جاري التحميل

عدد أحاديث الموطأ

عدد أحاديث الموطأ

كتب عن هذا الموضوع الدكتور ابراهيم حمود إبراهيم في كتاب الإمام ابن ناصر الدين  إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م ، فقال :

تختلف عـدد أحاديث الموطأ باختلاف نسخه، فنجد زيادة في بعض النسخ على البعض الآخر وهذا يعود إلى أن الإمـام مالـك كـان يزيد فيه بحسب ما يراه مناسباً، وتلقى عنه تلامذته في أوقات مختلفـة فاختلفت نسخهـم. قال محمد أبو زهرة:كان ـ أي الإمام مالك ـ كثيراً ما يسقط منه أحاديثَ رواها، حتى لقد حسبوا أنه في الأصل كـان نحـو عشرة آلاف حديث، فلعل الذين زادوا قد رووه عنه في وقت، ثم أسقـط منـه بعـد روايتهم شيئاً، فجاء الذين رووا من بعدهم، وأخذوا عنهم ما لم يسقطه، فكان ما بأيديهم أكثر مما بيد غيرهم([1]). وهذا ما قرره الدكتور بشار عواد فيما نقله عنه محمد مصطفى الأعظمي، قال: قال الدكتور بشار عواد: أما اختلاف الموطآت فيعود فيما نـرى لسببين: الأول: اختلاف الأزمنة التي أخذ فيها كل راوٍ روايته، مما يبين أن مالكاً كان يعدل ويغيّر في ترتيب الكتاب وتبويبه،ويزيد فيه وينقص منه هنا وهناك، أو يغير في لفظه مما يراه مناسباً، ومن هنا يتعين الانتباه إلى آخـر مـا ارتضـاه من الموطأ باعتباره يمثل النشرة الأخيرة التي أرادها المؤلف لهذا الكتاب([2]). 

وذكر الأعظمي عدة أمثلة تدل على اختلاف نسخ الموطأ ووجود أحاديث في نسخ وإغفالها في نسخ أخرى([3]). ونقـل السيوطي عدة نقولات عن العلماء تدل على عدم الاتفاق على عدد معين، فقال: قال أبو بكر الأبهري: جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين ألف وسبعمائة وعشرون حديثاً، المسنـد منهـا ستمائة حديث، والمرسل مائتـان واثنان وعشرون حديثاً، والموقوف ستمائة وثلاثة عشر، ومن قول التابعين مائتان وخمسة وثمانون.

وقال ابن حزم: أحصيت ما في موطأ مالك فوجدت فيه من المسند خمسمائة ونيفاً، وفيه ثلاثمائة ونيف مرسلاً، وفيه نيف وسبعون حديثاً قد ترك مالك نفسه العمل بها، وفيه أحاديث ضعيفة وهّاها جمهور العلماء.

وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: روى الموطأ عن مالك جماعات كثيرة، وبين رواياتهم اختلاف من تقديم وتأخير وزيادة ونقص، وأكبرها رواية القعنبي،ومن أكبرها وأكثرها زيادات: رواية أبي مصعب، فقد قال ابن حزم: في موطأ أبي مصعب زيادة على سائر الموطآت نحو مائة حديث.

وقال الغافقي في مسند الموطأ: اشتمل كتابنـا هذا على ستمائة حديث وستة وستـين حديثاً، وهـو الـذي انتهى إلينـا من مسند موطأ مالـك([4]). انتهى كـلام السيوطي.

وقد قمت بالرجـوع إلى بعـض النسخ المطبوعة للموطأ ووقفت على عدد ما ورد فيها من الأحاديث، فهذه بعض الأمثلة على اختلاف العدد بين النسخ:

 روايـة يحيى بن يحيى الليثي([5]): وهـي الروايـة الأشهر والمقصودة عند إطلاق الموطأ، ووصل الرقم إلى (2861)حديثاً بما في ذلك الآثار وأقوال مالك.

2 ـ رواية أبي مصعب الزهري (ت: 242ﻫ)([6]): بلغ عدد أحاديثها (3069) حديثاً، وقـد شمـل الترقيم كذلـك أقوال الإمام مالك. وتوجـد روايات أخرى مطبوعة مثـل روايـة: محمـد بـن الحسن (ت: 179ﻫ), وعبد الرحمن بن القاسم (ت: 191ﻫ)، والقعنبي (ت: 221ﻫ)، وسويد بن سعيد (ت: 240ﻫ) لم أذكرها، لأنها ليست كاملة فالكثير من الأبواب ساقط منها، فذكرت فقط النسخ الكاملة وعملت مقارنة بينها حتى يتضح الفرق في العدد.

وفي ختام هذا المطلب أقول: لقـد كان الإمام مالك يزيد ويُنقص في الموطأ بحسب ما يراه مناسباً، وما عليه عمل أهل المدينة في ذلك العصر، والله أعلم.

*  *  *

 



([1])   مالك حياته وعصره: (ص 243).

([2])   الموطأ برواية يحيى بـن يحيـى الليثـي، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان، الإمارات، ط1/1425ﻫ ـ 2004م: (1/59).

([3])   ينظر: مقدمة تحقيق الموطأ برواية يحيى الليثي (1/114ـ 117).

([4])   تنوير الحوالك (1/9).

([5])   وهي بتحقيق بشار عواد معروف، طبعة دار الغرب الإسلامي، ط. 2/1447، 1997م.

([6])   وهي بتحقيق بشار عواد معروف، ومحمود محمد خليل، طبعة مؤسسة الرسالة، بيروت، ط3/ 1418ﻫ، 1998م.

الموضوعات