الصحابة، ويزعم مؤلف هذا الكتاب تحريـف الصحابة للقرآن، وعدم إمكانية الجمع بين القراءات، وما إلى ذلك مما لا مجـال لذكـره هنـا، والأمـر الـذي يبين خطورة تلك المواقع والكتب أن مؤلف هذا الكتاب مثلاً يذكر أن معتمده الأساسي في الكتابة صحاح الكتب الإسلامية، وعلى رأسها صحيح البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وغيرها من كتب صحاح الحديث، وذكر أسماء أئمة آخرين لهم مصنفات إسلامية مشهورة([37]).
ج ـ استغلال شبكة المعلومات الدولية لعقد المؤتمرات:
لم يعتمد المنصرون على نشر المواد التنصيرية عبر شبكة المعلومات الدولية فحسب، بـل تمكنوا مـن استغلالهـا كمنبر، يتمكن من خلاله المنصرون من إقامة مؤتمراتهم عبر الشبكة، وقد كان من المتوقـع عقـد مؤتمر دولي للتنصير عبر شبكة المعلومات الدولية،بمشاركة ممثلي الإرساليات التنصيريـة، والقائمين على الصفحات التنصيرية على الشبكة الدولية، وشركات خدمات الشبكة الباحثـة عن التعاون من أجل استخدام فعال لهذه الشبكة، ومن المواضيع التي من المفترض أن تتم مناقشتها، المعلومات، والتقنياتالحديثة للشبكـة، والتواصـل عبـر أنشطـة المتخصصيـن للتنصير على مواقع الشبكة، ودراسة المميزات الأساسية لجمهور تلـك المواقـع، والبحث عن أفضل وسائل الوصول إليهم لتنصيرهـم، كمـا يهـدف إلـى العمـل على دمج المنصرين الذين يُنَصِّرُون عبر الشبكة، ولم يشاركوا في ذلك المؤتمر، ويقوم على إعداد مثل هذه المؤتمرات «اتحاد التنصير عبر الإنترنت»، والذي تأسس عام 1997م بحضور ممثلين عن ثمانين إرسالية تنصيرية كنسية، وتضاعف العدد فيما بعد من خلال المؤتمرات اللاحقة، والأهداف الأساسية لهذا الاتحاد:
ـ توفير منبر موثوق لمواصلة أعمال الإرساليات في مجال التنصير.
ـ توفير برامج تدريبية متخصصة في التنصير عبر الشبكة الدولية للمعلومات.
ـ تكوين شبكة من المنظمات، والإرساليات المعتمدة على مستوى العالم، تتمكن من توفير الموارد اللازمة للتنصير.
ـ توفير منبر جذاب، وفعال، وملائم للباحثين عن الحقيقية المزعومة، وللإجابة على أسئلتهم حول بشارة المسيح([38]).
هـذا بعض مما وجدته الباحثة عبر التصفح العشوائي لأمثال تلك المواقع، وهو علـى سبيل المثال، وليس علـى سبيـل الحصر، هذه المواقع كل يوم في ازدياد لتنال من المسلمين ما لم تنله منهم بكل وسائلها السابقة.
والسؤال الـذي يطرح نفسه هل هذه الرسائل المرسلة من قبل مسلمين حقيقية أم مزعومة؟ فإذا كانت الإجابة أنها مزعومة، وأنها ما كتبت إلا بأقلام منصرين لجذب أبناء المسلمين، فهنا المصيبة فـي تطاول الأعداء علـى استخدام أسماء إسلامية لعرض تنصيرهم، وما كان ذلك إلا لعدم وجـود مـن يتصدى لهم، وإن كانت الإجابة أنها قد تكون حقيقية، فالمصيبة أعظم وأعظم فأين الدعوة الإسلامية مقابل المد التنصيري؟!!
ومع كل هذا الجهد المبذول، إلا أن المنصرين يحاسبون أنفسهم، ويتساءلون فيما بينهم، هـل هم أحسنوا استخدام وسائلهم التي أنفقوا عليها ملايين الدولارات، فقط لإغراء المسلمين ولدفعهم للسير في طريق التنصير؟ وهذا الإعداد والاتفاق باعتراف المنصر «زويمر» الذي يقول:
«والفضل إليكم وحدكم أيها الزملاء، إنكم أعددتم له بوسائلكم جميع العقول في الممالك الإسلامية إلى قبول السير في الطريق الذي مهدتم له كل التمهيد([39]).
وعن تساؤلهم عما إذا كانوا أحسنوا استخدام وسائلهم تلك أم لا؟ تذكر الباحثة نقـلاً يبيـن تفكيرهم وتصورهم حول هذا الموضوع «إننا إذا سئلنا عن نتائج مجهودات مبشري المسلمين بالنصرانية في سوريا وفلسطين لا نجد جواباً غير القول بأن الله وحده هـو المطلع علـى مستقبل أعمالنـا بين المسلمين، وعلى نتائجها... أجل إننا إذا تصفحنا الإحصائيات يتبيـن لنا أن عـدد المسلمين الذيـن تنصروا وتعمدوا هـو عدد غير مسر وغيـر مرضـي إلا أن هـذا العـدد مهمـا يكـن قليلاً بذاتـه فإن أهميته أعظم مما يتصور المتصورون.
وصفـوة القول إننـا حصلنـا على نتيجة واحدة جوهرية وهي اننا أعددنا آلات العمل فترجمنا الإنجيل، ودربنا الوطنيين على مهنة التبشير، وأتممنا تهيئة الأدوات اللازمة وهي الكنائس والمدارس والمستشفيات والجرائد والكتب، ولم يبق علينا إلا أن نستعملهذه الأدوات»([40]).
فهل فعلاً أحسن المنصرون استخدام هذه الأدوات؟ وهل حقق المنصرون أعظم مما كانوا يخططون أم لا؟
والـذي يبدو واضحـاً أن المنصريـن استخدمـوا وسائلهم بكل جد، ومع ذلك فهي لم تحقق لهم التنصير بين صفوف المسلمين كما كانوا هم يعتقدون، ولكنها أدت إلى زعزعة عقائد المسلمين وإخراجهم من دينهم، أي بمعنى تنصلهم من التمسك بالعقيدة الإسلامية والهويـة الإسلامية، والثوابـت الإسلاميـة، هذا مـا قام بـه المنصرون أما آن للمسلميـن أن يتحركـوا ليوقفـوا هذا الزحف الذي سيقضي على الأخضر، واليابس، كقوة واحدة، وليس بأعمال فردية.
* * *
([1]) انظـر: من الإعلام إلى الأمية فالتبشير: حسن علي العنيسي ـ الأزهر ـ العدد الرابع ـ ربيع ثاني ـ 1411ﻫ ـ نوفمبر ـ 1990م ـ القاهرة ـ ص: 417.
([10]) انظر: معـهد عمواس للكتاب المقدس ـ صحيفة القدس ـ الجمعة ـ 21 ـ 2 ـ 2003م، ومعهد عمواس النصراني الصهيوني في الناصرة وبيت لحم يوزع نشرات تبشيرية، وفي مواجهة دعاة الفتنة: كمال الخطيب، وبيان الحركة الإسلامية ـ صوت الحق والحرية ـ الجمعة ـ 30 ـ صفر ـ 1424ﻫ، 2 ـ 5 ـ 2003م ـ فلسطين.
([16]) انظر: إذاعات تنصيرية: د. كرم شلبي ـ ص: 62، والتنصيـر: د. النملة ـ ص: 59، والموسوعة الميسرة ـ 2/ 68.
([26]) انظر: إذاعات تنصيرية: د. كرم شلبي ـ ص: 115، 117، 138 ـ 144. الموضوعات