التعليم ودوره في التنصير
التعليم ودوره في التنصير
كتبت الكاتبة أمل عاطف محمد الخضري في كتاب ( التنصير في فلسطين في العصر الحديث ) في هذا الموضوع
الصادر عن دار المقتبس في بيروت سنة ( 1439هـ - 2018م)
فقالت:
يُعـد التنصيـر التعليمـي مشروعاً بابوياً قائماً على استغلال الجهل بين الشعوب والأمم الإسلامية، معداً لغاية واحدة، هي تنصير أبناء المسلمين الذين يدرسون في تلك المؤسسات التنصيرية التعليمية([1])، فقد قال أحد المنصرين ويدعى «بنروز»: «لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلها المبشرون الأمريكيون»([2])، فإذا وجه التعليم لخدمة أهداف المنصرين كان من أقوى وسائل التأثير، لذلك استغله المنصرون أسوأ استغلال لنشر الفساد الاجتماعي في العالم الإسلامي([3])، وللقضاء على العقيدة الإسلامية، إذ يقول «هوارد بلس» رئيس الجامعة الأمريكية الأسبق في بيروت: «التعليم في مدارسنا وجامعاتنا هو الطريق الصحيح لزلزلة عقائد المسلم وانتزاعه من قبضة الإسلام»([4]).
كما وُجه التعليم التنصيري لتحقيق دعوة «زويمر» لإقناع المسلمين بأن النصارى ليسو أعداءً لهم، حيث نقل «جورج بيترز» ـ أحد المشاركين في مؤتمر «كولورادو» ـ قولاً للمنصر «أولدهام»، يؤكد فيه أهمية تسخير التعليم لتحقيق هذا الهدف، فيقول: «كما أن المدارس والكليات هي الأخرى وسائل قيمة يمكنها أن تزيل الكراهية والتحامل وتصل إلى قلوب الناس…»([5]).
وها هو المنصر «هنري جسب» يكثر من الابتهال إلى الله ليتمكن هو وأتباعه من تعميـد الشباب الذين يدرسون في المؤسسات التنصيرية، كما يذكر أن الهدف الأساس من التعليم التنصيري هو ديني روحاني، وأن دور التعليم التنصيري إن خرج عما رُسم له من قيادة الناس إلى المسيح، وجعل الشعوب تابعة للكنيسة، وأنه إن أصبح يدرِّس العلـوم الحديثة كمـا تُدرَّس فـي الجامعات الغربيـة، فإنـه يُخَرِّج أفضل العلماء في جميع التخصصات، وهذا ما لا يريده المنصرون([6]).
ونجاح العمل التنصيري في فلسطين خاصة مرتبط بإقامة المدارس التنصيرية في اعتقـاد هـذا المنصر الـذي يقـول: إن «إقامـة مدرسة هـي شرط أساسي لنجاح العمل التبشيري وبواسطتها استطاعوا نشر الإنجيل في فلسطين»([7]).
ومـن هنا كـان التعـاون بيـن الاستشراق والتنصيـر على أشُدِّه لخدمة الأهداف التعليمية المشتركة بينهم، فتقاسما الأدوار فيما بينهما، حيث أشرف التنصير بقيادة الإرساليات، والبعثـات التنصيريـة المختلفة على إنشاء دور الحضانة، ورياض الأطفال، والمدارس، وهي تنتشر بيننا بأسماء أجنبية مشهورة ومعروفة، وتتقاضى أعلى المصروفات، وأما الاستشراق فقـد اهتـم بطلاب المرحلة الجامعية، وخاصة طلاب وطالبات الجامعات التنصيرية([8]).
ولأهميـة التعليم فـي صياغة فكر الناشئة، ولإنجاح مشروع التنصير من خلال التعليم، اهتم المنصرون بالأمور التالية:
أولاً ـ إنشاء رياض الأطفال:
يعتقد المنصرون أن أحسن وسيلة لتنصير المسلمين هي تعليم صغارهم؛ لما تعطيه من نتائج مثمرة، ولما للتعليم من أثر فعال، وأبرز أسباب الاهتمام بتعليم الأطفال قبل نمو عقولهم وبلوغهم سن الرشد، هو القدرة على التأثير على فطرتهم، وذلك قبل أن يتشبعوا بالتعاليم الإسلامية، وقبل أن تأخذ طبائعهم أشكالها الإسلامية.
وريـاض الأطفال لهـا ميـزة أخرى هي سهولة الاتصال بأهل الطلاب من قِبل المشرفين عليهم أكثر من اتصالهم بهم في المدارس الأعلى صفوفاً، وهي وسيلة غير مباشرة للتأثير على الأهالي([9]).
وليس أدل على النوايا السيئة لأعداء الإسلام من قول المنصر «جون موت»: «يجب أن نؤكد في جميع ميادين التبشير جانب العمل بين الصغار، وأن نجعله عمدة عملنا في البلاد الإسلامية، إن الأثـر المفسد فـي الإسلام يبـدأ باكرا جدا. وإن وجود التعليم في أيدي المسيحيين لا يزال وسيلة من أحسن الوسائل للوصول إلى المسلمين»([10]).
ويركز«زويمر» على تنصير الأطفال من خلال كتابه: «الطفولة في العالم الإسلامي» الذي ألفه عام 1915م، ومن أهم ما جاء فيه: إن الدعوة إلى تقليد الغرب ونقل عاداته وتقاليـده وأفكاره إلـى البلدان الإسلامية، تساهم في ضياع الاستقلال السياسي لتلك البلدان، وأهـم وسيلة لنقل تلك الأفكار والقيم والقوانين الغربية هي تعريف الناشئة في سن الانطباع على حضارة الدين النصراني، بما فيها من التقليد لما يرتديه الغرب،وتزيينه فـي عيـون الأطفال للإقبـال عليـه، إذ يعتبـر «زويمر» أن انتشار الملابـس الغربية بين المسلمين نصراً، لسبـب بسيط فـي نظره، فمثلاً: ارتداء الأحذية والجوارب سيزيد من صعوبة الوضوء، وهذا التقليد بدوره يـؤدي إلـى تهيئة المسلمين لتقبل المسيحية نفسها بعد ضياع الإسلام([11]). هكذا يفكرون وهكذا يخططون.
ثانياً ـ إنشاء المدارس:
حرصـت الإرساليات على إنشاء مدارس خاصة بها حرصاً كبيراً، عملاً بما يراه المنصر «جسب» من اشتراط وجود المدارس لتحقيق النجاح لعملية التنصير، حيث يقول «إن المدارس شرط أساسي لنجاح التنصير»([12]).
فقد كان يؤرقهم وجود المؤسسات التعليمية الإسلامية التي كانت تشكل عقبة أمـام نشاطاتهم مما دفعهـم إلـى التنبيه الدائم لخطر تلك المؤسسات، والدعوة لمواجهة التعليـم الإسلامي بالتعليـم النصراني([13])، فأطلقت السهام تباعاً للقضاء على إسلامية التعليـم، وذلك بصبغه في المدارس الحكومية بصبغة غربية، قائمة على فصل الدين عن الحياة، وقد تحقـق لهم ذلك، إذ جاء ما يؤكد ذلك المخطط في خطابٍ للقس «صموئيل زويمر» في مؤتمر القدس الذي عقد برئاسته عام 1935م، حيث قال: «لقد قبضنا أيها الأخوان في هذه الحقبة من الدهر من ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامـج التعليم في الممالك الإسلامية المستقلة، أو التي تخضع للنفوذ المسيحي، أو التي يحكمهـا المسيحيـون حكمـاً مباشراً، ونشرنـا في تلك الربوع مكامن التبشير المسيحي والكنائس والجمعيات، والمدارس المسيحية الكثيرة التي تهيمن عليها الدول الأوروبية والأمريكيـة. والفضـل إليكـم وحدكم أيها الزملاء …»([14])، وقد تمكن الاستعمار من الضغط على التعليم الإسلامـي، وشجع على تنفيذ ذلك في فلسطين أن منصراً بريطانياً مـن أصل يهـودي ـ يدعـى «بومـن» ـ تولى مسئولية التعليم في فلسطين إبان الاحتلال البريطاني، وكذلك الأمر في معظم الدول الإسلامية([15]).
وفعلاً تم التركيز على إعطاء التاريخ الغربي بكل تفاصيله ودقائقه النصيب الأكبر من المناهج، وذلك على حساب التاريخ الإسلامي، كما تم تقليص حصص الدروس الدينيـة، ومساواة حصص اللغة الإنجليزية بحصص اللغة العربية، لاعتقاد المنصرين بأن نشر التعليم الإنجليزي يجعل «الاعتقاد بكتاب شرقي مقدس أمراً صعباً جداً»([16])، وهذا ما يقوله المنصر «تاكلي»([17]).
وفي المقابل عمل المنصرون على الإكثار من إنشاء مؤسساتهم التعليمية في فلسطين، وغيرها من دول العالم الإسلامي، لأنها وسيلتهم للاتصال بالناس، وطريقهم لدعوتهم إلى مذاهبهم على اختلافها([18]).
وقد تم تزويد تلك المدارس بالقسيسين والرهبان وذوي الخبرة بما تنطوي عليه النفس العربية والإسلامية، حيث تظاهر هؤلاء الخبراء بدراسة مشاكل الشبابالمختلفة، لينفذوا إلى نفوسهم لجذبهم إلى مذاهبهم المختلفة، فهم يُسخرون العلم لتحقيق مآربهم، ويهتمون به لأجل مصالحهم([19]).
كما يرى المنصرون أن التعليم النصراني في تلك المدارس ما هو إلا وسيلة لقيادة الناس إلى المسيح، وأن تعليمهم ليس له غاية إلا لجعلهم نصارى، أفراداً، وشعوباً([20]).
ويولي المنصرون اهتماماً خاصاً بإنشاء مدارس داخلية للبنات، نظراً لما يكون في تلك المدارس من فرص أقـوى للتأثير عليهن، كما أنهم لم يهملوا إنشاء المدارس العادية لهن.
وحـاول المنصـرون التركيـز علـى الفتيات المسلمات، فعملوا على اجتذابهن إلى مدارسهم بكل وسيلة، لأن الفتيـات أقصر طريق لتفريغ قلب المسلمين من الإيمان، لما تملكه الفتاة من المقدرة على التأثير فيمن حولها([21])، ولأن مدارس البنات من وجهة نظر المنصرين «تتولى عنهم مهمة تحويل المجتمع الإسلامي، وسلخه من مقومات دينه»([22]).
وقـد اشتهرت من بين تلك المدارس في فلسطين، مدرسة بنات نابلس الأهلية، والتي تدار بأموال الفاتيكان تحت إشراف هيئة تنصيرية، وتُقبِل الفتيات المسلمات على الدراسة فيها بنسبة عاليـة، وكـان يتم التهجم على الإسلام وعادات المسلمين من قِبَل المُدَرِّسات في تلك المدرسة بشتى الوسائل، مثل انتقاد دفن الموتى بالأكفان الرخيصة، وعـدم استعمـال التوابيـت، وكذلك التهجم على رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم في تلك المدرسة، وغيرهـا، من خلال طعنٍ مدروس، فقـد وُصف مثلاً بأنه لـم يفعل شيئاً يستحق عليه الذكر، وأنه اقتبس الإسلام مـن اليهودية، والنصرانيـة، وأنه كان راعياً مزواجاً، وغير ذلك مما كان، ولا يزال يثار ضد الإسلام من شبهات، ومطاعن([23]).
وبصورة عامـة فقـد اهتمـت إدارة المؤسسات التعليميـة باختيار أفضل المواقع لمدارسها وسائـر المؤسسات، كما قامت بدعمها مالياً، فاحتلت أهم المناطق وأجملها في دول العالـم الإسلامـي، وامتلكـت مباني فخمة، وتمكنت من إدارتها وفق نظم تربوية تعليمية متطورة جعلت أبناء المسلمين يُقْدِمون على الالتحاق بها، والدراسة على مقاعدها لما يجدونه فيها من تميزٍ عن المدارس الحكومية والمحلية([24]).
وتُخَرِّجُ هـذه المدارس أعـداداً كبيـرة نسبياً مـن طلاب المسلمين، قد تربوا تربية غربية أو أمريكية، تؤهلهم للوصول إلى مراكز قيادية مؤثرة في مجالات أعمالهم([25])، وهم يحملـون علوماً غربيـة صورت لهم الدين الإسلامي مجرد عقيدة شخصية لا علاقة لها بالحيـاة الإنسانية، كمـا صورت العبادات التي هي فرائض وواجبات ـ على أنها تقاليد العصور المظلمة وأنها رجعية ولا فائدة منها في الوقت الراهن. كما أكسبت تلك المدارس خريجيهـا من أبنـاء المسلمين مبـادئ تتناقـض مـع تعاليـم الإسلام في جميع المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والأخلاقية، مما أفقدهم القدرة على التمييز والنقد البنـاء، وجعلهـم يعتبـرون أن كل ما تعلموه هو مقياس الصحة والصواب، وانتقدوا الإسلام بهـذا المقياس الناقص، والقاصر، لدرجة أنهم كلما وجدوا اختلافاً مع الغرب حَمَّلوا الإسلام ما ليس فيه، وحرفوا مبادئه واستبدلوها بما تعلموه من مبادئ غربية، وظنوا أن التقدم، والرقي، ومسايرة النهضة الحديثة لن يكون إلا عن طريق اتباعالغرب، وأصبح متعارفاً بينهم أن كل ما يعرض عليهم من أوروبا، أو أمريكا هو ثقة، ومعتمد، وكل ما يعرض عليهم من القرآن والسنة، أو العلوم الإسلامية، فلا بد من إثباته بالحجة، والبرهان، والدليل([26]).
هـذه ثمرات التعليـم النصرانـي وهي «إخراج أجيال متنكرة لدينها، ولأمتها، ولأوطانها، تابعة للغرب، متشبثـة بذيول الحضارة الأوروبية وبريق ألوانها بما فيها من انحلال وفوضى خلقية وسلوكية، دون الأخذ بعوامل النهضة المادية الحقيقية»([27])، ولو نشأت تلك الأجيال في غير هذا الوسط الاستعماري التنصيري، ولو تعلمت في مدارس إسلامية لما أصيبت فلسطين بنكبتها، ولما شرد أهلها الآمنون إلى مختلف بقاع الأرض([28])، لذلـك تحـرص الأمـم الغربية ذات السيـادة والقوة ـ والتي تعرف خطورة ذلك ـ على عـدم السماح بإنشاء مـدارس أجنبيـة فـي بلادها حتى للدول التي ترتبط معها بأقوى الروابط، فإنجلترا مثلاً لا يوجد فيها مدارس أمريكية، وفرنسا كذلك، حتى دولة الكيان الصهيوني فإنها لا تسمح لأية جهة أجنبية بإنشاء أية مدرسة أجنبية فيها([29]).
ثالثاً ـ إنشاء الجامعات:
تقـوم بعثات التعليم العالـي التنصيرية التي تفد إلى دول العالم الإسلامي عامةً بإنشاء الكليات، والمعاهد العليـا، فـي المجتمع المسلم، كالجامعة الأمريكية، والجامعة الفرنسية([30])، ففـي فلسطين يوجـد فـرع للجامعة الأمريكية في جنين، كما قامت البعثةالبابوية من أجل فلسطين ـ والتي أنشئت من قِبَل البابا «بيوس الثاني عشر» عام 1949م بهدف مساعدة اللاجئين الفلسطينيين ـ باتخاذ قرارٍ بإنشاء جامعة بيت لحم، وكان ذلك بعـد زيارة البابا «بولس السادس» إلى الأراضي المقدسة عام1964م، بهدف منع زيادة الانهيـار بيـن الجماعـات والطوائـف النصرانيـة المختلفـة، وللاهتمـام بأمر التعليم في فلسطين، وقـد عقـدت اللجنة المقدسة للكنائس الشرقية برئاسة البابا اتفاقاً مع «أخوة المـدارس المسيحيـة» Brothers of Christian Schools، لتقـوم بإدارة جامعة بيت لحـم التـي افتتحت فـي شهر أكتوبر عام 1973م، وكان الهدف المنشود من إقامة هذه الجامعة هو الاعتناء بالصفوة هناك لتخريج قادة في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة والدينية، إضافة إلى تعزيز الحضور النصراني في الأراضي المقدسة، ولتكون دليلاً علـى اهتمـام الكرسي الرسولي البابوي بالناس بصورة عامة وبالشباب بصورة خاصة([31]).
والاعتناء بالصفـوة كمـا يرى المنصرون ما هو إلا تسريب للآراء النصرانية من خلال الصفـوة هـذه إلـى المجتمـع المسلم بتلقائية، وذلك لفشلهم في نشر تلك الآراء بالقوة، ولقلة عدد من صرفوهم عـن الإسلام، وبذلك يتسنـى للمنصرين التأثير على الجيـل الناشئ في البلاد الإسلامية، وخاصة قادة الرأي من أبناء المسلمين الذين يُتوقع لهـم أن يشغلـوا المناصـب العليـا ذات التأثيـر الفعال في جميع المجالات ثقافياً وأدبياً، وسياسيـاً، وإدارياً، ودينياً، ثـم تحاط هـذه المجموعـة بهالة إعلامية وتوجه إلى المقدمة لتتولى مهمة القيادة فيما بعد.
ويعلن بعض المؤسسين لتلك الجامعات والكليات بصراحة عن غاياتهم الحقيقية مـن تأسيسها، وهـي أنهـا وجدت لـ «تُعلِّم الحقائق الكبرى التي في التوراة وأن تكون مركـزاً للنـور المسيحي وللتأثير المسيحي»([32])، وليس رغبة في نشر التعليم والأخلاق، ولا يخفـى أن بـث مثـل تلـك المعتقدات النصرانية من خلال التعليم الجامعي له الأثر السيئ فـي صد المسلم عـن دينـه، وتفكيك الوحدة الإسلامية ليسهل احتواء المجتمع والسيطرة عليه([33]).
كمـا يبرر المنصرون جعلهـم الإنجيـل مـن المواد الأساسيـة للتعليم في الجامعة الأمريكية أنها «كلية مسيحية، أسست بأموال شعب مسيحي… ليوجدوا تعليماً يكون الإنجيل من مواده، فتعرض منافع الدين المسيحي على كل تلميذ… وهكذا نجد أنفسنا ملزمين بأن نفرض الحقيقة المسيحية على كل تلميذ… وإن كل طالب يدخل إلى مؤسساتنا يجب أن يعرف مسبقاً ماذا يطلب منه»([34]).
ومع كل ما بُذل من جهود للتنصير من خلال الجامعات، إلا أن المنصرين قد فشلوا في إفساد المسلمين بالقدر الذي يريدونه، ولكنهم استطاعوا أن يبعدوهم عن دينهم ولو قليلاً، مع صبغهم بشيءٍ من الأخلاق النصرانية([35]).
ولا يزال موضوع الجامعات يشغل بال المنصرين، وأحدث ما طرح من مخططات فـي هذا المجـال ما دعـا إليـه «بروس نيكولاس» ـ الـذي يعمـل مع اللجنة اللاهوتية للرابطة التنصيرية العالمية ـ من البحث عن طلاب نصارى ناجحين يستطيعون أن يلتحقوا بمختلف الجامعات الإسلامية، والارتباط بدراسة حقيقية فيها، ولكن عليهم أن يقوموا بجانـب دراستهـم الأكاديميـة بالشهـادة للمسيـح أي التنصيـر فـي تلـك الجامعات الإسلامية([36])، وقد حاول أحد المنصرين ويدعى «جورج» والذي كان قد التحق بالجامعة الإسلاميـة بغـزة ببرنامـج الوسائـط المتعددة أن يمـارس التنصير بين طلاب الجامعة، علاوة علـى أنه أراد أن يجعـل مشروع التخـرج المقـرر عليه بحثاً يتناول فيه بالدراسة الشهادة للمسيح، بمعنـى تعريف العقيدة النصرانية، وعرضها من خلال بحثه، ولكن هذا البحث لـم ينل الموافقـة عليه إلا بعد حذف كل ما يعارض العقيدة الإسلامية من صلب ونحو ذلك، وبذلك لم يكمل مشروعه التنصيري الذي أراد أن ينشره من خلال الجامعة الإسلامية.
رابعاً ـ المناهج المدرسية:
شجع الإقبال المتزايد من قبل أبناء المسلمين على الالتحاق بالمؤسسات التعليمية التنصيريـة علـى استمـرار المدارس النصرانيـة في تقديم تعاليمها، وعلى تشويه صورة الإسلام وتقبيحـه([37])، فقـد كانـت تلك المدارس في فلسطين في بداية تأسيسها ترفض الالتزام بالمناهج الرسمية، حتى لا تصبح مثل المدارس الحكومية فتفقد صفتها التنصيرية، ويصبح لا غاية من وجودها([38])، أما الآن فمع مرور الزمن لم تتمكن تلك المدارس من تحقيق ذلك الهدف كما يعترف بذلك كبارهم، حيث يقول سير «ريدر بولارد» ـ الذي كـان سفيراً لبريطانيـا فـي إيـران منذ عام 1939م حتى عام 1946م ـ : «إن كثيراً من المسلمين يقدرون أعمـال الجمعيـات التبشيرية في التعليم والتطبيب، ولكنهم يصمون آذانهم عن دعوتها الدينية»([39])، ولهـذا السبب أصبحـت مهمة تلك المدارس أن تغرس في نفوس الطلاب كـل ما يثيـر في نفوسهم الإعجاب بحضارة الغرب عبر العديد من الأساليب، مـن خلال المنصرين والمنصرات، والمعلمين والمعلمات، ومن خلال المناهج الدراسية، أو الأنشطة الفنية اللاأخلاقية، والتي تعتمد على الاختلاط بين طلاب وطالبات تلك المدارس، من تمثيل، وغناء، وأناشيد، ورقص، وحفلات، ونحو ذلك([40])، وتعتمد المدارس التنصيرية على الكتب الغربية التي كتبت بأقلام حاقدة على الإسلام، وتتناولالموضوعات العلمانية، وتحمل بين طياتها الآراء النصرانية([41])، كما تحاول المدارس التنصيرية مـن خلال مناهجها الشفوية تهيئة جوٍ نصراني للطلاب، وتحملهم على ممارسة التقوى النصرانية والسلوك النصرانـي وخاصة إذا كانوا أطفالاً، حتى ينشأ هذا الطالب وتنشأ معه فلسفة نصرانية للحياة، وترسخ فـي قلبه العقيدة النصرانية([42]). يقول «دانبي» أحد المنصريـن: «كـان التعليم وسيلة قيمة إلى طبع معرفة تتعلق بالعقيدة المسيحية والعبادة المسيحية (في نفوس الطلاب)»([43])، وذلك بعدما عُهد إليه في مؤتمر «القدس التنصيري» ـ المنعقد عام 1935م بإشراف فرع فلسطين من لجنة التعليم للمجلس التنصيري المتحد ـ بوضع كتاب توجيهي يتضمن ما وصل إليه المؤتمر من الملاحظات، فكانت هذه من ضمن ملاحظاته([44]).
كما تسعى المدارس التنصيرية الخاضعة للإشراف الحكومي في البلاد الإسلامية إلـى تجنب إدخال أي شيء فـي المنهـج الرسمي للمدرسة، واعتماد طريقة بث الأفكار التنصيرية بواسطة الأنشطة اللاصفية، وكذلك عن طريق العلاقات الشخصية([45]).
كذلك رياض الأطفال تبذل كل ما في وسعها لغرس مبادئ النصرانية في قلوب الأطفال بعـدة وسائل مختلفـة، منها تفضيل عيسى عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بعرض وعاءين أمام الأطفال، الأول يكتـب عليه اسم محمد، والثاني اسم عيسى، ويطلب من الطفل القيام بفتح كل وعـاء، فيجـد الطفل وعاء محمد صلى الله عليه وسلم فارغاً، ووعاء عيسى عليه السلام مملـوءاً بكل ما يحـب ويشتهـي، ثـم يطرح عليهم بعد ذلك السؤال الخبيث هل تحبون محمـداً؟ إنه لا يعطيكم شيء.. هل تحبون عيسى؟ فهو يعطيكم كل ما تحبون([46])، ونحو ذلك من الوسائل التـي تعتمـد على المقارنة السطحية بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام.
ومـن ضمـن وثائـق جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وثيقة مرسلة إلى رئيس المجلس الشرعي الإسلامي ـ الجمعية المركزية للأمر بالمعروف والنهي عنالمنكر بتاريخ نيسان 1936م، حملت هذه الوثيقة شكوى من وجود مدرسة تبشيرية في غزة تعلم الأطفال كراهية الدين الإسلامي، وتلقنهم هذه العقيدة الباطلة([47]).
وجاء في وثيقة أخرى بتاريخ 17/ 12/ 1354ﻫ الموافق 11/ 3/ 1936م، أن المعلمات في مدرسة المستشفى الإنجليزي بغزة تلقن الطلاب في المدرسة مثل هذه الأمور مثل (عيسى أحسن من محمد) وتعلمهم رسم الصليب بأصابعهم ونحو ذلك([48]).
كما يفرض على المدرسين في المدارس التنصيرية من قبل القائمين عليها تدريس كل ما فيه شبهات ومغالطات على الإسلام، ووجوب تحذير التلاميذ المسلمين منها كما يجـب عليهـم استغـلال العلم بطـرق خبيثـة، حيـث استخدموه كوسيلة لنشر الفساد الأخلاقي، والاجتماعي في العالم([49])، ومن الكتب التي تضمنت التهجم على الإسلام، وكانـت تدرس في الشرق والغرب لتشويه صورة الإسلام، كتاب بعنوان «البحث عن الدين الحقيقي»، وهـو محاضرات في التعليم الديني مؤلفه «المنسنيور كولي»، صدر عن اتحاد مؤسسات التعليم النصراني في باريس طبعة 1928م، وقد جاء في صفحة: 220 مـن ذلك الكتـاب: «الإسلام ـ في القرن السابع (للميلاد) برز في الشرق عدو جديد، ذلك هو الإسلام الـذي أسس علـى القوة وقام علـى أشد أنواع التعصب. لقد وضع محمد السيف فـي أيدي الذيـن اتبعوه، وتساهـل في أقدس قوانين الأخلاق، ثم سمح لأتباعه بالفجور والسلب ووعـد الذين يَهلكون في القتال بالاستمتاع الدائم بالملذات. وبعـد قليل أصبحت آسية الصغـرى وأفريقيـا وأسبانيـا فريسة لـه، حتـى إن إيطاليـة هددها بالخطر. وتناول الاجتياح نصف فرنسا. لقد أصيبت المدنية ولكن هياج هؤلاء الأشياع (المسلمين) تناول في الأكثر كلاب النصارى… ولكن انظر، ها هي النصرانية تضع بسيف شارل مارتـل سداً في وجه سير الإسلام المنتصر عند بواتيه (752م). ثم تعمـل الحـروب الصليبية فـي مـدى قرنين تقريباً (1099 ـ 1254م) في سبيل الدين فتدجـج أوروبـا بالسلاح وتنجـي النصرانيـة، وهكـذا تقهقـرت قوة الهلال أمام راية الصليب وانتصر الإنجيل على القرآن وعلى ما فيه من قوانين الأخلاق السهلة…»([50]).
هذا من الكتب التي تؤلف في الغرب عن الشرق بكل ما تحمله من تعصب وحقد وتشويه للحقائق، والأدهى من ذلك أنها تدرس في الشرق المسلم، ومن المدارس التي كانت تعتمد هذا الكتاب ضمن مناهجها المدارس التابعة لرهبنة الفرير في فلسطين، وغيرها من الدول([51]).
ومـن هذه الكتب أيضاً كتاب بعنوان «تاريخ محاضرات ج. إيزاك»، حررها «أ. ألبا» للشرق الأدنـى لطلبة الصف الخامس، يتناول تاريخ العصور الوسطى، وطبع في مطابع الآداب الفرنسية فـي بيروت، ومما جاء في هذا الكتاب في صفحة: 31: «واتفق لمحمد في أثناء رحلاته أن يعرف شيئاً قليلاً مـن عقائـد اليهود والنصارى. ولما أشرف على الأربعين أخذت تتراءى له رؤى أقنعته بأن الله اختاره رسولاً».
وجـاء فـي صفحة: 32: «القرآن مجموع ملاحظات كان تلاميذه يدونونها بينما كان هو يتكلم، وقـد أمر أتباعـه أن يحملوا العالم كله على الإسلام بالسيف إذا اقتضت الضرورة».
وفـي صفحة: 126: «ودخلـت فلسطين فـي سلطان الكفرة منذ القرن السابع للميلاد»([52])، وقد كان هذا الكتاب يدرس في مدارس البطريركية([53]).
ومن الكتب التي كانت تدرس في مدارس القديس يوسف للبنات في فلسطين؛ كتـابٌ يتناول تاريخ فرنسا وهو معـدٌ ليدرس لصفـوف الشهادة الابتدائية، قام بتأليفه «ﻫ. غبرمان»، و «ف. لوستير»، ومما جاء في هذا الكتاب عن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم: «إن محمد مؤسس دين المسلمين، قد أمر أتباعه أن يخضعوا العالم، وأن يبدلوا دينه هو بجميع الأديان، ما أعظم الفرق بين هؤلاء الوثنيين وبين النصارى، إن هؤلاء العرب قـد فرضـوا دينهـم بالقـوة، وقالـوا للناس: أسلموا أو موتوا بينما أتباع المسيح ربحوا النفوس بيدهم وإحسانهم، مـاذا كان حال العالم لو أن العرب انتصروا علينا، إذن لكنا نحن اليوم مسلمين كالجزائرييـن والمراكشيين»([54])، وغير ذلك من الكتب التي شملت التهجم على الإسلام، ونبي الإسلام([55]).
وهكذا يُدّرِّس المنصرون مثل هذه الكتب في مدارسهم لأبناء المسلمين، ثم يزعمون أنهم جاءوا للتعليم والتهذيب.
كمـا يلحـق بتلك الكتب كتـب الخلافـات التـي تتضمن ردوداً على الإسلام، واعتراضات على عقائده وتاريخه، والقسم الأول من هذه الكتب يقصد بها الطلابعلى مقاعد الدراسة، والقسم الثاني منها للقراء عامة([56]).
ومـن الخطط المستقبليـة التـي أُعلـن عنهـا مؤخراً في مؤتمر «كوالالمبور» الذي اختتم أعماله يوم الخميس بتاريخ 10/ 5/ 2001م تطبيق برنامج «محو الأمية والتنصير»، هذا ما عرضته منظمة «الزمالة التنصيرية الدولية» ضمن رسالة تشتمل على آخر تطورات هذا البرنامج، وذلك ضمن ملف وزعته على الأعضاء المشاركين، خلاصة هذه الرسالة أن المنصـر إذا عـرف أشخاصاً يريـدون تعلـم القراءة في منطقة عمله فإن لدى منظمة الزمالة برنامج لمحو الأمية بمحتويات إنجيلية، تعين الطالب على تعلم القراءةوالكتابة، وقراءة فقرات من الإنجيل من الأحرف الأولى، كلٌ بلغة بلده، فالهدف من هذا البرنامج محو الأمية للتمكن من قراءة الكتاب المقدس([57]).
وقد كان المنصرون يكلفون المدرسين الذين يعملون في مؤسساتهم بأن يقسموا يميناً بأن يوجهوا جميع أعمالهم نحو هدف واحد وهو التنصير، فكان المدرسون لا يألون جهـداً فـي تنفيذ ذلك حتى في الدروس التي لا علاقة بينها وبين الدين، فيعملون على تذكيـر الطلاب بالمبـادئ النصرانيـة وتحسينها وتحبيبها إليهم، مقابل الطعن بالإسلام، والتنفير منه، وذلك تطبيقاً لما جاء ضمن قرارات مؤتمر «القدس التنصيري» المنعقد عام 1935م في القدس، والذي يقضي باستغلال كل درس في سبيل تأويل نصراني لمختلف أقسام العلوم حتـى علـم النبـات، والتاريـخ، وكذلك دروس اللغة الإنجليزية كانت تستغل في ترجمة أجزاء من الكتاب المقدس إلى اللغة العربية([58]).
ومـع ذلك فلـم يتمكن المنصرون من إفساد المسلمين بالقدر الذي تمنوه، لذلك قنعوا بإبعادهم قدر الإمكان عن الدين الإسلامي([59]).
ومن هنا تتكشف حقيقة التنصير التعليمي، ومهمة المؤسسات التعليمية، وهي تخريج طبقة جديدة من الناس غير متمسكة بالنصرانية، وغير محافظة على الإسلام، طبقة تنسلخ من تراثها الديني، والأخلاقي، ولا تطبق تراث غيرها، طبقة أصبح منهاج حياتها غريبـاً دينيـاً، وأخلاقياً، وثقافياً، واجتماعياً، وهـي غيـر متمسكـة بالإسلام، كمـا أنها لا تنجـذب نحـو النصرانية بل تنساق نحو العلمانية، والإلحاد، والانحلال، في الدين، والخلق، والتفلت من كل القيم، والأخلاق([60]).
خامساً ـ المناهج الجامعية:
تعتمد الجامعات التنصيرية في مناهجها على استغلال الكتب الموضوعة من قِبَل المستشرقيـن للتهجم على الإسلام والمسلمين، والكتب التي اشتملت على اعتراضات علـى الإسلام وعقائده وتاريخه([61])، كمـا تساعـد البعثات التعليمية الوافدة إلى الدول الإسلامية في وضع المناهج التربوية لبعض المراحل الدراسية العليا، وتساهم أيضاً في عمليات التخطيط للتعليم العالي، وقد تسبب الاستعمار الذي أضعف المؤسسات العلمية، والتعليمية الإسلامية في البلاد الإسلامية في إعانة المنصرين على فرض مناهجهم تلك، لتكون بديلاً عن المناهج الإسلامية([62]).
كمـا لـم يغفـل المنصرون أهمية عقد الندوات العلمية، والمحاضرات في مختلف الجامعات، واهتموا بإصدار نشرات، وكتب تستهدف الإسلام، والمسلمين تمتلئ بالسموم، والمطاعن على الإسلام، وتاريخ الإسلام([63]).
سادساً ـ الكتب الثقافية:
يعتبـر المنصرون أن نشر الكتب التنصيرية هو نشر للفكر النصراني دون مناقشة وجدل، أو تسبب فـي إحـداث خصومـات مباشـرة، كما أن نشر تلك الكتب هو أكثر فائدة من نشر الفكر، والعلم النصراني عـن طريـق المجادلة، والمناظرة، فإلقاؤها هكذا بيـن يـدي القارئ هو أعم نفعاً من وجهة نظر المنصرين، وأجلب للمحبة التي هي آلة المنصر، والتي لها وقع كبير على القلوب([64]).
ويستغـل المنصرون أحياناً الأشخاص الذين تحولوا إلى النصرانية، أو النصارى الذين يعيشون في بلاد المسلمين مـن حيـث قدرتهم على فهم العقلية الإسلامية، الأمر الذي يجعلهم أكثر قدرة علـى عرض أفكار المنصرين المطلوب نشرها بواسطة كتاباتهم بشكل أفضل([65]).
كما يحاول المنصرون استغلال وجود بعض التشابه الظاهري في بعض المسميات بين القرآن وما يقولونه، فمثلاً عندما يسمي القرآن الكريم عيسى عليه السلام كلمة الله، والتي تعني أن الله ألقى كلمته، وهي أمره ليولد المسيح عليه السلام بهذه الصورة المعجزة، فإن المنصرين يستغلون ذلك ويفسرون الكلمة بأنها دليل على ألوهية عيسى عليه السلام والعياذ بالله([66]).
ويتـم التركيـز علـى توجيـه الكتب إلى طبقتين من المسلمين، وهما طلبة العلوم الشرعيـة لتكون مراجـع للبحوث الدينيـة التـي يكتبهـا هؤلاء الطلبة بكل ما فيها من سموم، ولا يمكن لإنسان أن يشك في مقاصدهم إلا إذا كان يعرفهم، والطبقة الثانية هي طبقة النساء لإفسادهـن([67])، ومـع ذلك فلا يهمـل المنصـرون بقية القراء، وفيما يلي بعض الكتب النصرانية التي تسوق على أنها كتب ثقافية، وما هي إلا كتب تنصيرية:
1 ـ الطريق إلى السلام بحسب الكتاب المقدس:
هـذا الكتـاب مـن تأليـف «هلمـوت هاردر» وهـو بروفيسور لاهوت في كلية «المانونايت الكندية للكتاب المقدس»، قام بترجمة هذا الكتاب إلى العربية «بسام إلياس بنورة»، وهو يعمل محاضراً في كليـة«بيت لحم للكتاب المقدس»، والكتاب يقع في 51 صفحـة، وهو عبارة عن دراسة توصل من خلالها المؤلف إلى أن اللاعنف هو جزء من انجيـل المسيـح، وأن طريـق المحبة فقـط هـي الطريـق النصرانيـة، وأنها كذلك طريق السلام، ثـم يتبـع هذا العـرض أسئلة للمناقشة والدراسة، تدور حول وظيفة الكنيسة ودورها فـي إحلال السلام فـي العالم، محلياً، ودولياً، وعالمياً، وأيضاً دور الإنجيل في توضيح معنى السلام، والأسئلة مذيلة بنصائح إرشادية منها:
«ابـدأ جوابـك بالقطع المقتبسة من الكتاب المقدس المذكورة في هذا الكتيب ثم انظر إلى قراءات أخرى من الكتاب المقدس»([68]).
2 ـ الكتاب المقدس هو كلمة الله:
وهو من تأليف «جون جلكرايست»، من منشورات «نور الحياة ـ استراليا»، ويقع الكتـاب فـي 64 صفحة، ويتضمـن هـذا الكتاب رداً على كتاب «أحمد ديدات» أشهر المدافعين عـن الدين الإسلامـي أمام المنصريـن، ويستخـدم المؤلف الآيات القرآنية في غير محلها للاستدلال على أقواله التـي حشدها فـي هذا الكتاب، ولم يكتف بذلك، بل ألحق بالكتاب مسابقة يدعو القارئ لحلها بعد التعمق في قراءة الكتاب المقدس، مقابل جوائز هي عبارة عـن كتـب روحية نصرانية، ترسل لمن أجاب على الأسئلة، ومن هذه الأسئلة:
«اكتب آيتين قرآنيتين تبرهنان أن التوراة والإنجيل لم يتحرفا واكتب شاهديهما.
لماذا أمر عثمان بإحراق كل نسخ القرآن ما عدا نسخته هو؟
كيف توفق بين سلسلة نسب المسيح في إنجيلي متى ولوقا([69])؟
ثم يذكر عنوان المراسلة الذي يمكن إرسال إجابة المسابقة عليه.
وهكذا فإن هذا الكتاب يطعن مؤلفه من خلاله بصحة القرآن الكريم، وبصحة سنده مقابل إثبات صحة الكتاب المقدس، وتراجمه، وعدم تحريفه.
3 ـ أسئلة يطرحها المسلمون تحتاج إلى أجوبة:
هذا الكتاب من تأليف «دل كنغز رايتر»، صورة الغلاف لهذا الكتاب عبارة عن مسجد، وفي الصفحة الأخيرة عنوان للمراسلة للحصول على معلومات إضافية، يقع هذا الكتاب في 36 صفحة، ويرد فيـه مؤلفه علـى تساؤلات المسلمين حول الثالوث، والصلب والخطيئـة، وروح القدس، بردود تبدو لديه قوية، وهي واهية ضعيفة، ومن خلال ردوده هذه يدعو القارئ إلى دراسة أسفار معينة من الكتاب المقدس حتى يتضح له المعنى، كما يدعو المسلمين إلى تأمل نشاط وأسلوب حياة المخلصين من أتباع المسيح، ويدعوهـم إلـى قراءة كتـب معينـة، وأيضاً يدعوهم إلى الحوار مع النصارى من أجل التفاهم والتقارب([70]).
4 ـ مجادلة الأنباجرجي الراهب السمعانـي مـع ثلاثة شيوخ من فقهاء المسلمين بحضرة الأمير مشمر الأيوبي:
عنـي بمقابلتها وتحريرهـا أحـد الرهبـان المرسلين الكاثوليك في أفريقيا، وهيقصة مختلقة تصور مدى قوة راهب نصراني واحد في حجته، وإقناعه لثلاثة فقهاء وأميرهم، وأن النتيجة لهذه المجادلة هي اقتناع الأمير برأيه وتقريبه منه وإفحامه للفقهاء الثلاثة، ويقع هذا الكتاب في 110 صفحة([71]).
5 ـ سأبقى معكم:
ويشتمل على تعاليم القديس «متى»، مضافاً إليه أسئلة بعد كل فصل، وهو من تأليف «ميشال عويط»([72]).
6 ـ نظرات مسيحية معاصرة:
مـن تأليف «لويس أبي عتمة»، الذي حاول من خلاله استعراض جميع الحلول الملحدة وغير النصرانيـة لحـل مشكلة الألم، والشر، والحرب في العالم بإيجاز، ثم تطرق إلـى الحلـول النصرانيـة، وقـدم لها دراسة تفصيلية، لأنها في نظره هي الطريق الجديدة السعيدة([73])، ويقع هذا الكتاب في نحو مائتي صفحة.
7 ـ المعلم سيرة عيسى المسيح:
وهـو من تأليف «يحيى البولاقي»، ويروي فيه قصة المسيح ومعجزاته بأسلوب جذاب يقنع القارئ بصحتها([74])، ولقد حصلت الباحثـة على هذا الكتاب من معرض للكتاب أقيـم على أرض الجامعة الإسلامية قبل عامين([75])، ويقع هذا الكتاب في مائتي صفحة.
8 ـ الله اختارني للحياة الأبدي