جاري التحميل

سبب تأليف الموطأ

سبب تأليف الموطأ

كتب عن هذا الموضوع الدكتور ابراهيم حمود إبراهيم في كتاب الإمام ابن ناصر الدين  إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م ، فقال :

 وردت روايات كثيرة في سبب تأليف الإمام مالك للموطأ، منها ما يقول: بأَنـه رأى عمل عبد العزيز بـن الماجشون في تأليفـه لموطئـه فأراد أن يفعـل مثل عمله.

قال القاضي عياض: «أول من عمل الموطأ عبد العزيز بن الماجشون عمله كلاماً بغير حديث، فلما رآه مالـك قـال: ما أحسن ما عمل، ولو كنت أنا لبدأت بالآثار، ثم شـددت ذلـك بالكـلام, ثم عـزم على تصنيف الموطأ»([1]). وروايات أخـرى تقول: إن الذي أمـر الإمـام مالك بذلك هو الخليفـة العباسي أبـو جعفر المنصور.

وقد ساق القاضي عياض هذه الروايات مفصلةً، فقال: «روى أبو مصعب: أن أبا جعفر قال لمالك: ضع للناس كتاباً أحملهم عليه، فَكلّمهُ مالك في ذلك، فقال: ضَعهُ، فما أحدٌ أعلم منك، فوضع الموطأ فلم يفرغ منه حتى مات أبو جعفر».

وفي رواية: «وقال له أبو جعفر وهو بمكة: اِجعل العلم يا أبا عبد الله علماً واحداً. قال: فقلت له يا أمير المؤمنين: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في البلاد فأفتى كلٌ في مِصره بما رآه، وفي طريق، إن لأهـل هذه البلاد قولاً، ولأهل المدينة قولاً، ولأهل العراق قولاً تعدوا فيه طورهم.

فقال: أما أهل العراق فلست أقبل منهم صرفاً ولا عدلاً، وإنما العلم علم أهل المدينة فضع للناس العلم.

وفي روايـة: فقلت لـه ـ أي الإمـام مالـك ـ: إن أهـل العـراق لا يرضون علمنا([2]).

فقـال أبو جعفـر: يُضرب عليـه عامتهـم بالسيف، وتُقطع عليه ظهورهم بالسياط»([3]).

ومن هنا يمكن القول: إن الإمام مالك رأى عمل غيره فلم يعجبه لأنه رأى فيـه نقصاً، فأراد أن يدعمه بالأحاديث والآثار، وجاءت رغبة الخليفة أبي جعفر المنصور في دعم هذا العمل وحَمْلِ الناس عليه.

*  *  *

 



([1])   ترتيب المدارك (1 / 101ـ 103).

([2])   ترتيب المدارك (1 / 101 ـ 103).

([3])   ترتيب المدارك (1 / 101 ـ 103), وينظر: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهاني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط4/ 1405ﻫ: (6/332), الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهم، ابن عبد البر، دار الكتب العلميـة، بيروت: (ص41), كشـف المغطى في فضل الموطأ، ابن عساكر، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر العمروي، دار الفكر، بيروت، ط/ 1995م: (1/27), (سير أعلام النبلاء، الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، محمد نعيم العرقسوسي, مؤسسة الرسالة، بيروت، ط9/ 1413 ﻫ: (8/98).

الموضوعات