مكانة الموطأ
مكانة الموطأ
كتب عن هذا الموضوع الدكتور ابراهيم حمود إبراهيم في كتاب الإمام ابن ناصر الدين إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك والذي صدر عن دار المقتبس في طبعته الأولى سنة 1439هـ - 2018م ، فقال :
الموطـأ من كتب السنة المعتمدة، ونال مكانة عظيمة في نفوس الناس حتى أن بعض العلماء قدّمـه على الصحيحين، كالإمام أبي بكر بن العربي، قال: (الموطأ هو الأصل الأول واللباب وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهما بنى الجميع كمسلم والترمذي)([1]).
والذي يدعم هذا القول ما قاله بعض العلماء في مكانة الموطأ، من ذلك ما قاله الشافعي: (ما على ظهر الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك)،وفي لفظ: (ما بعد كتاب الله أنفع من الموطأ)([2]).
وأجـاب النوويعن قـول الشافعي: بأن هـذا كـان قبل وجود صحيحي البخاري ومسلم، وهما أصح من الموطـأ باتفاق العلماء([3]). قال الحافظ مغلطاي: أول من صنف الصحيح مالك([4]).
وقال الحافظ ابن حجر: كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما([5]).
قال السيوطي: مـا فيـه من المراسيل فإنهـا مع كونهـا حجة عنده بلا شرط وعند من وافقه من الأئمـة على الاحتجاج بالمرسل فهـي أيضاً حجة عندنا، لأن المرسل عندنا حجة إذا اعتضد، وما من مرسل في الموطأ إلا وله عاضد أو عواضد، فالصواب إطلاق أن الموطأ صحيح لا يستثنى منه شيء، وقد صنف ابن عبد البر كتاباً في وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضل([6]).
وحلّ هذا الإشكال الدكتور نور الدين عتر قال: والتحقيق أن الاختلاف في هـذا يسـير يمكـن أن يعتـبر خلافاً لفظياً، وذلك بأن نقول: الموطأ أول كتب الصحيح وجوداً، بالنظر إلى مطلق الجمع للحديث الصحيح، نعني جمعه ممزوجاً بغير المرفوع من أقـوال الصحابـة والتابعين، وذلـك وصـف الموطأ، فإنه جمع في الباب بعض ما ورد فيه من الحديث المرفوع ومن أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، وكثيراً ما يعقب عليها ببيان العمل بها وما يتفرع عليها من مسائل الفقه. فلم يكن الموطأ مجرداً للحديث المرفوع بل ممزوجاً بغيره.
أما الجامع الصحيح للإمام البخاري فهو أول مصنف للحديث الصحيح المجرَّد، لأن البخاري ميَّز أقوال الصحابة والتابعين فلم يوردها في سياق واحد معالحديث المرفوع، بل أورد منها أشياء في تراجم (أي عناوين الأبواب)([7]).
قال الإمام النووي مؤيداً الرأي القائـل بتقديم الصحيحين على الموطأ: هو أول مصنف صنـف في الصحيح المجـرد، واتفق العلماء أن أصح الكتب المصنفة صحيحا البخاري ومسلم، واتفـق الجمهـور على أن صحيـح البخاري أصحهما صحيحاً وأكثرهما فوائد([8]).
* * *